في الادبيات الفلسطينية الثورية والمتأثرة بالموروث الديني عندما كان يلجأ له يساري الثورة بحجة أن الدين لله والوطن ليس للجميع كان يطرح مقولة " سوف نغرقهم في البحر " أي اليهود ويرافق ذلك كلمة " بحر غزة " ، وهنا يظهر حجم التناقض في الفكر النضالي الفلسطيني في كافة التوجهات لدى الفصائل الفلسطينية ككل وأهل غزة " الاسلاميين " كانوا يقولون أن البحر هو بحر غزة وبقية الفصائل الفلسطينية من فتح وجبهة وبقية مصطلحات التيه الفلسطيني كانوا يقولون أنه بحر يافا وحيفا .
وبالأمس وجد الرئيس الفلسطيني عباس مخرجا تاريخيا قويا للخروج من هذا التيه النضالي للعشب الفلسطيني وقال امام مجموعة من طلاب اسرائيل يقومون بزيارة لأراضي السلطة أنه " لن يغرق إسرائيل بالاجئين " ، وهذا الجملة لايعرف معناها سوى الرئيس عباس ومن يحمل ملف المفاوضات النهائية بين الطرفين لأن الإغراق تحول من البحر للبشر في ثقافة السلام الفلسطيني الأعرج والذي يستند على قاعدة أننا اليوم نعيش " لأنفسنا " وغدا لأولادنا وليس للدولة أو بقية الشعب .
ويعرف تماما دولة الرئيس عباس أن قصة الاجئين ليست في يده أو يد الأردن لأنها توجد في ملفات موقع عليها منذ عشرات السنين واغلقت عليها ادراج المفاوض العربي " الفلسطيني والأردني " ولن تخرج للضوء إلا في نهايات سباق السلام وبعد أت تفشل كل الجهود المبذولة من قبل ها المفاوض وليس لأنها فشلت بل لأنهم سيرجون لفشلها ولايبقى أمام سوى مخرج واحد لحفظ ماء وجههم ووجه القضية الفلسطينية متمثل بإخراج تلك الأوراق واعلانها للناس .
وهذا التصريح من قبل الرئيس عباس لابد وان يوضع تحت مجهر المفاوضات النهائية لأن كلمة إغراق تمثل رعبا للدولة اليهودية وفي نسف القوت هي نار الثورة الفلسطينية في فترة النضال الثوري ، وكلمة لاجئين هي أيظا تمثل رعبا ديموغرافيا للدولة اليهودية وللجانب الفلسطيني تمثل حقيقة لايمكن إنكارها أو القفز عنها بأية مرحلة من مراحل التفاوض ، وهنا نطرح سؤال حول السر في استخدام الرئيس عباس هذه الجملة بمصطلحاتها الكبيرة في وقت يقال فيه الكثير عن حجم التنازلات الكبيرة في ملف الاجئين والحدود وقيام لجان الدول التي لها علاقة بالاتفاق النهائي بتحديد حجم أو رقم الاجئين المطروح كي لاتغرق الدولة الاسرائيلية بهم بدلا من البحر .