"حمّى كيري" تجتاح المشهد السياسي والإعلامي الأردني

زاد الاردن الاخباري -

بسام البدارين - نقاشات مجلس النواب الأردني التي حاولت أمس الأحد تلمس طريقها نحو ما يسمى بخطة جون كيري شذت كثيرا عن موضوعها الرئيسي الغامض وإنتقلت كما كان متوقعا لجملة سياسية مضاعفة من المزايدات السياسية والإعلامية التي تتعلق بالوضع الداخلي في الأردن.

هذه النقاشات امتنعت عن التطرق لجوهر الموضوع وهو النصوص السرية الغامضة المتفق عليه أم التي لم يتفق عليها بعد في خطة كيري المزعومة لكنها تأثرت بالسياق الداخلي العام الذي إستدعى طوال الأسابيع الثلاثة الماضية ما هو حزين ومقلق في التشجنات الداخلية دون أي مناقشة علمية ومهنية للسياقات السياسية الأمريكية نفسها.

حمى كيري إجتاحت المشهد السياسي والإعلامي الأردني بصورة شاذة فنتج عنها سلسلة إجتماعات وتم إستدعاء جدل وتجاذب الجنسيات المعهود والتلاسن بقصة حقوق أبناء الأردنيات بعيدا عن المضمون كما لاحظ رئيس الوزراء عبدلله النسور شخصيا وهو يستغرب من الربط بين كيري وملف حقوق أبناء الأردنيات.

هذا الربط غير موفق برأي رئيس لجنة المبادرة النيابية التي إقترحت واوصت بمنح حقوق لأبناء الأردنيات الدكتور مصطفى الحمارنة فالمسألة أردنية وتخص الوضع الأردني ولا علاقة لها حتى بمجمل عملية السلام.

لذلك يقدر الحمارنة أن التشنج في الآراء غير مبرر ولا يرقى لمستوى البحث الوطني المسؤول عن حلول ومعالجات لحزمة من المشكلات المستعصية وطنيا.

النواب عقدوا جلستهم بعد طلب مناقشة عامة لخطة كيري التي يرى دبلوماسيون أن مساعده مارتن إنديك نزع الدسم منها بإعلانه عن بعض تفاصيلها التي تضمنت شطب حق العودة وتخصيص تعويضات لليهود العرب والإعتراف بيهودية إسرائيل وهي نقاط برأي الباحث الدكتور ربحي حلوم لا تقف فقط عند الكشف عن المؤامرة التي كان يخطط لها الأمريكيون ضد الشعبين الأردني والفلسطيني بقدر ما تكشف عن وجه الحقيقة.

في رأي المؤسسة الدبلوماسية الأردنية أن تعليقات مارتن إنديك العلنية تقلص هوامش المناورة أمام خطة كيري قبل ولادتها وتحولها لخطة عمل.

ومسؤول أردني بارز قال لـ’القدس العربي’: لا تستطيع إعلان شطب حق العودة ويهودية إسرائيل ثم تأتي للمنطقة للتحدث عن مفاوضات وحلول سياسية..هذا نمط من العبث يؤشر مجددا على عدم جدية المؤسسة الأمريكية.

نفس المسؤول أضاف: مثل هذه الطروحات لا يمكن لنا في الأردن ولا للأشقاء في فلسطين التعايش معها وأغلب التقدير أن واشنطن تعرف ذلك وتعرف أنها لا تستطيع فرضها على الشعب الفلسطيني ثم الإدعاء بأنها تشكل حلا سياسيا وتسوية تتمتع ولو بقدر محدود من الإنصاف.

بالنسبة لنائب أردني بارز بحجم خليل عطية، يعبث الأمريكيون لصالح إسرائيل بالوقائع والحقائق على الأرض وبالنسبة لزعيم سياسي من مستوى عبد الهادي المجالي، العدو في كل الحالات واضح وعلى الحكومة الأردنية أن تتوقف عن الإحتفاظ بالتفاصيل وتبلغ الرأي العام بما يحصل خلف الكواليس.

يقدر كثيرون أن عدم شفافية الحكومة دفع الرأي العام لجملة مناقشات تهدد الوحدة الوطنية في توقيت حساس كما قدر النائب محمد هديب الذي أصر بدوره على تذكير الجميع بأن المكون الفلسطيني في الأردن لا يرضى بديلا عن فلسطين التاريخية ومن البحر إلى النهر مستغربا من المزاودات التي تحاول التنظير للسياسات الخاطئة الماسة بحقوق المواطنين الدستورية بذريعة سلام كيري الموهومة.

بدلا من القصف العشوائي ـ قال أحد النواب- لابد من تركيز الهجوم على كيري نفسه وإدارته.

رغم أن نقاشات النواب أمس الأحد حذرت الحكومة مجددا من ملف غامض يحمله كيري إلا أن المزايدات الخطابية في القضايا الداخلية رفضت الإلتفات للحكومة نفسها وهي تحاول إبلاغ النواب بصفة رسمية بعدم وجود شيء محدد وموثق بإسم كيري يمكن إتخاذ موقف منه. رغم ذلك إستمر الكلام في مسائل مثل التوطين والتجنيس ووجود خطط توطينية عند حكومة الرئيس عبدلله النسور رغم أنها الحكومة الوحيدة التي لم تمنح الجنسية الأردنية لأي شخص كما كان يحصل في الماضي وفقا لرئيسها الذي رفض ردا على سؤال لـ’القدس العربي’ التحدث عن سياسات التجنيس على النحو الإتهامي والإفتراضي الوارد في بعض البيانات والتصريحات.

وكانت قوى وفعاليات أردنية قد دعت إلى ملتقى وطني ضد مشروع كيري التأم السبت وبرزت فيه بعض الخلافات البينية من دون التوصل إلى خطة عمل محددة وموحدة بسبب غموض التفاصيل بكل الأحوال.

القدس العربي