زاد الاردن الاخباري -
يبدو أن تنظيم داعش مهووس بالذهب، لاسيما وأنه نهب ما قيمته مئات الملايين من السبائك الذهبية حتى الآن. وربما يعود هذا الهوس إلى هاجس منطقي، وهو أن زمرة الإرهاب تعتقد أن الاقتصاد العالمي على وشك الانهيار إلى جانب نظام النقد الورقي الذي يعتمد عليه في الوقت الراهن.
وفي فيديو نشره التنظيم الإرهابي بعنوان: "النشأة المظلمة للنقد الورقي والعودة إلى الدينار الذهبي"، يقول مقاتلو داعش أن الأوراق النقدية عبارة عن "قطع ورقية لا قيمة لها"، ويؤكدون على أن ظهور الأوراق النقدية ينبع من "مفاهيم شيطانية للبنوك، تحولت إلى نظام استعباد واحتيال مالي يدبره الاحتياطي الفدرالي الأميركي".
لقد تم تحديد نشاط قادة داعش بقوانين وأحكام وزارة الخزانة الأميركية، بحيث منعوا من استخدام النظام المالي القانوني.
ولكن الذهب يلعب هنا دور الوسيلة التي يستطيع من خلالها التنظيم شراء ما يحتاج من أسلحة والمعدات، وذلك في ضوء أن المعادن لا تُرصد كما هو حال العملات الورقية والتحويلات البرقية.
وفي هذا الخصوص، قال رئيس شركة التحريات الخاصة "كرول"، دانييل كارسون: "إنه مقبول في شتى بقاع العالم، فلن يجادلك أحدهم أو يُساءل كيف يمكنك أن تدفع إذا ما عرضت عليه الذهب".
وبين كارسون، الذي سبق له التحقيق في قضايا الاحتيال المالية في نيويورك وتعقب أصول الرئيس العراقي صدام حسين، أن البنوك عادة ما تخفف معايير تحديد الهوية لعملائها في حال عرضوا عليها الذهب.
ومرة أخرى، يزعم تنظيم داعش أنه يسك ذهبه الخاص بشعارات يمكن التعرف عليها، ما يجعل من السهل تتبع مصدرها ووجهتها على أية حال.
ولكن للذهب عيوبه، فهو ثقيل جداً. ولنأخذ بالاعتبار ما يتطلبه أمر حمل ما قيمته مليون دولار من الذهب، لاسيما وأن حقيبة قماشية تحوي ما قيمته 100 دولار من الذهب تزن حوالي 58 رطلاً.
ومن جهته، أوضح العميل السابق المختص في مهام مكافحة الإرهاب من مكتب التحقيقات الفدرالي، مارتن ريردون: "من الأفضل لهم أن يستخدموا العملات النقدية العراقية والسورية التي يملكونها".
وباختصار: ليس الذهب وسيلة مريحة ويسيرة لإنجاز الكثير من المعاملات بسرعة.
"هذه مجرد أوهام تلف أمل العودة إلى القرن السابع تاريخياً، عندما كان الاقتصاد العربي المستند إلى الذهب في ذروته. والمغزى منه هو أن يجعل تنظيم داعش نفسه يظهر كشيء ليس عليه الآن ولن يكون عليه أبداً: وهو أن يصبح قوةً اقتصاديةً عالمية".
وعلى الرغم من ذلك، يعتبر تعلق داعش بالذهب أداةً للتجنيد أيضاً. وذلك في ظل أنه يقدم فرصة التحول بعيداً عن الطرق الغربية الحديثة الفاسدة، وفقاً للباحث العسكري الذي يُدرِّس في فرع كلية "كينغز كوليج" اللندنية في قطر، آندريس كريغ.
وعلى سبيل المثال، فجرت داعش نظام "البترودولار" الذي جعل من الدولار عملة الاحتياطي العالمي. وواصل الطلب على العملة الأميركية منذ الفترة التي وقع فيها الرئيس نيكسون اتفاقية مع السعودية، ودول منظمة الأوبك الأخرى، لتسعير صادرات النفط بالدولار الأميركي.
وفسر كريغ الأمر وشيوعه قائلاً: "لا غرابة في أن هذا السرد المناهض للإمبريالية يقترح أن أميركا تآمرت للسيطرة على العالم ولحرمان المسلمين من أموال النفط. وهذه دعاية مشهورة ينتقدها كل مسلم في المنطقة".
إن النفاق هنا هو أن تنظيم داعش يقبل ببيع براميل النفط لغيره بالدولارات الأميركية ليستخدمها في شراء معداته، وفقاً لكريغ.
CNN - ترجمة الغد