زاد الاردن الاخباري -
جلنار الراميني - هؤلاء يزحفون إلى الموت بحسرة العطش ، وجوع يكدّد أمعاءهم الخاوية ، هم يلاقون مرارة الألم في غربة وطنهم ، وها هو يتذوقون حنظل الجوع والعطش ، خلف قضبان الأسى والقهر والحرمان.
اللاجئون الفلسطينيون في مخيم اليرموك اتخذوا من دموعهم غطاء من البرد القارس ، واتخذوا من الدعاء والتسبيح والاستغفار وسيلة للخروج من أزمة الجوع التي طالتهم ، فدمار الحرب ، وأصوات الرصاص والمدافع لم يشفع لهم ، بل امتد الحصار ليقهر بهم ، ويهدم بصيص الامل لديهم ،في جدران باتت شاهدة على مآسي الحياة لديهم ، بل مآسي الموت ، فهم اموات بمسمّى الروح في أجسادهم ، وأي حياة تلك التي هي بين أنين الرصاص وقهر الجوع والحرمان.
أطفال ، نساء ، شيوخ ، ونساء نادوا بصوت الكرامة من مخيم اليرموك ، وحفروا بملامح الإرادة إصرار شعب تحدى الحياة ، إلا أن الحياة خيبت آمالهم ، أصوات من خلف نوافد الحرية تنادي المساحات العربية تنادي زعامات العرب ، بأن يعودوا إلى صفحة الأمل ، بلقمة عيش تزف إليهم حياة أخرى جديدة، فالجوع تكالب عليهم ، وبدد عائلة وفارقت الأرواح الأجساد بقاتل اسمه"الجوع".
كل يوم يتشرد الكثير ، ويموت الكثير ، إلا أن هذه المرة القاتل ليس أداة حرب ، بل صنف جديد من العذاب ، وأداة جديدة للحرب ، حرمان من الطعام والشراب ، وسياسة التجويع هنا لم ترحم الجنس والعمر ، بل كلهم "في الهمّ شرق" .
من رأى تلك الصور وسمع انين هؤلاء الذين على فراش الموت ، بكى من ذهل تلك المناظر وتبعثرت الحناجر ألما على هؤلاء ، لتقتبس حروف الألم لمخيم ، خيم عليه القهر من كل جانب ، واتخذ من الليل غطاء لإخماد جوعهم ، لعل الفجر الجديد يخبئ لهم أملا جديدا.
فما أصعب أن تقبع تنظر لأولادك ولاتجد قوت يومهم ، فهؤلاء اضطروا أن يتناولوا لحوم القطط والكلاب ، هي ليست بصورة مألوفة لدينا ، لكن "صاحب الحاجة أعرن" ، فهؤلاء آثروا تناول ما يجدونه أمامهم ، حتى لا تعبث أمعاءهم في أجسادهم بحثا عن الكلأ.
صرخات "اليرموك" في أزقة سوريا ، وأمهات يودعن أولادهن جوعا ، فالصبر غذاء لقناعاتهم ، ولكنه ليس غذاء يساندهم على مرارة الأيام .
يا أمة العرب ، أخوتنا العرب ، ينادون ببحّة صوت مغموسة بالجوع ، حتى انثنت حناجرهم من خلف غياهب التهميش ، قلوبنا معكم ، لكن "ما باليد حيلة".
لكم الله ، فاللهم ندعوك أن تفتح عليهم ، وترسل صبر أيوب وتمسح به وجوههم.
ويكفيكم فخرا أهلنا في مخيم اليرموك ، أن الله معكم ، ولو كنتم لوحدكم ، فكونوا مع الله ، يكون الله معكم .