زاد الاردن الاخباري -
لا الطائرات ولا المدافع تستطيع إنهاء التطرف الديني الذي يبدو أنه تجذّر وترعرع ووجد حاضنته الإجتماعية وبيئته الخصبه في الشرق الأوسط وخاصة في مناطقنا العربية الإسلامية بسبب غياب العدالة والمساواة لقرون من الزمن .
وسادت بدل ذلك شريعة الغاب وهيمنت على المشهد عصابات المافيا التي إستباحت الأخضر واليابس ، تُحلّل وتحرّم بما يتناسب مع أهوائها ومصالح أفرادها ، لم يعد أحد يفرق بين الخطأ والصواب أو بين الظالم والمظلوم ، ولم يحدث ولو لمرة واحدة خلال العقود الماضيه أن حصل مظلوم على حق طالب به أو نال ظالم أوحرامي عقوبة ، حتى أمسى هذا الأسلوب المتبّع هو النمط الطبيعي لحياة المجتمعات العربية والإسلامية وإستمر خلط الأوراق وبقي نمط الحياة نفسه والأوضاع على ما هي عليه حتى بداية الربيع التونسي الذي تلاه ثورات وإنتفاضات شعبية إعتقدنا للوهلة الأولى بأنها ستكون بداية إرساء العدالة والديمقراطية والتي بدورها ستنهي كل أنواع التطرف ، وفرحنا حين شاهدنا هروب ديكتاتور تونس ، ومثول زميله المصري أمام العداله وتنحي علي عبدالله صالح و....إلخ .
حينها أيقن العرب بأن هناك بالفعل عدالة أرضية يستطيع الإنسان بإصراره وإرادته فرضها وإرساءها على هذه الأرض مثلنا في ذلك مثل جميع الشعوب الحرة الغير مقهورة ، التي تؤمن بأن الظالم يجب ينال عقابه مهما طال الزمان أو قصر !
فرحنا للصفحات الجديدة الناصعة البياض من حياتنا ، وبدى أملنا كبير بمستقبل أفضل وحرية سقفها السماء وعدالة بين أبناء اّدم ، إلاّ أنه يبدو بأن كوكب فينوس ، كوكب الحب والجمال ( الزهرة ) لم يتعرف علينا بعد ولن يُشرفنا بطلته البهية ولا حتى مروراً بهوائنا أو بسمائنا ، كما يبدو بأن ثقيل الظل كوكب زحل ( المعلم الكبير ) ستطول إقامته وهوالذي لم يفارقنا طيلة قرون .
ووجوده يسبب الكثير من النكد و المشاكل والهموم لأنّ مهمته بالأصل تدريب المبتدئين وإختبار قدراتهم على التحمّل وصقل شخصيتهم ، ولكثرة ما أصابنا من هَمْ وغَمْ وصقل ، يبدو لي بأنه ما زال في حضرتنا ، هناك ، في سماءنا ، وربنا يسترها معنا لأنّ لا أحد يعلم ما يخبئه لنا القادم من الأيام ، ورغم أننا قلناها بوجهه وبصوت مُزلزل .
كفى ، كفى ،، لقد هرمنا ولا قدرة لنا على المزيد من إختباراتك ، كنّا قبل الربيع صفر وها نحن عدنا إلى ما تحت الصفر ؛ "وكأنك يا أبو زيد ما غزيت " إكتفينا ، ولا مانع لدينا عودة زين العابدين لتونس وعبدالله صالح للحكم في اليمن ،وإستنساخ القذافي إن أمكن وبراءة حسني مبارك ( المظلوم ) ،وسنضحي أيضاً بهند الفايز ونطالبها بالجلوس ( أقعدي يا هند ) ، وكل هذه التنازلات مقابل إنّك تحل عنّا يا ... وتاخذ معاك داعش !!!
م. محمدالعابد