عندما تختلف نية الحاكم !!

بينما كان هارون الرشيد ورئيس وزرائه يتجولون ويتفقدون الرعية شعروا بالعطش وانحدروا الى مزرعة فيها فتاة تبيع قصبا للسكر وقد تفاجئ الحاكم عندما رآى عودا من القصب ينتج شافا كبيرا من العصير اللذيذ فاستدعاه ذلك لتوجيه سؤال الى رئيس وزرائه ما هي قيمة الضريبة التي تحصلوها من هؤلاء الباعة فذكر دولة الرئيس له مبلغا زهيدا فقال له يجب عليكم ان تعيدوا النظر وترفعوا هذه الضريبة ووضعت قضية رفع الضريبة على جدول اعمال الحكومة وبعد ذلك انصرفوا لاستكمال الجولة وفي نهاية الجولة استدعاهم العطش ليعودوا ثانية و يشربوا عصير القصب عند تلك الفتاة حيث بدأت تلك البائعة بعصر العود تلو العود لكي تعبئ شافا من العصير الا ان كمية العيدان اصبحت كبيرة وكمية العصير بقيت قليلة فتسائل الحاكم والرئيس وقررا توجيه سؤال لتلك الفتاة عن السبب الذي جعل في المرة الاولى عودا واحدا ينتج شافا كبيرا من العصير وفي هذه المرة مجموعة عيدان لم تنتج تلك الكمية فقالت الفتاة يبدو لي ان نواياكم قد اختلفت فنزعت البركة !! , عجبا لذكاء تلك الفتاة !! والتي ربطت البركة بحسن وسوء النوايا وعجبا من حكامنا ووزرائنا في هذه الايام والذين باتوا لا يتركون بابا فيه رزق للمواطن الا ويفرضون عليه الضرائب ويشاركونه فيه مما تسبب في انتزاع البركة من معظم مكونات حياتنا اليومية فلم يعد لها لا طعما ولا نكهة ولا رائحة شهية وقد انعكس ذلك سلبا على المواطنين فازدادت همومهم من جراء تلك الضرائب والرسوم وتغليظ العقوبات المالية على مختلف جوانب الحياة المعيشية لهم حتى ان المواطن اصبح يتقدم عن سنه الحقيقي بعشرين عاما على الاقل وتفشت الامراض المختلفة وبدا واضحا ان نسبا كبيرة من صغار الشباب اصبحوا يتعاطون المنشطات بفعل قساوة الحياة والعيش وبفعل سوء النوايا وعدم صفائها لدى الحكومات المتعاقبة , يا حبذا لو ان الحكومة تصفي نيتها مع الشعب الفقير وتزيل عن كاهله الاعباء الضريبية وتحملها الى تلك الفئة المرتاحة والتي لديها بنية قوية تمكنها من تحمل احمالا ضريبية ثقيلة , لم يبقى شيء لم تبادر الحكومة بفرض ضريبة عليه باستثناء الهواء والمشي على الطرقات ولو كان هنالك طريقة لدى الحكومة يمكن من خلالها ان تسيطر وتفرض ضرائب على هاتين الوسيلتين لما قصرت حيال ذلك , لقد اصبحنا من الدول الاولى في العالم بارتفاع الضرائب وانخفاض الدخول بفعل سوء الادارات والنوايا !! .
انني اتمنى على الحكومة ان تعيد النظر في سياساتها الضريبية وان تخفف من تلك الاعباء عن المواطن البسيط وتصفي نيتها بدلا من ان تستمر في التحامل الضريبي وزيادة كافة اشكال الرسوم على المواطنين دونما بصيص امل من تفكير بزيادة دخول المواطنين وتأمين الحياة الكريمة لهم عل الله يعيد البركة لحياتنا المعيشية كما كانت في عود قصب السكر قبل التفكير بزيادة الضريبة سائلا العلي القدير ان يحمي الاردن ويجنب شعبه شر زيادة الضرائب والتفنن بها انه نعم المولى ونعم النصير
العميد المتقاعد
بسام روبين