زاد الاردن الاخباري -
بقلم أ / يوسف فايز ابداح..
لم يكن أمير الشعراء أحمد شوقي مُجانباً الحقيقة وهو ينظم قصيدته التي مطلعها :
قُم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلمُ أنْ يكون رسولا .
لقد رددناها معه منذ نعومة أظفارنا , وجعلناها شعاراً لنا في تعاملنا مع معلمينا – جزاهم الله خيراً - .
إن المعلم الذي يترك بصمته على أبنائه الطلاب , يُجذر فيهم قيم الصدق والفضيلة , وحب الوطن والذود عن حياضه , جدير بالاحترام والتبجيل والتقدير .
إن المعلمين – وأنا منهم - يتطلعون إلى العلياء كثيراً - وهم مقصرون إنْ لم يكونوا كذلك –
لكن القمم العاليــــة لا يصلها إلا الطموحون من الرجال , الذين تسلحوا بالخبرات الطويـــــلة , وحققوا الإنجازات الكثيرة والعظيمة .
لقد قضيت أربعة وأربعين عاماً في مهنة التعليم - وما زلت - واجهت فيها حلو المواقف ومرها , صدقْت العطاء , ورعيت الغراس حتى آتى الغرس أُكُله , فكان منهم الجندي والقائد ,
الطبيب والمهندس , التاجر والصانع , أستاذ الجامعة وعميد الكلية , رجل الفكر والسياسة ...
كم أزهو بذلك !
وحسبنا بذلك فخراً !
فأنا , ومعي الكثير من المعلمين المخلصين , صُنّاع الرجال بحق وجدارة !
لقد سُررت كثيراً وأنا أتابع مطالباتكم في نقابة للمعلمين , وذلك حق مشروع في وقت تُحقق فيه العدالة والديمقراطية في وطننا الحبيب .
تابعت مجريات الأحداث فيما بعد .....
مطالبات كثيرة ...
تحقق بعضها بتواضع كبير , وباءت الأخرى بفشل ذريع .
وتباينت قناعاتنا فيما تحقق , وطموحاتنا العريضة التي واجهت الفشل والإخفاق ... !
لقد ساءني كثيراً وأنا أرى الاهتمام والمطالبة ينصبّان على زيادة الرواتب !
ذلك حق مشروع لا أنكره .
كم تمنيت أنْ يطالب المعلمون بردّ الهيبة والمكانة لهم ! وأن لا يُستدعى المعلم - وهو الأب والمربي - إلى مركز الشرطة , ينتظر المحاسبة لكلمة وجهها لطالب كسول أو متقاعس !
كنت أنتظر مطالبة المعلمين بتطوير المناهج التعليمية لتواكب المناهج في الدول المتقدمة , مراعية قيمنا العربية والإسلامية , وتشحذ في نفوس أبنائنا حب العلم والابتكار والإبداع فيه .
كنت أتمنى أن يطالب المعلمون في تجهيز مختبرات مدارسهم بوسائل الإيضاح , والأجهزة
العلمية التي تعين الطلاب على البحوث وإجراء التجارب العلمية !
لقد ازداد عتابي لإخواني المعلمين , وأنا أسمع دعواتهم المتلاحقة في المطالبة بالإضراب !
هل فقدنا الوسائل البديلة في إسماع صوتنا للمعنيين وتحقيق أهدافنا - أو بعضها – بغير الإضراب ؟
وإلى إخواني في النقابة الموقرة :
هل سلكتم أسلوب الحوار والمناقشة مع المعنيين لتحقيق مطالبكم ؟
هل قدرتم قناعاتكم بالوضع الاقتصادي للوطن ؟
إننا نعيش في دولة طاقاتها وقدراتها الاقتصادية متواضعة , وهذا جلي واضح لدى الجميع , وكما يقولون : ( إذا أردت أن تُطاع , فسل ما يُستطاع ) .
إنني أنكر الإضراب لما له من آثار سلبية , ولا أنكر تحقيق المطالب لإخواني المعلمين .
إن طلابنا أمانة في أعناقنا , فعلينا أن نرعى الأمانة , ونتقي الله فيهم .
أنتركهم يجوبون الشوارع صباح مساء , غير آبهين بالمخاطر التي تنتظرهم بعد ذك ؟
أنتركهم وقرناء السوء الذين ينتظرونهم للإيقاع بهم في مواطن الخطأ والرذيلة ؟
إن الإضرابات المتكررة ساهمت في تدني نسبة النجاح في اختبارات الثانوية العامة للعام
الدراسي 2013/ 2014 م .
ماذا اتخذت النقابة بحق المدارس التي كانت نتيجتها – لم ينجح احد - ؟
ماذا فعلت وزارة التربية والتعليم بحق تلك المدارس , دون إغفال مسؤولية مديري
المدارس ومعلميها والمشرفين التربويين عليها ؟
أظن أن النقابة ستدعو للإضراب لو قامت الوزارة بحجب العلاوة السنوية عنهم أو بتوجيه اللوم لهم !
لكم إخواني المعلمين , جلّ محبتي ’ وغاية احترامي وتقديري ..
يدي بأيديكم ..
جهدي مع جهودكم ...
نتكاتف معاً من أجل أبنائنا الطلاب , وإعدادهم إعداداً سليماً لأمتنا ووطننا ...
فأمتنا جديرة بالاهتمام والخدمة .......
ووطننا له علينا حق التضحية والعمل والبناء .
والله يرعاكم ،،،