زاد الاردن الاخباري -
لم يبد خبراء دستوريون وقانونيون تفاؤلهم بالقرار الذي قد تخرج به المحكمة الدستورية في سياق الطعن بدستورية قانون الانتخاب، متذرعين بعدة أسباب، منها صعوبة الوضع السياسي وإشكالية القيام بانتخابات مبكرة اليوم على أساس قانون الدوائر الوهمية المؤقت.
وتسلمت المحكمة الدستورية الثلاثاء الدفع بعدم دستورية قانون الإنتخاب الذي أحالته عليها محكمة التمييز، بعد أن تبين للأخيرة أن أسباب الطعن في القانون جدية، وتوحي بوجود شبهة دستورية تقضي أن تبدي "الدستورية" رأيها فيها.
وقال الناطق باسم المحكمة الدستورية المحامي أحمد طبيشات إن محكمته تلقت ملف القضية ولم ينظر في أي من أوراقه حتى اللحظة، متوقعا أن يتم النظر فيه خلال أسبوعين، وإصدار القرار المناسب.
دستورية القانون
تحدث نقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي عن كون قانون الانتخاب الحالي يحوي ستة اشكالات "على الأقل" تطعن بدستوريته، معددا منها: مخالفة نص المادة 67 من الدستور التي تتحدث عن انتخاب "عام وسري ومباشر"، موضحا ان انتخاب القوائم العامة لم يمتز بالمباشرة، ومقترحا في السياق تعديلا دستوريا يجيز التمثيل النسبي. وأضاف العرموطي ان المادة السادسة من الدستور أيضا قد خالفها القانون والتي تتحدث عن مواطنين سواء بازاء الدستور، مضيفا إلى المادة ما وقع وصادق الأردن عليه من اتفاقيات دولية تنص على المساواة، والتي على إثرها قد يتم الطعن بالكوتات ووجودها.
كما أضاف العرموطي أن حصر 3 مناطق ببدو الشمال والوسط والجنوب في القانون الأخير من حيث الترشح، تشكل مخالفة صريحة الدستور الذي يقضي أن المرشح يحق له الترشح عن أية منطقة في المملكة، ذاكرا إلى جانب ما سبق أن حرمان كل من المغتربين والموقوفين سياسيا من المشاركة في العملية أيضا يشكل مخالفة صريحة للدستور.
ويضيف الخبير الدستوري الوزير السابق محمد الحموري على ما ذكره العرموطي أن إصدار الهيئة المستقلة للانتخاب لتعليمات قضت بتحديد الحد الأدنى للمرشحين في القوائم الانتخابية بتسعة مرشحين بحد ذاته "انتهاكا دستوريا" و"إجراءً تحكميا" يمس الحقوق والحريات، ما يجعل الأساس الذي استند عليه القانون باطلا.
ويعتقد النائب محمد الحجوج عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب "جازما" أن القانون الذي جرت الانتخابات على إثره وكان الحجوج نفسه أحد إفرازاته "غير دستوري"، مفصلا أن وجود الكوتات والدوائر المغلقة تمس بحقوق المواطنين الدستورية.
سيناريوهات مفترضة
الخبير الحموري قال ان الخيارات "قانونيا" مفتوحة أمام المحكمة الدستورية، الأمر الذي يفصله النائب الحجوج بعدة سيناريوهات محتملة، أولها البت بأن القانون بمجمله غير دستوري، ما سيقضي إما بانتخابات مبكرة تعقد خلال أربعة أشهر على قانون الدوائر الوهمية المؤقت "وهو أسوأ من تابعه"، أو بإعادة المجلس السادس عشر لإقرار قانون جديد.
السيناريو الثاني برأي الحجوج قد يذهب للقضاء بعدم دستورية "جزئيا" للقانون، فيما يتعلق بالكوتات والدوائر المغلقة، الأمر الذي قد يقتضي انتخابات تكميلية، بينما يرى الحجوج أن السيناريو الثالث "المستبعد" هو القضاء بدستورية القانون وبالتالي قانونية الانتخابات التي جرت بموجبه. ويتحدث النقيب الأسبق العرموطي عن سيناريو آخر، قد تجد المحكمة لنفسها فيه مخرجا، يتلخص بتنسيب المحكمة للحكومة بإجراء تعديل على القانون وعد حسم دستورية القانون الحالي، الأمر الذي عدّه في السياق "غير دستوري"، مستشفا هذا الاتجاه من قضاء المحكمة في المرة الأولى برد الطعن شكليا لعدم دفع الرسوم القانونية إلى جانب ذهابها لعدم تخويل المحامين للترافع مقابلها في القضايا التي تنظر فيها، ما رأى فيه "عدم وجود إرادة عليا لحل المجلس".
هل يحل المجلس؟
اعتبر نائب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب مفلح الخزاعلة أن المحكمة الدستورية ستحكمها "السياسة" التي تمر بمرحلة "صعبة" حاليا في سياق البت بدستورية قانون الانتخاب، مستندا في ذلك لقناعته بأن لا حل للمجلس النيابي الحالي، قائلا بأن حلّ المجلس يعني العودة للقانون القديم الذي في ثناياه المخالفات ذاتها تقريبا.
وخالف النائب الحجوج زميله باعتقاده بأن الحل لـ"كامل" المجلس أو لجزء منه هو الأقرب للمشهد "الدستوري"، بينما استبعد سياسيا الحل كونه سيفسح المجال أمام الطعن في القوانين اللاحقة، ما سيفرض شروطا جديدة لموازين القوى والتمثيل الديمغرافي في المملكة، ويفقد الكثير من الفئات تمثيلهم.
واستبعد الخبير الحموري أيضا حل المجلس الحالي، معتبرا ان الاخير لم يقم بأية "مناورات" سياسية قد تتطلب حل المجلس بطريقة ملتوية وغير مباشرة من وجهة نظر صناع القرار.
وكانت محكمة التمييز قد أحالت الدفع بعدم دســــــتورية قانون الانتخاب إلى المحكمة الدستورية، الأربعاء الماضي بعـــــد أن تبين لها أن أســــــباب الطعن في القانون جدية. وجاء في الطعن المقدم من المحامي إسلام الحرحشي، وكيل الناخب مؤيد المجالي، أن القانون تضمن مخالفات للدستور، تجعل منه غير دستوري، لمخالفته مبدأ المساواة بين الأردنيين وعدم التمييز بينهم، والذي يقره ويصونه الدستور استنادا إلى نص المادة 6/أ.
كما طعن بجدول تقسيم الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد فيه، والذي يعد أساس قانون الانتخاب، اذ اعتبر ان هناك تمييزا بين الأردنيين على أساس العرق أو الدين، وهو غير مشروع بصراحة نص المادة نفسها من الدستور.
وبحسب المادة 15 من قانون المحكمة الدستورية، "تصدر حكمها في الطعن المقدم لديها باسم الملك، ويكون نهائيا وملزما لجميع السلطات والكافة".
العرب اليوم