قصة الإخوان في الوطن العربي تستحق أن تروى وتحول إلى مسلسل تلفزيوني يفوق بعدد حلقاته عدد حلقات مسلسل " وادي الذئاب " التركي الذي ما زال يعرض منذ احد عشر عاما ويلاقي إقبال كبير من المشاهدين ، فالإخوان في فترة عبد الناصر ونتيجة لقمعه لهم إحتضنتهم دول عربية أخرى كانت تكن الكراهية لعبد الناصر ومنها دول الخليج العربي وبالذات السعودية ، وعندما غضب عليهم حافظ الأسد وعمل فيهم قتلا وذبحا في حماة أيضا إتحضنتهم دول عربية كثيرة والخليج كان له حصة الأسد منهم والأردن كذلك ومصر إحتضنت جزءا منهم كرد إعتبار لحكم مبارك في بداياته وتأكيد على أن سوريا حافظ لن تدوم للأبد .
وبعد فترة هدوء أو ما يمكن تسيمتها فترة حضانة هادئة ودافئة إستمرت لأكثر من ثلاثين عاما ومع بداية الربيع العربي " النحس " تأكد للإخوان أن وصولهم للسلطة سوف يؤدي إلى رضى تلك الدول ويرسخ بقائهم في حكم مصر لأطول فترة ممكنة بعد أن خرج الشارع العربي رافضا لحكم الديكتاتوريات العسكرية بلباس مدني وللإمبراطوية زين العابدين وحكم عشيرة بن الأحمر لليمن ، ومن خلال مجموعة محدودة من التصريحات التي القاها الرئيس " الإخواني " مرسي تأكد لهذه الدول مجتمعة وبإستثناء من يمارس مهنته بالمعارضة فقط من أجل المعارضة أن كلا من عبدالناصر وحافظ الأسد كانا على حق وأن الإخوان بفكرهم الديني السياسي لايؤمنون بوجود الأخر وخصوصا أية انظمة يحكمها عائلات ملكية أو أميرية ، وتم إعادة المشهد الإخواني اربعون عاما للوراء واصبح الإخوان جماعة إرهابية .
والإخوان أنفسهم لم يستفيدوا من تجارب الحركات الدينية الأخرى التي أتخذت من القتال اداة لها لإثبات وجودها على ساحة السياسة الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشرق اسيا ، بل أصرت على لعب دور الحمل الوديع الذي تم قتل ابيه منذ صغره " اعدام حسن البنا " ، وأيقنت كذلك جماعة الإخوان المسلمين أن العمل الاجتماعي وعلى قاعدته الشعبية ومن خلال مؤسساتها الخيرية سوف يرسخ كيانها ويثبت اقدامها على الأرض ، وهنا لم يأخذ الإخوان عامل التطور الطبيعي للمجتمعات ودور التطور التكنولوجي في إعتبارهم وإكتفوا بإعادة مشاهدهم القديمة من البداية وكأن المشاهد يمكن خداعه بالقليل من المؤثرات البصرية كأن يوضع تاريخ 2013 بدلا من 1950 على اسفل شاشات عرضهم .
ومن خلال هذه الهجمة الكبيرة على حركة الإخوان وتصدر السعودية لها تصبح فرص بقاء الإخوان في بقية الدول العربية وهم يملكون نفس الفكر السياسي الديني ضئيلة جدا بل قد تتأثر دول أخرى حاضنة لهم بذلك كالدول الأوروبية وبالذات بريطانيا وامريكا لأنهما دولتان تديران علاقاتهم الدولية على قاعدة " مع القوي " وتحقيق مصالح وليس شراكات طويلة الأمد ، وبإرجاع الشريط التلفزيوني للمسلسل الإخواني للوراء ومع إغلاق الباب لأية دول حاضنة لهم كما في السابق سيجد الإخوان أنفسهم أمام مرحلة جديدة تتمثل بلعب دورا أكبر مما تلعبه غيرهم من القوى والتيارات الاسلامية الأخرى وكي تعطي المسلسل الإخواني المزيد من الوقت والمزيد من عدد الحلقات التي سوف تبث وإن كانت لقطاته ستكون أكثر دموية وينتهي دور الحمل الوديع الذي لعبوه لسنوات طويلة .