محمد فراج: ممثل يتقن اختيار أدواره بعناية

محمد فراج: ممثل يتقن اختيار أدواره بعناية

زاد الاردن الاخباري -

من خلال دورين متناقضين يقدمهما الممثل المصري محمد فراج في الموسم الدرامي الحالي، يبرز أدواته وقدراته في تقمص أي شخصية يلعبها، في مساحة تعكس كل تفاصيلها بذكاء.

فموهبة الممثل محمد فراج، تتمثل في تواجده على الشاشة، فيشعر المشاهد بأنه لا يبذل أي مجهود فيما يقدمه، لأن تلك الشخصية التي يجسدها تظهر قربية ومطابقة للواقع، وبرع فراج في اختيار أدواره بعناية فائقة وأعطى كل عمل حقه ووقته وجهده لتكون كاملة.

فمنذ الموسم الرمضاني الماضي، كان محط الأنظار من خلال دوره "علي الروبي" في مسلسل "تحت السيطرة" إلى جانب نيللي كريم، فدوره كان مركبا بين حالة العاشق والمدمن، بأبعادها الكاملة على الصعيد النفسي والفكري والجسدي متعاملا مع قضية حساسة هي المخدرات وأثرها على الشباب.

وعبر مشاركته في مسلسلين مختلفين في الموسم الحالي، ظهر في الأول كشخصية مغايرة من بيئة بسيطة في الأحياء الشعبية من خلال "محسن" في مسلسل "الميزان" للمخرج أحمد خالد موسى وسيناريو باهر دويدار وإلى جانب الممثلة غادة عادل وباسل خياط وآخرين.

فيما الدور الثاني هو في مسلسل "سقوط حر" بشخصية طبيب نفسي يدعى "وليد مهران"، وظهر منذ الحلقة 12، وفيه يتعامل مجددا مع كاتبة السيناريو مريم نعوم إلى جانب الممثلة نيللي كريم أيضا مع المخرج شوقي الماجري.

وفي دوره كمحسن عبد التواب في "الميزان"، أبرز حالة الصراع بين الخير والشر وبين الجريمة والثواب والعقاب وبين الحب وقساوة الحياة وتضحياتها، والأهم تلك الحالة والعلاقة في المشاهد التي جمعته مع والدته في منزلهما وطريقة الحوار التي لا تخلو من كوميديا وسخرية وحب واستياء من واقع الحياة التي دفعته ليبتعد عن كل المشاكل وإن خاض معاركه الخاصة في سبيل الحب وتحقيق العدالة ولو بدت بأبسط مفاهيمها.

وهذا التنوع يفرض نفسه لممثل يشق طريقه والتي تحتم، بحسب فراج أن يواجهها في تحديات مختلفة بحسب الدور الذي يعرض عليه، ومساحة الشخصية أمر مهم فلا يجب أن تكون واحدة على حساب أخرى، خاصة حين يقدم أكثر من عمل في الوقت نفسه. ويعتبر فراج أن على الممثل أن يجيد الدور الذي يعرض عليه ولا يحصر نفسه في قالب ونمط معين، كي لا يضيع فرصه في تقديم شخصيات جديدة.

وخلفية فراج ترتبط بالمسرح في بداياته، شارك في أدوار صغيرة في مسلسل "تامر وشوقية" وعدد من الأفلام قبل أن تكون مشاركته الأكبر هي في مسلسل "الجماعة" مع المخرج محمد ياسين، ومن ثم مشاركته في مسلسل "شربات لوز" مع الممثلة يسرا والمخرج خالد مرعي، وهي أدوار، بحسبه، صقلت مهارته وكشفت جوانب في قدرته على تقديم شخصيات مختلفة، معتبرا أن الشخصية التي يلعبها لها أثرها على الممثل وواجبه أن يقدمها حقيقية لا لبس فيها كي تعبر عن السياق الذي طرحت فيه، فضلا عن خلق تفاعل وأثر على الظروف التي وجدت فيها كما في شخصية "جاك نيكلسون" في "ذا ولف".

ويفضل فراج أن يغوص في أعماق الشخصية لكشف كل جوانبها، والمدخل المناسب لها، منوها إلى أن ممثل المسرح يكون متمكنا قادرا ومناسبا لكل الأدوار؛ إذ يجب احترام الشخصية ودراستها كمن يرسم لوحة وعليه دراسة مدى قربها وملاءمتها لها؛ حيث يبذل قصارى جهده للعبها وتجسيدها أمام الكاميرا.

وعلى الرغم من مشاركته بعملين وظهوره كضيف شرف في ثالث "بنات سوبر مان" للمخرج حسام علي، فإن فراج لا يحبذ فكرة الزخم في الأعمال؛ حيث تحتاج أي تضحية مهما بدت مساحتها، فالأدوار كما يرى فراج تحتاج الى فرصة كي تنضج وتتطلب جهدا وتركيزا ليظهرلتنال حقها.

وعلى الرغم من مشاركته في العديد من الأعمال الدرامية، لكن للسينما رونق وسحر ومذاق خاص، بحسب فراج، وهي تختلف كثيرا عن المسرح والتلفزيون، ولها قواعد وأصول. وشارك محمد فراج في أفلام عديدة آخرها فيلم "هيبيتا: المحاضرة الأخيرة" لمخرجه هادي الباجوري، و"خانة اليك" لأمير رمسيس، وكانت البطولة له في الفيلم الكوميدي "قط وفار" للمخرج تامر محسن إلى جانب الممثل محمود حميدة، كما ظهر في كل من فيلم "الجماعة"، و"18 يوم" وغيرهما.

وفي أدواره كلها، أظهر فراج قدرة على عكس الحالة التي تعيشها أي شخصية يجسدها، والانتقال من دور لآخر بنضج وحرية بدون أي تكرار لأدواره، فدوره كطبيب نفسي في مسلسل "سقوط حر" بشخصية "وليد مهران"، يعد أول مرة يقدم فيها أنموذجا للطبيب النفسي وإن لم يدرس التخصص، لكنه قدم فيها مجهودا واضحا لجعلها حقيقية ترتبط بالظروف التي تحيط به.

فذلك الدور، تطلب منه تقديم حالة الطبيب الحديث في مستشفى للأمراض العقلية، في منافسة إلى جانب من هم أكثر خبرة منه فيريد أن يثبت قدراته المعرفية والشخصية في علاج مرضاه بأسلوب حديث، بعقلانية وعاطفة متوازنة، وهو ما أظهره حتى هذه اللحظة بدون مبالغة وزيف.

وكممثل، فإن مهنته ومسيرته لا تخلو من تحديات، فالعمل بالنسبة له يعني الحذر في الاختيار بين الملاءمة له والجودة الفنية، وموافقته على أي عرض مرتبطة بالتركيز على الأدوار التي يلعبها والتطور باختيار أدوار أصعب، مشيرا إلى تجربة مر بها وهي مشاركته في مسلسل "الجماعة" والذي عرف به في العام 2010 بشخصية "حسين علي هارون شحاتة"، وكانت أول مرة يتعاون بها مع السيناريست وحيد حامد والمخرج محمد ياسين، ومشهد واحد في هذا العمل كان كفيلا في تعريفه للجمهور.

وتعامل فراج مع العديد من المخرجين منذ بدايته، فكانت له مشاركة من خلال دوره "رجب الفرخ" في مسلسل "بدون ذكر أسماء" لتامر محسن، ومؤلف العمل وحيد حامد، والذي أعاده للعمل مع حامد في فيلم "قط وفار" من خلال شخصية (حمادة عبد ربه الفار). كما تعامل مع المخرج يسري نصر الله في آخر أفلامه "الوجه الحسن"، والمخرجة نادين خان في "هرج ومرج".

والتجربة التي ما يزال يخوضها محمد فراج أثبتت حتى هذه اللحظة أن التمعن في اختيار الأدوار والعلاقة بين المخرج وإدارته لممثليه دور كبير في إظهار أبرز ما لديهم واستقطاب مهاراتهم وأسلوبهم الخاص في الظهور بوجه جديد مقنع على الشاشة التي يتنافس فيها الكثيرون في كل موسم، فبين شخصية المدمن لدور الضابط مقابل الهجام والطبيب النفسي، الكوميدي، العصبي والجاد والعاطفي، والتشويق والمغامرة والأكشن، وهي كلها أدوار تفرض وتتطلب من مؤديها أن يتحضر بشكل جيد لعيش حالته وفهمها ودراستها بكل حركاتها وتعبيراتها لتبدو واقعية، وهو ما جعل منه ممثلا بارعا.