أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
السبت .. أجواء لطيفة الى معتدلة الاحتلال .. إحباط عملية تهريب كبيرة للسلاح في غور الأردن (صورة) محمود عباس يغادر المستشفى الأردني العمايرة ينال لقب "أفضل محارب في العالم" (صور) كيف فشلت استراتيجية "الردع" الإسرائيلي بعد 6 أشهر على حرب غزة؟ تشكيل فريق وزاري لإجراء جولات تفتيشية في المحافظات والبوادي صدور نظام جديد للاتحاد الأردني لشركات التـأمين بدء الاختبارات التجريبية لـ"التوجيهي" في المدارس الخاصة الشركات المدرجة تزود بورصة عمان ببياناتها المالية للربع الأول لعام 2024 يسعد دينك ما أزكاكي .. تودي بأردني إلى السجن (فيديو) حركة حماس: إرسال وفد يمثل الحركة إلى القاهرة السبت لاستكمال المباحثات لوقف إطلاق النار في غزة الأغذية العالمي : نقص التمويل يعرقل مساعدات اللاجئين بالأردن الاتحاد الأوروبي يدين هجوم مستوطنين على المساعدات الأردنية لغزة 100 ألف زائر لعجلون خلال يومين الملك وبايدن يعقدان اجتماعا خاصا الأسبوع المقبل روسيا مستعدة لبحث مقترحات سلام جدية وزيلينسكي يستعجل الأسلحة البريطانية منتدى الإعلاميين الفلسطينيين يطالب بالتصدي لمسلسل الاستهداف الإسرائيلي مسؤول أميركي: إسرائيل أبلغت بايدن بوضعها خطة لإجلاء سكان رفح رغم أوامر الفض والاعتقالات .. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات الأمريكية والأوروبية - تقرير حماس تشيد بمواقف الحوثيين المناصرة للشعب الفلسطيني
الصفحة الرئيسية ملفات ساخنة الانتخابات ومقاطعتها في الأردن: الخدعة تستمر

الانتخابات ومقاطعتها في الأردن: الخدعة تستمر

27-08-2010 09:41 PM

زاد الاردن الاخباري -

منذ انطلاق ما سمي بـ"المرحلة الديمقراطية" في الأردن في العام 1989 ونحن نعيش كذبة كبرى شارك في صياغتها الجميع: من السلطة السياسية وحتى أحزاب المعارضة والنقابات المهنية. فالميثاق الوطني كان خدعة لجهة عدم إنجاز أي تعديلات دستورية على دستورٍ يكرس هيمنة السلطة التنفيذية؛ وانتخابات 1989 كانت خدعة لإنهاء الحركة الشعبية ذات المطالب الاقتصادية/الاجتماعية/السياسية (هبة نيسان)، والتمهيد للدخول في عملية "السلام" مع الكيان الصهيوني وتوقيع معاهدة معه، واحتواء شخصيات المعارضة ضمن معادلة الحكم في إطار ديمقراطية مفرغة عملياً ودستورياً من مضمونها، ومن ثم احتواء الأحزاب السياسية بقانون الأحزاب لتنكشف هياكلها التنظيمية الهشة، وتنكشف عضويتها، وتقبل بالمحددات التي أملتها السلطة لتكون شروطاً للعبة السياسية؛ فتنهار المعارضة تماماً.

إفراغ البرلمان من مضمونه

أما البرلمان، ومن خلال قوانين مؤقتة متتابعة للانتخابات عززت التفتيت والمزيد من التفتيت، فقد تحول وبتسارع كبير من مجلس للرقابة والتشريع إلى مجلس للتنفيع والخدمات والتسهيلات: النائب يريد أن يوظف جمهور ناخبيه، أو يعبد طريقاً فرعياً يصل إليهم، أو يتوسط لهم في الدوائر الحكومية، وهذه كلها تقدمها الحكومة للنائب فيصبح الأخير مرتهناً لها. لقد كان قانون الانتخابات (الصوت الواحد) الذي كرس العشائرية والمناطقية والاقليمية والجهوية وحول العائلة والعشيرة إلى وحدة سياسية، هو الأداة الأساسية لتصفية الدور التشريعي والرقابي للبرلمان الأردني. وإن أضفنا إلى ذلك انعدام وجود المعارضة البنيوية الجذرية، يصبح دور البرلمان ـ سابقاً ولاحقاً - هو دور المتواطئ ضد المصلحة العامة (مصلحة الكل الاجتماعي) من أجل إعلاء المصلحة الخاصة التي يحملها قانون الصوت الواحد للناجحين بواسطته من ممثلي العائلات والعشائر والمناطق. والحال هكذا، لن يكون البرلمان إلا ملحقاً باهتاً للسلطة التنفيذية.

الأحزاب تقاطع.. بعد خراب مالطا!

صحيح أن اثنين من الأحزاب الأردنية المعارضة قررا مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة (الاخوان المسلمين وحزبهم: جبهة العمل الاسلامي، وحزب الوحدة الشعبية)، لكن هذا القرار السليم جاء متأخراً عشرين سنة، أدخلت البلاد خلالها (ومن بوابة الأحزاب) إلى دوامة الخداع والتضليل السياسي والديمقراطي. كان الأجدر بـ"المعارضة" أن تقاطع وتتخذ موقفاً واضحاً وجذرياً منذ هبة نيسان/ابريل 1989، أو أحداث الخبز 1996 على أبعد تقدير، لكن الخيار كان الاستمرار في اللعبة العبثية وإيصال الشارع إلى الاحباط التام من التغيير الذي هو فيه الآن. أما موقف أحزاب المعارضة التاريخية الأخرى (الشيوعيين والبعثيين وحشد) فيبدو هزلياً لأن إصرارها على المشاركة في الانتخابات وهي غير قادرة على إنجاح أي مرشح أو حتى نصف مرشح، يأتي من باب تسجيل نقاط حسن السيرة والسلوك لدى السلطة السياسية - لعل وعسى ـ متناسين أن السلطة لا تحتاج من هذه الأحزاب سوى شكلها الخارجي المفيد كديكور ديمقراطي من جهة، وكمساحات متحكم بها لاحتواء الناشطين السياسيين الشبان من جهة ثانية، وكأداة محتملة لمواجهة أي ظواهر قد تكبر لتشكل تهديداً من جهة ثالثة، الاخوان المسلمون مثلاً يشكلون مساحة امتصاص للسلفية الجهادية، اليسار القطري قد يشكل مستقبلاً مساحة لامتصاص الاخوان المسلمين..الخ.
إن المقاطعة الشعبية للانتخابات النيابية القادمة، التي أصبحت على ما يبدو هي الخيار السائد لدى جمهور كبير من الناس لم يسجل أصلاً في سجلات الناخبين، وآخرين لن يتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، تأتي انعكاساً لحالة اليأس من الوصول الى أية صيغة من صيغ الاصلاح السياسي التي جهدت السلطة السياسية في ترويج الدعاية لها عبر السنوات التي تلت رفع الأحكام العرفية، كما أنها تعبر عن يأسٍ مماثل تجاه أطراف المعارضة التي لم تستطع القيام بأي دور بل ـ وعلى العكس - كانت عقبة في وجه خوض النضالات الحقيقية والمباشرة.

المستفيد: الحرس القديم ويسار "الأردن أولاً"

المستفيد الوحيد من لعبة الانتخابات القادمة ولعبة مقاطعتها سيكون القوى الانعزالية التي تلعب على الهويات الاقليمية ومن الطرفين، خصوصاً مُدعي اليسار منهم (التيار الوطني التقدمي والمبادرة الوطنية الأردنية) الذين يحاولون اختراع العامل الاجتماعي للتغيير من خـــلال البنى التقليدية البدائية وباستعمال الهويات المابعد كولونيالية، أو يحاولون الركوب على الموجات الاحتجاجية العارمة في البلاد في أوساط العمال والمعلمين وإدخالها ضمن معادلاتهم المرتبطــــة بأجنــــحة داخل السلطة الســياسية وأجهــــزتها، وهم بذلك يدفعون الكتلة الاجتماعية في الأردن إلى معركة إلغاء داخلي بدلاً من معركة الإلغاء الحقيقية مع الصهاينة ومشروعهم في المنطقة العربية.
هذه القوى التي بدأت تصعد على انقاض أحزاب المعارضة التقليدية مستفيدة من جو اليأس والتأفف الشعبيين من الأحزاب، ستكون أخطر سياسياً واجتماعياً بحكم أولوية تناقضها الداخلي على الخارجي، فهي تطرح أولوية مواجهة ما تسميه "مشروع التوطين" و"الوطن البديل" على الصعيد الداخلي بدلاً من أولوية مواجهة المشروع الصهيوني الذي ستنتهي بانتهائه كل مشاريع التوطين والأوطان البديلة، إضافة لكونها مرتبطة بأجنحة داخل السلطة السياسية بدليل حرية حركتها وعملها في كافة أنحاء البلاد بدون مضايقات تذكر، رغم أنها غير مرخصة قانونياً وينطبق عليها تعريف التنظيمات غير المشروعة.
هذه الأجنحة (ما يسمى الحرس القديم) تضررت من دخول لاعبين جدد من رجال الأعمال النيوليبراليين الشبان على خط السلطة، وخاضت صراعاً مريراً لاستعادة مواقعها، وانتصرت في عدة مفاصل، أهمها إقالة باسم عوض الله (الذي كان ينظر إليه على أنه القائد الميداني للقادمين الجدد) ومن ثم حل البرلمان السابق الذي سُوق على أنه مرتبط بعوض الله ومشروعه. ويحرص الحرس القديم على تدعيم مقاطعة الانتخابات وتوسيع قاعدة الاستياء الشعبي الناتج عنها لاستعادة المزيد من المواقع في السلطة ومن خلال التلاعب بالأطر السياسية والشعبية المتحالف معها.

المطلوب: مقاطعة مزدوجة ومشهد معارض جديد

صحيح تماماً أن المقاطعة هي الخيار الأصح، لكن المطلوب هو المقاطعة الشاملة لكفتي ميزان السلطة السياسية: مقاطعة الانتخابات وجناحي السلطة (الحرس القديم والليبراليين الجدد) ومؤسسات السلطة "الديمقراطية" المفرغة من محتواها الحقيقي (مثل البرلمان)، ومقاطعة بُنى المعارضة (التقليدية من أحزاب ونقابات والجديدة من القوى والتنظيمات الانعزالية) التي صارت عبثية وملحقة بالسلطة السياسية وتعزز الانقسامات الاجتماعية؛ ومن ثم محاولة بناء مشهد معارض جديد يعيد طرح أدوات التحرر مافوق القطري بدلاً من الاصلاح الداخلي المستحيل، ويعيد طرح الهوية الطبقية (المُستغَل في مواجهة المُستغِل) بدلاً من الهويات المزورة (المنطقة والعائلة والعشيرة والأردني والفلسطيني)، ويحدد الصراع على أنه صراع في مواجهة المشروع الأمريكي ـ الصهيوني وامتدادته الإفقارية الداخلية وما يرافقه من فساد وتبعية بدلاً من الصراع الداخلي على الفتات.



هشام البستاني- القدس العربي





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع