زاد الاردن الاخباري -
الفساد الإداري ليس ظاهرة غير مرغوب بها فحسب، بل ظاهرة خطيرة تقود للفساد الأعظم ، فالفسـاد الإداري هـو نواة كل فساد، الفساد التعليمي والمالي والإعلامي والصحي والثقافي والاقتصادي، بل نواة كل فساد في شتى مجالات الحياة ونواة كل فساد في قطاعات المجتمع المختلفة ، فإذا انتشر الفساد فسد المجتمع كله وهو الفسـاد الأعظـم ، والمجتمـع الفاسـد هو مجتمـع غير مستقر ومهزوز ويسهل السيطرة عليه من قبل الأعداء.
فالإدارة العامة في أية دولة تعمل في ظل قوانين وأنظمة تحدد مهامها واختصاصاتهـا وصلاحيـاتها، للنهوض بالمجتمـع وتنميته وفق خطط وسياسات تضعها وتلتزم بتنفيذها ، ومن غير المنطقـي والقانـوني أن تخالـف الإدارة القوانـين والأنظمـة التي أوجدتها وخولتها السلطة أصلاً، فإذا فعلت كان هذا الفساد الخطير الذي لا يسكت عليـه ، إذ يتوجب محاسبـة الإدارة محاسبـة قاسية ، ومعاقبة المفسدين من رجالها ، فالذي أفسد مرة ولم يحاسـب أو يعاقـب يفسـد ألف مـرة ولا يهاب.
والجامعات الحكومية ليست بمنأى عن هذه الأوضاع وعن استشراء الفساد بأشكال وطرق تسيء إلى سمعة مؤسساتنا الأكاديمية وتنزع ليس ثقة العاملين فيها بل وثقة طلابها وثقة المجتمع بشكل عام .
والمؤسف أن بعض المسؤولين في هذه الجامعات تمارس المحسوبية في شتى مناحي العمل الأكاديمي والإداري دون أن تدع عليها أي ممسك قانوني أو ثغرة يترتب عليهم فيها أي مسؤولية إدارية أو قانونية ، وبعض رؤساء الأقسام والمسؤولين في الجامعات الحكومية يعينون ذويهم وأصدقائهم في مواقع هم غير مؤهلين لها ويبتعثون محاسيبهم في بعثات دراسية تكلف خزينة الجامعة الكثير والأدهى من ذلك أنهم يقومون بهذه الممارسات دون وجل ويتحدثون عن إنجازات وهمية مزعومة .
موضوعنا اليوم يعود إلى عملية القبول في برنامج الدكتوراة في إحدى الجامعات الحكومية ، بتخصص علم الحاسوب للعام 2013 حيث تم قبول عشرة طلاب لهذا البرنامج ، حيث تعتمد عملية القبول على امتحان عادي ومقابلة يتم تقرير قبول الطلبة من خلالها ، وفي موضوعنا اليوم أن رئيس القسم هو من يقرر أسماء المقبولين بموافقة عميد الكلية حيث يقوم رئيس القسم بعملية المقابلة .
والملفت في القضية أن رئيس القسم قابل زوجته وشقيقاتها الاثنتين من أجل الحصول على مقعد الدكتوراة وفعلاً قبلت الثلاث شقيقات في البرنامج وهن من عائلة واحدة ، أي أن عائلة واحدة حصدت 30% من مقاعد برنامج الدكتوراة في علم الحاسوب ، هذا الأمر لو حدث في أي دولة ديمقراطية بالعالم فإن علامات استفهام كبرى ستضع أوزارها للبحث عن طريقة القبول وعملية الموافقة والكشف عن سر قبول الثلاث شقيقات دفعة واحدة ،في نفس الجامعة ولنفس البرنامج ، ويتطلب ذلك تشكيل لجنة تحقيق من خارج الجامعة لمعرفة الحقيقة .
الأمر الذي يؤكد وجود تجاوز في هذا الموضوع أنها المرة الأولى التي يحق لبرنامج دكتوراة بأن يكون برنامج صباحي ، فالعرف أن برامج الماجستير والدكتوراه تكون في الفترات المسائية ، لعدة أسباب ، أهمها أن طلبة الدراسات العليا في الغالب من العاملين والموظفين الذين لا يستطيعون الحضور في الفترة الصباحية .
إذاً هي قصة واسطة ومحسوبية لا غبار عليها ، فرئيس القسم هو من قبل زوجته وشقيقتيها في نفس البرنامج وهو من حول فترة البرنامج من المسائي إلى الصباحي خدمةً لهن.
الحياة نيوز