جدتكو طعيسة تكتب : التحول والتقوقع

زاد الاردن الاخباري -

تمر الشعوب بمحطات تحول كثيرة رغم اختلاف الزمان والمكان والمعطيات والوطن العربي ليس بمعزل عما يدور حوله فهو يتأثر أكثر مما يؤثر نتيجة معطيات مادية وغياب قيادات شعبية فاعلة وتجذر مفهوم الدولة العميقة خاصة مع مرور أعوام عديدة من الإستبداد والتَّسيد والتهميش والتقوقع فكانت الأمم تسير إلى الأمام في الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان والوطن العربي مازال يقبع في جُله حول التقدم خطوة للأمام وأخرى للخلف مسكون في العلاقة بين الحاكم والمحكوم وهل الحاكم سيد أم أن العقد الاجتماعي سيًّده ليرعى مصلحة الأمة .

الأمة العربية في مخاض مهم ومنعطف حاد خسائره كبيرة ونتائجه كذلك , لذا يبدو صوت الحرية طاغيا على غيره في كل ميادين السياسة والثقافة , وحتى الفهم الاجتماعي , ولم يكن هناك نهضة في تاريخنا الإنساني إلا وكان للفكر والإرادة اليد في تحقيقها .

يتوق أبناء الوطن العربي لتحقيق الديمقراطية بما تعنيه على أن هذا يحتاج إلى عمل طويل متواصل يمتد لسنوات طويلة خاصة مع وجود أنظمة شمولية تضع العراقيل وتلتف على المطالب الشعبية وتنقص الى مواقع التأخر التاريخي لتبقى سيده فيطغىى الدم والعصا الغليظة محل الكلمة الطيبة ويطغى مصطلح الأعطيات بدل الحقوق ويصبح الحق مجرد منة والوظيفة تشريف والأصوات القوية تخاريف ويصبح للجعجعة مكانا ولأشباه الرجال تتقزم الكراسي فتبقى الأوطان خطواتها متثاقلة ترزح تحت المديونية والفقر والتهميش .

تتحول في هذا الوطن العربي الكبير المطالب الحيوية لتحقيق الديمقراطية لمجرد شعار بلا رصيد كما حدث لشعارات برزت في الحقبة الماضية تتعلق بالتقدمية والثورية وحتى القومية أو بعث الأمة من جديد فانتجنا إنحرافات جديدة عن مسار التحول الديمقراطي السلمي فسقطت أنظمة كثيرة وتقلبت أخرى وظهرت قوى مدججة بالاسلحة والافكار الخبيثة وانتشر القتل على الهوية وظهور هذه القوى دليل على هشاشة اكثر الدول العربية وان الدولة العميقة فكرة سلبية عندما يتعلق العمق بالبعد عن طريق الحق وعندما تُصاغ قواعد العمق في وحل المنحدر وفي ماء آسن بسبب اعتقاد البعض أنهم رئة الأوطان وأن الأوطان تتنفس من خلالهم وهنا يظهر بوضوح حالة الأمة كحالة العشيرة تماما يحييها رجل ويميتها رجل مع أن الأصل أن الأشخاص مجرد أحجار في بناء الأوطان يذهبون فلا يرتعد الوطن ويموتون فيودعم الوطن بابتسامة .

نعم دليل الاستبداد متجذر في الوطن العربي من محيطه الى خليجه وفوضى الدماء والاشلاء نيازك تضيء سماء القهر والظلم , والطبقية الاجتماعية بسبب سوء توزيع الثروة أسفين آخر في نعش أمة تحتضر وتبتعد عن التحضر إلا في التقليد والاستهلاك .

الديمقراطية مسألة إجتماعية سياسية ليست مُلقاة على عاتق الدولة بل هي شراكة حقيقية بين كافة مكونات المجتمع ومؤسساته وهي تـوجه حقيقي لاعطاء حق الآخر ؛ حقه في الكلمة المسؤولة والتفكير والابداع وهي ليست منة من أحد أو هبة أو أعطيات , عبر هذا المفهوم العام والشامل , دولة للكل الاجتماعي , وليست مجرد مؤسسة لفئة معينة من فئات المجتمع دون غيرها , وبهذا تتخذ عملية التحول أبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية .

حاضنة الديمقراطية باختصار تنمية مستدامة في مختلف الميادين تقودها عقول نظيفة مخلصة لم تتلون ولم تتلوث تفكر بالنهضة تعتز بماضيها وحاضرها وتعمل لمستقبلها باختصار نهضة الاوطان في بناء الانسان.