أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الاثنين .. يزداد تأثير حالة عدم الاستقرار مسؤول في حماس: الأجواء إيجابية ولا ملاحظات كبيرة في الرد وزير الخارجية السعودي يحذر من “أمر سخيف”: الوضع صعب للغاية وعواقب وخيمة قادمة 1352 لاجئا سوريا يعودون لبلادهم في 3 أشهر المشاقبة : التجربة الحزبية في المجلس القادم قد تكون ضعيفة لغياب الايدولوجية والبرامجية حديقة تشعل شرارة بمراكز القوى والنفوذ في الأردن الشرطة الأمريكية تعتقل تمثال الحرية لتضامنه مع غزة بلينكن يزور الأردن في إطار جولة شرق أوسطية جديدة وزيرة فلسطينية تشيد بالعلاقات التاريخية بين الأردن وفلسطين تحذير من العروض الوهمية على المواد الغذائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي الضريبة: لا غرامات على الملزمين بالفوترة حال الانضمام للنظام قبل نهاية ايار لواء اسرائيلي : دخول رفح حماقة إستراتيجية المطبخ العالمي يستأنف عملياته في قطاع غزة المستقلة للانتخاب تُقر الجدول الزمني للانتخابات النيابية محمود عباس يتخوّف من ترحيل فلسطينيي الضفة الى الاردن .. والخصاونة: نرفض اي محاولة للتهجير كتائب القسام: نصبنا كمين لقوات الاحتلال في المغراقة لأول مرة منذ 2011 .. وزير الخارجية البحريني يزور دمشق الأميرة منى تشارك بفعاليات مؤتمر الزهايمر العالمي في بولندا قوات الاحتلال تقتحم بلدة في جنين مقتل 3 جنود وإصابة 11 آخرين بانفجار عبوة ناسفة في غزة
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام سوريا والأردن مدن مضيئة، ومناطق مهمشة تنهش في...

سوريا والأردن مدن مضيئة، ومناطق مهمشة تنهش في جسد الدولة النائمة

01-07-2014 07:40 PM

قبل أربع سنوات فقط كنت أعتقد أن سوريا هي دمشق المكتبات، والأسواق العريقة، والنوادي الاجتماعية الهادفة، وفرق الكشاف، و المعارض الفنية الجميلة، ومصنع الدراما الأول في العالم العربي، وملتقى الفنانيين والأدباء، والجامعات التي يأتيها العرب والأجانب من مختلف بقاع الأرض لتعلم اللغة العربية بأدق قواعدها، وغيرها من اللغات و العلوم، كنت أظن أن سوريا هي التسامح الديني في صيدنايا، ومعلولا، وباب توما، وغيرها من مناطق دمشق وريفها - رغم بعض النزعات العنصرية إلا أنها أصغر من أن تظهر بشكل واضح بين الناس في ذاك الوقت- ، وكنت أظن سوريا هي مقصد للسياحة الدينية لمختلف الديانات والمذاهب، وكنت أظن أن سوريا هي جنة بالفعل، وأن الله حاميها ، وكنت أظن أن الجهل والأمية والتخلف هي مجرد شيء صغير تشترك فيه مع كل بلاد العالم العربي " كورثة استحقت المحافظة عليها وتنميتها " ؛ تجده كلما أجلت نظرك حول الأماكن الريفية والشعبية.
كنت أظن أن غالبية الناس متعلمين، أو على الأقل ( واصليين للبكالوريا ) - لأن التعليم مجاني على الأقل - وأن بعض الشباب الذين يتركون المدرسة يفعلون ذلك مقابل ما لديهم من خطط بديلة، ينطلقون من خلالها ويركزون جل اهتمامهم على تعلم شيء ليس من ضمن المنهاج المدرسي، لكنه يمثل خط سير حياتهم العملية.
كنت أظن الكثير، لكن الآن أعرف أن سوريا هي ليست تلك الجميلة التي أعرفها ، وأن وراء جمالها قبح لم أكن لأتصوره يوما، ففيها أيضا مساحات كبيرة تدعى " محافظات " وهذه المحفاظات ليست فقط اللاذقية الخلابة أو طرطوس الندية ، فهناك درعا بريفها المقهور، وحمص بأحيائها الشعبية التي تعبق برائحة الضياع، وحلب ليست كلها شهباء؛ فشقاء أهل ريفها لا يمكن أن يتصوره من جلس في حديقة تتوسط المدينة، وطال وجهه بعض من قطرات ماء تقفز للسماء من نافورة ألماسية، والقامشلي ليست مجرد مدينة تثبت أن سوريا هي مركز لتجمع مختلف الأعراق والثقافات؛ بل هناك من يقال له : أنت مختلف بلونك، وعرقك، ولغتك، ودينك، والرقة هي الرقة كتب لها أن تكون كذلك على ما يبدو منذ زمن قديم، ودير الزور لم تكن فقط من أنجبت رجال ونساء وقفوا في الصفوف الأولى رافعين راية الحرية لسوريا من تحت راية الاحتلال الفرنسي؛ بل هي أيضا تضم أناس تعبوا من أن يكونوا مختلفين، ومتهمين بسبب اختلافهم، ولريف دمشق وجه آخر لا يشبه صيدنايا، ويبرود، والنبك، وعين الفيجة، والغوطة؛ ريف له وجه يعبق برطوبة الماء العذب، والأشجار الشامخة والكثير من الأمية، وفرط الإنجاب، والزواج المبكر، أو - الاغتصاب الشرعي لفتيات لم يبلغن حتى- وبُئرة للأمراض النفسية المختلفة والتعصب للقرية الأم، والعائلة، والدين، والعرق، وكنت أظن أن جميع الشبان الذين التحقوا بصفوف التجنيد الإجباري في الجيش العربي السوري، وغيرهم من الذين اختاروا أيضا أن يكملوا بقية حياتهم ضمن صفوفه يؤمنون حق الإيمان بأن الدين لله ، والعرق للتاريخ ، والوطن للجميع، وأن صافرة الإنذار تعني أن يهرعوا لصفوف الدفاع عن الوطن، جميعهم، يدا بيد، لكن يبدو أن الأيدي لم تكن نضيفة – في معضمها أبدا ، فلكل يد لون، وتاريخ، ودين، ومذهب، تلوح به.
يكفي أن تتحدث في بعض مما سبق لتجد من يقول : هذا ذنبهم !! ومن صنع أيديهم ، حتى أن بعض ممن يسمو بالمثقفين الذين يبدءون كلامهم بجملة مجازية تختزل الموقف " في الواقع " هذا بسبب تخلفهم!! ولربما جاءت هذه الحرب لتصفيتهم وغربلت سوريا، وتخليصها من الشوائب !! ، لكن أليس من الأولى أن ينظروا لهذه الورطة من ناحية أكثر موضوعية، وأكثر منهجية بحيث أن السياسية التي حكمت سوريا لأكثر من أربعين عام هي مذنبة بدرجة أكبر؛ لأن العدالة الاجتماعية، والتوعية الممنهجة للشعب خاصة لسكان المناطق الأقل تحضرا ومدنية، وحماية الحدود بشكل جدي، ومنع اختراقها عن طريق استغلال فقر الرجالات التي يحمونها، وشعورهم بالظلم والتهميش، والإدارة الجيدة للاقتصاد، لا تحتاج لأكثر من 10 سنوات لتجعل من أي بقعة من متخلف بقاع الأرض؛ مركزا للحضارة والمدنية، ومضربا للمثل، أو من الممكن أن تخط تاريخ جديد لها كما فعل " الاحتلال الصهيوني" في فلسطين للأسف الشديد، فما بالكم بأمة هي بالأصل أساس للحضارة، تقطن أراضي من حقها منذ بدء التاريخ، وشعبها شعب حي؟!! ولا تفرض وجودها على أحد ؟!!
الآن ومن مخيم الزعتري، وبأقل أقل الأمكانيات، تجد سوق وحياة ، لن تجدها على مساحات واسعة من القفر المحيط به -قفرنا المهمش للأسف - ونجد أن الخدمات التي تقدمها المنظمات - بغض النظر عن الهدف - جعلت من مخيم الزعتري مجمع سكني ضخم، يضم خدمات نوعية لن تجدها حتى في المحافظات المجاورة له، وبالنسبة للمحافظات المجاورة ؛ إلى أين سيصل التهميش والنسيان المقصود - وإن لم يكن مقصود ، فهل يصل تدني الرؤية إلى هذا الحد ؟ - لقراها والتي تحتل موقعا استراتيجا ورابطا هاما مع دول الجوار؟
من سوريا التي لم تكن فعلا قلب دمشق الجميلة فقط ، هنا الأدرن والتي لم تكن يوما عمان الغربية فقط ، وعمان ليست فقط شوارع البلد العريقة، والرينبو المرصوف بحرفية وجمالية، عمان ليست لويبدة التي تعبق برائحة الياسمين، وليست عبدون، ودير غبار الثرية، الأردن ليست أم قيس، ومزارع جرش، ومرتفعات عجلون المغطاة بالحمضيات، وليست جبال السلط التي تهيم بها أي روح صافية، هناك القويرة التي أعتبرت منكوبة بفقرها، وجوعها، والغور الذي كما ينتج خضار توزع للعالم، ينتج فقرا وفقراء يتقاتلون مع الذباب الذي ينافسهم في الجلوس على مقاعدهم، الأردن قرى أربد التي تحتاج لكتاب جغرافيا كامل لحصر أسمائها، وأعداد أيتامها، والعاطلين عن العمل، وهو معان التي تستميت من أجل الحصول على حياة أفضل، واحترام لحقوق قاطنيها، ومع الإصرار على تهميشها بات العبث سيد الموقف، وهو أيضا أدراج التلال السبع التي تضم إليها كل ليلة عائلات بأكملها أرهقها نقع " الخبز اليابس " فباتت تحسد اللاجئين على الخبز والأرز المجاني !!
ومن مختلف مواقع المملكة المهمشة والمنسية، وبالأخص تلك التي تعتبر الأكثر فقرا و (تفقيرا)، من كل ما يمت للحياة بصلة، والتي تحتل أيضا – بفعل الصدفة المحضة - مواقعا استراتيجة تلعب دورا كبيرا كونها روابط حدودية مع الدول المجاورة . يأتي ذلك السؤال : هل من الممكن أن نرى يقظة أردنية تضع عصا فولاذية بين فكي الخطر الذي يواجهها من كل صوب؛ فك الخارج والذي لا يحمل بين صفوفه أسناناً لديها القدرة على تمزيق البلد إن لم يجد فك الداخل عوناً له ، أم هل الممكن أيضاً أن لا نرى هذه اليقظة إلا بعد أن نسمع صوت طحن الدمار يهشم عظام الوطن ، فأيهما ممكن وأيهما غير ذلك؟ .

لبنى العاجيب





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع