زاد الاردن الاخباري -
إن حياة الإنسان بمراحلها المختلفة محكومه ومضبوطه بالكثير من المنبهات والمؤشرات، وهناك تأثير إيجابي لهذه المؤشرات والمنبهات على نوعية حياة الانسان، وكلما كان هناك مؤشرات تتمتع بدقة كبيرة ومنبهات مناسبة فإن رحلة الحياة ستكون أكثر أمانا بل ومكللة بالنجاح والأنجاز مع حدود دنيا من الأخطاء والانحرافات.
فشعور المولود بالجوع مؤشر ذاتي تحكمه الهرمونات، وبكاؤه منبه للأم لإطعامه. ومع نمو الطفل يبقى مؤشر الجوع تحكمه الهرمونات ولكن يختلف ويتطور المنبه من البكاء الى طلب الطعام. ويبقى المؤشر كما هو مع تقدم العمر ولكن يختلف المنبه ويتطور وقد ينتهي مع نضوج الانسان وقدرته على تأمين وتحضير ما يحتاجه من طعام بالإضافة لظهور بعد جديد وهو الاستجابه لهذا المؤشر، والتي يحكمها منبهات أخرى لها علاقة بالوزن والرغبة في انقاصه او اختيار انواع معينة من الأغذية تناسب وضعه الصحي بشكل أكبر.
ويتعامل الانسان بمحيطه مع الكثير من المؤشرات والمنبهات فمن مؤشر حرارة السياره الى منبه مصباح مؤشر البنزين وجرس منبه حزام الأمان، وكما نعلم كلما كانت المركبة حديثة و متطوره كلما كانت مؤشراتها و منبهاتها اكثر وكلما كانت أكثر أمانا و كانت الرحلة باستخدامها أكثر راحة ورفاهية. ولا شك أن جميع هذه المؤشرات و المنبهات تخدم في النهاية رؤيا أمان ورفاه الإنسان.
والآن أدق الجرس بقوة، لعل وعسى أن يسمع صاحب القرار.
لا بد من صياغة رؤيا عامة حقيقية لوطننا الغالي ضمن استراتيجية وطنية تتضمن غايات وأهداف استراتيجية تصب في تحقيق ما أمكن من هذه الرؤيا. قد يسارع البعض بالحديث أنها موجودة، فأجيب إنها حبر على ورق منزوعة الدسم لا تسمن ولا تغني من جوع.
لا بد أن يكون للدولة مؤشرات ومنبهات مرتبطة بشكل حقيقي مع الغايات والاهداف الاستراتيجية التي تصب في النهاية في تحقيق الرؤيا الوطنية للدولة. لا بد لكافة استراتيجيات القطاع العام والقطاع الخاص أن تنبثق من الاستراتيجية العامه للدولة، ولا بد أن تساهم في تحسين مؤشراتها، ولا بد أن تعي كل المؤسسات العامه والخاصة المؤشرات الوطنية المطلوب منها المساهمه بها.
ولا بد أن تكون كافة المؤشرات واضحه وشفافه و معلنه للجميع تبين لكل مؤسسة درجة المساهمة فيها. ويتم عملية تقييم دورية لمدى مساهمة كل مؤسسة في تحقيق ما هو مطلوب منها ومحاسبتها على تقصيرها إن وجد، ومكافأتها ان حققت اكثر مما هو مطلوب منها. ويجب أن تتم عملية التخطيط بتشاركية عالية من قبل كافة المؤسسات العامه والخاصة حتى يتبنى ويتحمل الجميع مسؤولية تحقيقها، ولا بد أن يشارك المواطنون برأيهم من خلال استطلاعات حقيقيه لهذا الرأي. ليس هناك مسؤول واحد لغاية واحده، إن المسؤولية يجب أن تكون موزعه.
إن مسؤولية الأزمات المرورية على سبيل المثال لا تقع على كاهل البلديات وحدها بل على وزارة الأشغال و دائرة السير وعلى السائقين وعلى الماره وعلى وزارة التربية وربما هناك غيرها. كل له مسؤوليته التي تبدأ من تصميم و تنفيذ الطرق الى هندسة عملية المرور ومنح التراخيص على الشوارع بالاضافة الى تنظيم عمليات المرور الى أن نصل الى ثقافة ووعي السائقين والماره وأخلاقيات القيادة.
متى نبدأ؟
متى نبدأ بوضع منهج للتخطيط قابل للتطبيق؟ متى نبدأ بتجذير وتثبيت غاياتنا الوطنية وإن تغير الأفراد؟ متى نبدأ بوضع رؤية تكون منارة مضيئة و موجها لكل أبناء و مؤسسات الوطن؟ متى نبدأ بوضع مؤشرات لغاياتنا الوطنية؟ متى نبدأ بترسيخ ثقافة تحمل المسؤولية؟ متى نبدأ ببناء ثقافة وطنية مبنية على الشراكه؟
متى نبدأ؟
عمر اسماعيل ابو دوله