في ساعات الصباح كانت فيروز تغني " لـي فيـكَ يـا بَــرَدَى عَـهـدٌ أعِـيـشُ بِــه" ومن ضمن ما تتغنى به فيروز اهل الشام احبابها وبقية كلمات الأغينة التي كتبها الشاعر سعيد عقل ، وكنت منفعلا أردد من وراء السيدة فيروز إلى أن وصلت ل" بردى " وجاءني صوت زوجتي يقول : بردى ما زال يجري والشام توقف عندها الزمن واصبحت شؤم وليس بشام .
ولم انطق بحرف واكتفيت بترديد كلمات الأغنية وأنا أستعرض في عقلي شرائط الاخبار التي تناولت سوريا خلال الاسبوع الماضي مع حرصي الكبير على عدم متابعة أية قناة عربية إخبارية لأن تلك القنوات ينعقن بصوت من يدفع رواتب موظفيها والدولار الخليجي والايراني هو سيد الموقف هذه الايام في اداء هذه القنوات ، ولكن في بالخطأ ومن خلال المواقع الألكترونية نشر فيديو مصور لعملية قتل " ذبح " لشاب سوري مسيحي من قبل " داعش " بعد أن اجبره قاتليه على قراءة الشهادتين " هو شهيد دون أن يركع ركعة لله".
وهنا هذا شؤوم الشام وأهلها وبعيدا عن نهرها الذي ما يزال يسير رغم كل الموتى في ارض الشام من عرب وعجم وبقية ملل الأرض التي وجدت فيها ساحة للموت من أجل جنة هنا أو هناك وإن إختلفت الجنان بينهم ، والشام ليست كبغداد كي نقول أن ما صابها قد اصاب بغداد ولا بواكي لهم أو ان الحرية التي طالب بها أهل الشام هي سبب جهنم التي هم فيها ، فالشام لم يدخلها الغزات على ظهور ابنائها بدباباتهم ولم يختفي قائدها في حفرة كالجرذ بل بقي في دمشق وإن كان شريكا في الموت الشامي ولكنه لم يهرب أو يختفي .
وبردى الشام ببرودة ماءه وعذبها هو الشيء الوحيد الحقيقي في أرض الشام وبقيت ما تبقى منها من بشر وحجر واشجار مجرد إكسسوارات وكمبارس يتم إدارتهم من قبل مئات المخرجين الذين وجدو في أرض الشام برامج تلفزيون الواقع كما تمنوا ورغبوا ودون أية محاسبة لأي منهم على ما يقوم به تلفزيون الواقع ذلك من دور كبير في تغيير الانماط السلوكية والاجتماعية والثقافات التي بنيت منذ عشرات السنين بين أهل الشام على أسس تعايشيه وحدوية وبعيدة عن كل نعرة دينية أو طائفية أو مناطقية.