زاد الاردن الاخباري -
بينما تلقى نظام الرئيس السوري "بشار الأسد" صفعة مدوية برفض عرضه الانضمام إلى التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة للتصدي لـ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"؛ إلا أنه من ناحية أخرى ربما يرى في "داعش" طوق نجاة له في مواجهة الثورة السورية المطالبة برحيله منذ أكثر من ثلاث سنوات.
واعتبر متابعون للوضع السياسي في الشرق الأوسط أن هناك علاقة نفعية بين الأسد و"داعش".
وفي تحليل سياسي نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية لمراسلها الصحافي "كيم سينجوبتا"، أشار الكاتب إلى أنه يرى أن الأسد قد حظي بعدو طالما تمنى الحصول عليه لضرب معارضيه من الثوار السوريين المطالبين بدولة ديمقراطية في بلادهم؛ معتبرًا أن الوقت الراهن يمثل مرحلة دراماتيكية غير عادية في مسار أزمة الحرب الأهلية في الشام ولا يمكن معها توقع ما ستتكشف عنه الأحداث خلال الفترة المقبلة.
ونعرض في السطور التالية نص المقال كما ورد بالصحيفة وجاء فيه:
لقد كان قرار شن هجمات جوية ضد تنظيم "داعش"؛ (الذي يعرف أيضًا بتنظيم الدولة الإسلامية) قرارً متوقعًا: إلا أن المفاجأة الوحيدة هي أنه جاء قبل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع؛ حيث تقوم أمريكا بالدفعة الأخيرة لاستدراج دول أخرى في التحالف ضد "المتطرفين الإسلاميين".
إلا أن جدلًا كان يدور بشأن التحرك على نحو عاجل بدلًا من التأخير. فإعاقة تنظيم الدولة الإسلامية- في الوقت الراهن- عن توغله في العراق قد تسبب في وقوع اعتداء على شمال سوريا، والسيطرة على مساحات من الأراضي والدفع بأكثر من 130.000 من اللاجئين الأكراد إلى تركيا.
ومن ثم فلم تكن هناك فطنة عسكرية تذكر في السماح للتنظيم بترسيخ نفسه أكثر. كما لم يكن هناك كذلك حس إستراتيجي في إعلان الولايات المتحدة قصر تحركاتها على العراق إذا ما أتاحت لـ "داعش" الفرصة للتقهقر إلى النطاق السوري لتجديد الموارد وإعادة تنظيم الصف في مناخ ذي صلة.
إن أحد الأسباب الرئيسة التي جعلت من حركة طالبان في أفغانستان هدفًا شديد الصعوبة في إلحاق الهزيمة به هو ما توفر لها من ملاذ آمن في باكستان من خلال مناصريها وعناصرها الموجودة في جيش البلاد والشرطة السرية (جهاز الاستخبارات الداخلية). وهو ما كان ذريعة لشن ضربات جوية من طائرات بدون طيار عبر الحدود على الثوار. إلا أن الصواريخ والقنابل قد أودت أيضًا بحياة عائلات وجيران لهذه الأهداف؛ الأمر الذي أدى إلى إثارة الغضب في باكستان، وبالمثل فهناك مخاطرة كبيرة أمام الغرب من أن تلحق بالمواطنين السوريين العاديين "أضرارًا جانبية".
إن حقيقة مشاركة دول إسلامية- (البحرين والأردن وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة)- في الهجمات يرجع إلى قلق واشنطن من تصوير العملية على أنها "حملة صليبية" غربية، إلا أن سقوط ضحايا من المدنيين ربما يؤدي فعليًّا إلى ازدياد في تأييد "الجماعات الجهادية".
لقد عرض النظام السوري منذ نحو شهر على لسان وزير خارجيته "وليد المعلم" مساعدة الغرب في معركته ضد تنظيم الدولة الإسلامية ولكنه تلقى الرفض المتوقع. ثم حذرت دمشق في وقت لاحق من أن أية عمليات عسكرية غير مفوضة في الأراضي السورية سيتم اعتبارها عملًا عدائيًا؛ وهو الموقف الذي أيدته روسيا كحليفة لسوريا.
وقد علمت دمشق بشأن الغارات الوشيكة من خلال مبعوثها لدى الأمم المتحدة، ولكن لا توجد تقارير حول ما إذا كان قد تم استدعاء نظام دفاع جوي متطور نوعًا للتحرك أم لا.
ولطالما كانت العلاقة بين النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية تتسم بالغموض. ولقد وجهت اتهامات مرارًا وتكرارًا للمعارضة السورية الأكثر اعتدالًا بأن هناك تواطؤًا بين الجانبين، وفي الواقع، فإنني وزملائي رأينا بأنفسنا كيف تتخطى طائرات الأسد أهدافًا واضحة لـ "داعش" لتستهدف تجمعات أخرى تحارب ضد "المتطرفين الإسلاميين".
لقد كان يصب في مصلحة الأسد قتل تنظيم الدولة الإسلامية للكثير من الجماعات "المعتدلة واجتذاب أعضائها إلى صفوفه. وهذا ما منح الرئيس السوري العدو الذي طالما تمناه؛ ألا وهو "الإرهاب الإسلامي" بدلًا من أولئك المعتدلين الذين يتوقون الإطاحة به واستبداله بنظام ديمقراطي".
إن تلك هي الأيام الأولى في مرحلة جديدة ودراماتيكية من الحرب الأهلية الدائرة في بلاد الشام؛ ومن الصعب للغاية التنبؤ بشكل محدد بما ستؤول إليه الأحداث، ناهيك عن حقيقة أن قانون العواقب غير المحسوبة سوف يتداخل حتمًا في اللعبة.
كيم سينجوبتا/ صحيفة الإندبندنت البريطانية