زاد الاردن الاخباري -
قبل أسبوعين كتبنا أن "الأقصى في خطر شديد" .. ومع أن النداء الذي أطلقته لم يكن السبب في اندلاع (إنتفاضة السكاكين)، لأن شباب الأقصى وفلسطين، كان السيل عندهم قد بلغ الزبا، قبل أن يصلنا أو نسمع هديره، منذ اللحظة الأولى التي غرس الإحتلال مخالبه في بلادنا المباركة المقدسة، وراح يغتصبها مدينة تلو مدينة وقرية تلو قرية وحارة تلو حارة وبيتا تلو بيت.
الشباب الفلسطيني ومنذ حرب عام 48 وحرب 67 وبعد اتفاق السلام المشؤوم واخماد انتفاضتي الحجارة والأقصى، وبعد الشقاق العميق بين فتح وحماس سنوات طويلة، لم ينم على الجرح ولم ينس الألم ولم يسامح على الدماء التي سالت في كل شارع وبيت من بيوت فلسطين، ولم يتنازل عن الأرض التي اُحتلت والبيوت التي هُدمت والأشجار التي قُلعت، ولم يعترف بالإتفاقيات المزعومة ولا المجاملات الملعونة، ولم يجعله التخاذل العربي يغيّر رأيه في أصل القضية، ولم يسمح للعملاء والمندسين أن يخترقوا قلبه النقي العاشق المحب لوطنه، الشباب الفلسطيني ظل مؤمنا بعدالة قضيته مصمما على هدفه، قد لا تواتيه الظروف في كل الأحوال للتحرك، ولكن حين بات الأقصى الحبيب في خطر شديد ما عاد يحتمل الصبر أكثر، فكيف تصبر وأنت ترى بأم عينك العدو الغاشم يغتصب منك قسرا وجهرا وبلا خجل ولا وجل أغلى ما تملك وهو القدس الشريف !؟!؟
المحتل اللئيم لم يفكر في العواقب، رأى أن الأمة كلها مشغولة بالفتن، ورأى الدول العربية مقسومة ومقسمة ومنشغلة في نفسها، فبقي يثخن في الجسد الفلسطيني طيرانه ومدافعه وبنادقه ليل نهار ولسنوات طويلة، وأثخن أيضا في الأمة كلها الفتنة والويلاء، لكنه لم يعلم كم ترك في الشباب الفلسطيني من أثر بالغ حين اقترب كثيرا جدا من الأقصى، لم يعلم أن جيلا كاملا بطلا كان يتحضر في كل بيت فلسطيني سيخرج كالمارد يوما وينطلق بكل شجاعة نحو دبابات المحتل ومدرعاته، يواجهها بصدور عارية لا تخاف الموت ولا تخشى غير الله تعالى، المحتل ظن أنه روّض ذلك الجيل حين قتل أبائهم وسجن أشقائهم وعذب أمهاتهم، ظن بأن الشباب الفلسطيني سيصبح بلا شك جبانا خائفا مرعوبا ولم يتوقع أن يواجه هذه القوة الأسطورية في شباب فلسطيني أعمارهم لم تتجاوز العشرين بعد، ينطلقون بإنتفاضة نوعية مباركة.
الشباب الفلسطيني لا يريد دعما من أحد، لا يريد منظرين يطالبون بالهدنة ولا أحزاب تطالب بالتفاوض ولا دول متعاطفة تعلن دعمها من وراء البحار وليس لها مقصد سوى المكاسب السياسية، الشباب الفلسطيني يريد أن يوصل صوته للعالم، يريد أن يقول لكل من على الكرة الأرضة بأن فلسطين محتلة وأنه سيواجه المحتل، اليوم أو غدا وسيظل يواجهه حتى يغادر الأرض المحتلة بلا رجعة أبدا.