أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
اليكم حالة الطقس في الأردن ليومي الجمعة والسبت السيناتور ساندرز لنتنياهو: التنديد بقتل 34 ألفا ليس معاداة للسامية "بيتزا المنسف" تشعل جدلاً في الأردن البنتاغون: الولايات المتحدة بدأت بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات تنظيم الاتصالات تتخذ تدابير لإيقاف التشويش في نظام “GPS” حماس ترد على بيان الـ18 : لا قيمة له الإحصاء الفلسطيني: 1.1 مليون فلسطيني في رفح الذكور يهيمنون على الأحزاب الأردنية إحباط تهريب 700 ألف كبسولة مكملات غذائية مخزنة بظروف سيئة المومني: الأحزاب أصبح لها دور واضح في الحياة السياسية الأردنية قوات الاحتلال تكشف حصيلة جرحاها في غزة .. وتسحب لواء "ناحال" الوطني لمكافحة الأوبئة: الأردن خال من أية إصابات بالملاريا القيسي: لا شيء يمنع تأجير قلعة القطرانة لمستثمر أردني وتحويلها لفندق اليابان تغتال حلم قطر في بلوغ الأولمبياد حماس مستعدة للتوصل لهدنة لمدة 5 سنوات ولن تسلم الأسرى قبل انتهاء الحرب الأردن على موعد مع حالة ماطرة استثنائية تستمر 10 أيام سموتريتش: حان الوقت لعودة الموساد إلى التصفية. أردني يبيع عنصر أمن ماريجوانا .. ماذا قالت المحكمة؟ - فيديو. استطلاع: 53% من الأميركيين لديهم ثقة ضئيلة بنتنياهو. الحكومة تتعهد بتسهيل تدفق السواح الروس للأردن
حارس شجرة التوت

حارس شجرة التوت

31-08-2016 02:52 PM

كنّا ثلاثة أطفال نسير متّجهين الى البساتين الحجازية ، حيث توجد شجرة التوت الكبيرة ، العالية الوحيدة في أرض خلاء .

 

كانت الشمس في كبد السماء ، وأخذ العرق يتصبب منّا ونحن نسرع الخطو بالقرب من المقبرة على طريق ترابي فنتعثّر بالحجارة و تتعفّر وجوهنا وملابسنا بالتراب . وكانت صنادلنا البلاستيكيّة تصدر أصواتا مخجلة ، لا نعير لها اهتماما ، ناتجة عن تعرّق أقدامنا .

 

بسمل أكبرنا وأستعاذ بالله من الشيطان ورفع يديه بالدعاء للميتين ، وتمتم بكلمات لم نفهم منها شيئا ، ربّما كان يدعو لأمّه التي فارقت الحياة وهي في ريعان شبابها وتركته مع اخوته يقارعون الحياة وحدهم بعد تزوّج أباهم .

 

وكان علينا أن نصل الى شجرة التوت وارفة الظلال عالية الاغصان لذيذة طعم الثمر ، قبل أن يأتي الرجل العجوز الذي كنّا نسميّه حارس شجرة التوت .

وقفنا في ظلّها ، واختلفنا في من يصعد الشجرة ليقطف ثمرا ناضجا ، وكنت أنا أخفّهم وزنا فصعدت الى أوّل غصن كبير لم يكن فيه ثمر وواصلت الصعود ، ولم أكد أصل الى بداية الاغصان التي عليها ثمر حتّى صرخ أحد رفيقاي من أسفل الشجرة أن رجلا عجوزا يحمل عصا يتّجه نحونا ، والتفّت فرأيته وبدلا من أن أنزل الى الارض أصبحت في أعلى الشجرة وكأنّي تسلقت أغصانها من غير وعي ، وهرب صديقاي سريعا من دون أن يلتفتا واختفيا خلف التلة التي تتربع عليها المقبرة .

 

وصل الرجل الى أسفل الشجرة ، ولم ينظر الى اعلاها ، ولكنّه أخذ يمسّد على أغصانها ويطبطب عليها وكأنّها طفل صغير ، ثم جلس على الارض ووضع عصاه الغليظة الى جانبه واسند ظهره الى جذع الشجرة , ولم أدر أنا ماذا أصنع .

 


أخذ الوقت يمر ولا يتحرّك الرجل من تحت الشجرة وظننت انه غفا فتحركّت ، فأصدرت الاوراق حفيفا حرّك معه رأسه ، ثمّ سكن .

 

وظننت أنّه سيذهب للمسجد لصلاة العصر التي اقترب موعدها ، لكنّه لم يفعل . نظرت من أعلى الشجرة الى كلّ الجهات ، فبدت لي القبور وكأنّها لا ترتفع عن الأرض ومتساوية جميعها .

 

ثمّ الى الجهة الجنوبية حيث جحر الغولة الذي لم نكن نجرؤ على الدخول فيه للقصص الكثيرة المرعبة التي سمعناها عن الغولة التي تسكنها وتأخذ الاطفال لتأكلهم فيها ، وفجأة من بعيد وقبل الغروب بقليل رأيت قطيع غنم بيضاء وسوداء ، ثمّ بدأ صوت الجرس المعلّق على رقبة الكبش المرياع يعلو شيئا فشيئا والراعي سالم راكبا حماره وكلبه يجري في كلّ الاتجاهات ، وكان يسير أمامه القطيع الذي كان فيه غنم ونعاج كلّ بيوت الطور والشامية ، حيث كنّا نأتي به الى ساحة الشاميّة بعد صلاة الفجر ليرعاها سالم في المراعي المحيطة بالمدينة ولا بدّ أن غنمنا ونعاجنا معه .

 

أقترب القطيع كثيرا من شجرة التوت وانطلق كلب سالم القوي الذي كنت أخاف منه كثيرا الى أسفل الشجرة , وأخذ ينبح بشدّه ناظرا للأعلى .

 


ظنّ الراعي سالم أن الكلب ينبح على الرجل الجالس تحت الشجرة ، الاّ أنّه أدرك أنّ هناك شيئا في الأعلى ، فرآني من دون جهد .

 

سلّم وسأل الرجل الجالس عن الحال وعن الولد في أعلى الشجرة ان كان حفيده .

 

هزّ الرجل رأسه نافيا وحرّك عصاه متوعدا . وبعد أن أمسك الراعي كلبه وكفل أن لا يضربني أحد نزلت خائفا مرتعدا وأجبت عن سؤال من أكون ولم تسلّقت الشجرة ، ضحك الراعي الذي كنت أعتقد أنّه لا يضحك أبدا ، ثمّ قال للرجل ، لم يبقي لك السيل الكبير الذي اجتاح المدينة من البستان الجميل الذي ورثته عن أبيك وجدّك الاّ هذه الشجرة ، فاجعلها لله واترك الاطفال يأكلون منه .

 

هزّ حارس شجرة التوت رأسه وعصاه ولم ينبس ببنت شفه ، وغادر .

 

رافقت الراعي سالم قاصدين الساحة حيث ينتظره أصحاب الغنم . وبدأ يعدّ سيجارة من التبغ قوّي الرائحة ويقول ، لقد هدم السيل سور البستان واقتلع الاشجار كلّها وبقيت شجرة التوت المعمّرة وحيدة ، ويأتي هذا الرجل كلّ يوم ليجلس تحتها ويتفقدّها فهو لا يستطيع أن يتسلّق أغصانها أو أن يأكل من ثمرها ولا يرى لأبعد من متر واحد أمامه ، نظر اليّ وتبسّم وهشّ على غنمه ومضى .

 


عدت الى البيت ويداي وملابسي مصبوغة باللون الاحمر من التوت الذي لم أتمكّن من أكله ، وحاولت الهروب من عقاب والدي من دون جدوى ومشفقا على أمّي التي غسلت يداي والملابس مرّات كثيرة .





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع