زاد الاردن الاخباري -
قد لا أكون الشخص الوحيد, على امتداد رقعة الوطن, المقتنع تماما بطبيعة العلاقة بين الدولة الأردنية والإخوان, وقد يشاركني الكثيرون في هذه الرؤيا وان بدأت غريبة بعض الشيء الا انها حقيقية ومنطقية وان شابها بعض من الشكوك بين الفينة والأخرى.
انا مقتنع تماما ان بين الدولة الأردنية والإخوان علاقة متجذرة تاريخية تم رعايتها بحرص من كلا الطرفين وقد لا أكون مبالغاً ان قلت انها تفاهمات قد تصل الى المكتوبة ومتفق عليها لما لها من فائدة متبادلة قدمتها الدولة للإخوان في مقابل خدمات أخرى تقدمها الجماعة للدولة شاءت ام أبت, وقد لا يسعفني القلم ذكر كل هذه التفاهمات , الا إني سأحاول تلخيصها في جملة من الأفكار التي أمل ان تقنع القارئ الكريم دون لجوء الى عاطفة او تحيز لشعور ديني او حتى إقليمي, ومنها:
1.من المتفق عليه ان جماعة الإخوان المسلمين في الأردن هي الأقوى حزبياً وتنظيمياً بل حتى شعبياً, وهذا لا ينكره القاصي ولا الداني, وهذا التفرد والري
ادة للجماعة قد لا يكون حقيقيا, بمعنى ان قوة الجماعة لا تقاس بعدد او عدة الا انها قيست بفشل الآخرين في حشد وتنظيم أنفسهم لموازاتها, والكل يعلم ان العدد الإجمالي لجماعة الإخوان قد لا يشكل بأفضل الأحوال أكثر من 10 بالمائة من الشعب الأردني وقد يتعاطف مع الجماعة بمثل هذا العدد وهذا التعاطف مرده شعور ديني متجذر لدى الأردنيون وفشل في السياسات الاقتصادية او حتى السياسية في إدارة الدولة الأردنية.
تكفلت الدولة الأردنية ببقاء الجماعة الأقوى على الساحة من خلال محاربة باقي القوى من يسارية وقومية او حتى دينية, في المقابل تكفلت الجماعة (للدولة) بالاستحواذ على الطيف الأردني من أصول فلسطينية وصهره في بوتقة تنظيم يحفظ للدولة الأردنية خصوصيتها ولا يناكف الشعب ولا حتى النظام.
2.مشاركة الإخوان في الانتخابات النيابية القادمة او غيرها لا تخضع ولا تتأثر في علاقة الدولة الأردنية بإسرائيل, ولا حتى نوع التسوية, لكنه يتأثر بقانون التصويت المتبع لتشكيل البرلمان, وما ترغبه الجماعة سيتم تنفيذه في البرلمان القادم حيث ستقدم الدولة الأردنية قانون انتخابي يحضا بمباركة الجماعة, وستتفاهم الجماعة أيضا على عدد المقاعد الذي تنوي الحصول عليه وستشارك وسيكون لها الثقل لكنها في نفس الوقت تعلم وتتفهم ان العلاقة بين الأردن وإسرائيل غير قابلة للتفاوض, وستشارك(الجماعة) ضمن الحكومات القادمة اذا ما تم الاتفاق على قانون الانتخاب للبرلمان, في المقابل ترغب الدولة الاردنية بوجود الجماعة ضمن منظومة الحكم في اي من الاتفاقات القادمة بين الاردن والسلطة الفلسطينية في اي شكل يتفق عليه من الارتباطات.
النقطة الخلافية بين رؤية الدولة والجماعة لا تتعدى نقطة واحدة فقط حيث تريد الجماعة مشاركة فعلية في مفاصل الدولة تتيح لها تطبيق رؤيتها في قيادة المشهد السياسي والاقتصادي, بينما ما ترغبه الدولة الأردنية هو تحديد دور الجماعة بشكل لا يوثر على مجمل السياسات التي قد لا تتفق مع المبادئ التي تتهجها الجماعة وتتغنى بها.
3.رفض الدولة الأردنية الضغوط السعودية والخليجية بل وحتى المصرية, يعطي انطباع لهذه العلاقة والتي يمكن ان تقع ضمن مصطلح "منافع متبادلة", حيث لا ترغب الدولة الأردنية بذلك, ولو كانت الجماعة تهدد الدولة لتم حضرها قبل السعودية ومصر بعقود, الا ان الطرفان يعلمان حدودهما ولا يرغبون في تجاوزها, وان تم حضرها فقد تتجه الجماعة للعمل السري غير المحبب للجميع, وتعلم الجماعة أيضا حجم الضغوط على الأردن للقيام بذلك لكنها تعلم ان لا احد في الأردن يرغب في حصوله.
4.نجحت الجماعة في الاستحواذ على نقابة المعلمين, ونحن نبارك لهم ذلك, لكن(النقابة) ستكون الطعم الذي تقدمه الدولة الأردنية لاختبار نوايا الجماعة من جهة ولإغرائهم بالمشاركة في الانتخابات القادمة, والاهم إقناع غالبية الأردنيون ان الجماعة ستكون ضمن المشهد السياسي وحتى الاقتصادي في المرحلة القادمة وعلى الجميع التهيؤ لذلك.
خالد منصور العلي الخلايله