يمتلك العديد من المسؤولين في أجهزة الدولة الرسمية الوسائل والإمكانيات في توجيه العقوبات للعاملين لديها ، وقد توجه أية عقوبة بكل سهولة ويسر مستندة إلى ذلك في تطبيق المواد والأنظمة والعقوبات الكثيرة، والتي من الممكن اللجوء إليها في توجيه تلك العقوبة ، أما الدول الديمقراطية فإنها غالباً ما تتقبل الإعتراضات وتنظر فيها ولا تشير إليه للحفظ أو تلقى في سلة المهملات .
وبمعنى آخر قد تكون العقوبة لإستخدام وسائل التعبير التي اقرها الدستور الأردني ولكنها توجه بشكل مختلف بمعنى قد توجه العقوبة لعدم التزام الموظف بساعات العمل الرسمي ، أو التطاول على الرؤساء في العمل (بقول كلمة حق لدى....) ، أو عدم تنفيذ الوجبات المنوطة بالعامل أو الموظف بشكل المطلوب وغيرها من الأمور الكثيرة والتي بحقيقة الأمر هي غير صحيحة ولكنها تستغل لتنفيذ القرار الموجه إلى شخصٍ ما بحجة الإستناد إليها.
بصرف النظر عن تلك التجاوزات الإدارية والتي غالباً ما تضع الأثر السيء في نفسية الموظف وتنعكس سلباً على نفسيته كون القرار الموجه إليه غير صحيح بالبتة، بل هو يكون موجه إليه لسلبه حرية التعبير والفكر، التي أرسى قوعدها الملك عبدالله الثاني ملك الأردن وأتاح حرية التعبير بما لا يتعارض مع الإساءة الى الآخرين بمعنى أن تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الاخرين، فإن تدمير إنسان قد يستغرق دقيقة، أما اعجابك بشخص ما قد يستغرق ساعة ومحبته قد تستغرق أيام ولكن مسامحة إنسان على جرح سببه لنا قد تستغرق عمراً بأكمله وقد ينتهي العمر دون مسامحة .
إننا نعاني اليوم من أزمة حقيقة في مسائل الترهل الإداري فترى العديد من الموظفين يجلسون في مكتب واحد وقد يستهلكون الوقت في أشياء كثيرة لا تخص العمل ، بينما ترى فريق آخر يبدأ عمله بالعمل الجاد المخلص دون توقف إلى نهاية ساعات العمل الرسمي وفي حقيقة الأمر بأن الفئة الأولى قد تنال الرضى والأستحسان من أرباب العمل دون النظر إلى الفئة الثانية بل قد تحسب عليهم ممارسة حرية الرأي والتعبير خارج أوقات العمل في الإشارة أو التلميح إلى الأخطاء الإدارية لمعالجتها وتصويب أوضاعها لكنها تقابل بأحد العقوبات الغير منطقية لكبح جماح هذا الكاتب أو ذاك لقتل الرأي والتعبير التي كفلها الدستور الأردني وصادق عليها جلالة الملك .
نحن اليوم بحاجة إلى حكومات أو أرباب عمل تحترم نفسها قبل تحترام الناس، وأود أن أؤكد هنا بأن هنالك قدرات خلاقة وهائلة قادرة على رأب الصدع واحقاق الحق واقامة العدل ولكنها للأسف الشديد ما زالت هي الأغلبية الصامتة، نتمنى عليها أن تجهر بصوتها عالياً وبأن تعي بأن ما بقي من العمر لن يكون زائداً عن ما مضى ، وبان الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا عن طريق رسولنا العربي الهاشمي صلوات الله عليه وسلم تسليما : لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ , وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ , وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ , وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ.