زاد الاردن الاخباري -
على غير المعتاد، واجمة هي وجوه الأردنيين في "عيد الفطر"، الذي ظل على الدوام يوصف بـ"السعيد"، فثمة حرقة وألم، وشعور بالخذلان والتقصير، ترافق مواطني الدولة الجارة لفلسطين.
عدة أمنيات رافقت أيام عيد الفطر في الأردن، الذي حل دون بهجة هذا العام، فيما ألقى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بظلال قاتمة، حالت دون فرحة مأمولة ومحبورة.
"لا بهجة"، يقول السبعيني أبو خالد، وهو واجم معبس، ويضيف "بأي حال عدت يا عيد"، مستذكرا شطر بيت شعر للمتنبي، شاعر العصر العباسي الشهير.
أبو خالد بدوي أردني، شقه ما يحدث في غزة، فلم يتوانَ أن يذكر أمام ضيوفه، في أول أيام العيد، أمنيته بـ"محاربة العدو الإسرائيلي"، رافضا ترديد ما اعتاده الأردنيون في مثل هذه الأيام من عبارات تهنئة تعكس بهجة وسرورا، مكتفيا بالقول: "عظم الله أجركم"، وهي العبارة الأوسع انتشارا في الأوساط الشعبية الأردنية خلال هذا العيد.
حديث أبو خالد، الذي التقته في جولة بين الأردنيين خلال العيد، يعكس حالة شعبية اردنية عمت بلدات المملكة الهاشمية، حيث اكتفت الأسر بتقديم القهوة السادة إلى جانب التمر، دون غيرها من الحلويات الشعبية، في احتجاج صامت على استمرار النزف الفلسطيني في غزة.
في الأردن، تجاور مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المدن الكبيرة، وترتبط معها في علاقة عميقة، هي نتاج احتلال إسرائيل لفلسطين وتهجير أهلها، ما يحيل الشأن الفلسطيني إلى شأن أردني بامتياز.
ينكر أبو خالد مشروعية فرحة العيد في ظل نزف الفلسطينيين المنشغلين بانتشال أشلاء وجثث أطفالهم من اسفل ركام منازل هدّمت بصواريخ إسرائيلية، لا يحصى عددها، سقطت على القطاع الأكثر كثافة سكانية في العالم.
"الم صامت" رافق حديث أبي خالد، فأسال مهج المتواجدين في ديوانه، المطل على مخيم البقعة، شمال العاصمة عمان.
احد الحضور يحتضن طفله، المدجج بألعاب العيد، ويقول "كان من الممكن أن يحمل أطفال غزة ألعابهم ويرقصون بهجة بالعيد، لكنهم قتلوا".
ويضيف أبو فايز الخرابشة، وهو قبلي أردني قضى جده في إحدى معارك فلسطين شهيدا، "لا فرحة ولا عيد، فثمة الم هناك"، ويؤشر باتجاه مخيم البقعة، الذي اعتلت منازله رايات سوداء حدادا على شهداء العدوان الإسرائيلي.
"حزن عميق" يخيم على الأردن، الذي ارتبط بالفلسطينيين في علاقة كتلك التي شهدتها أول مدينة للمسلمين، أقامها الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة، هي علاقة "المهاجرين والأنصار"، وفق قول أبو فايز.
مخيم البقعة
للانتقال إلى مخيم البقعة، اكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي أنشأت في أعقاب احتلال فلسطين، لا يلزمك إلا قطع شارع من عدة امتار للتعرف على حال العيد.
في أسواق المخيم اعتاد الناس على بسط "فرش" في السوق المحلي، تعتليه أصناف عديدة من الحلوى، التي اعتاد الناس ابتياعها لتوزيعها في العيد، بيد أن السوق خلا تماما من ذلك، واستبدلت الحلوى ببضع عبوات من تمر.
يقول حسن الوحيدي، وهو لاجئ فلسطيني اعتاد في عيد الفطر ابتياع بعض الحلوى، "لا توجد أي حلوى، سأبتاع تمرا لتقديمه إلى ضيوف العيد".
ويضيف "هذا عيد حزين، وربما عيد شهيد، سأكتفي فيه باستقبال المعزين بضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، سأقدم لهم تمرا وقهوة مرة (القهوة العربية بدون سكر)".
"أسئلة عديدة، بعضها متردد، تداهم الفلسطينيين في هذا العيد، كلها تدور حول غزة، ومصير وطنهم الضائع في ظل ضعف وقلة حيلة"، وهي "أسئلة مشروعة" في نظر الناشط حمدي جرادات.
لا يمتلك جرادات، ولا أي من الفلسطينيين، إجابة على أسئلة المصير، واستفهامات الغد، يكتفون بالقول "للبيت رب يحميه".
اليوم