يقول وزير الخارجية ناصر جودة " وحدة سوريا وقوتها " مصلحة أردنية ، وهو يعبر في ذلك ليس فقط عن سياسة الدولة ، وينفذها ، بل يعبر عن إرادة الأردنيين ورغبتهم ، في الوفاء لشعب شقيق ، نتشارك معه في السلم والحرب ، في الحياة وتلاوينها ، وفي عذاباتها وتطلعاتها ، مثلما نتشارك معه في الدم والأسرة ، فلدينا نصف مليون أردني يشكلون إمتداداً لأسر وعائلات سورية متحضرة وفلاحية وبدوية ، ونشرب من مياه تتدفق من بطن الأرض السورية ، وبنفس القيمة والأهتمام نتشارك مع الشعب السوري في مواجهة العدو القومي المشترك ، الذي يحتل أرض الجولان ، ويعبث بالأمن القومي العربي ، وإعتدى على العراق وتونس والجزائر والسودان والإمارات ، وغيرها والمخفي أعظم .
مصلحتنا الوطنية والقومية كشعب وكدولة ، وحدة سوريا وقوتها ، فقوتها رصيد إحتياطي لنا ، لخلق حالة من التوزان الإستراتيجي أمام تطلعات العدو الإسرائيلي ومحاولاته الخبيثة في إعادة نقل الصراع خارج فلسطين ، بعد أن نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات في نقل وإعادة الموضوع الفلسطيني برمته ، وعنوانه وأدواته وخيارات الحل ، من خارج فلسطين إلى داخلها ، من المنفى إلى الوطن ، وهذا برز تأثيره وتداعياته في الإنتفاضة الثانية عام 2000 ، وفي حملتي العدو الإسرائيلي ضد الضفة الفلسطينية عام 2002 وحصار رام الله والمقاطعة وتدمير مؤسسات السلطة الوطنية ، وفي إجتياح غزة أواخر عام 2008 بداية عام 2009 ، فرغم الدمار والقتل والهمجية ، لم يرحل فلسطيني واحد ، لا من الضفة ولا من القطاع ، فعنوان الفلسطيني هو الصمود على الأرض ، والموت في الوطن لا خارجه ، بعد رحلات العذاب والتشرد في بلاد العالم .
لقد رفعنا شعاراً حيوياً يقول : نقبل للسوريين ما نقبله لأنفسنا كأردنيين ، من ديمقراطية وتعددية والإحتكام إلى صناديق الأقتراع ، ونرفض لسوريا ما نرفضه لأنفسنا كأردنيين ، من دمار وخراب وعنف وعمل مسلح وعمليات تفجير إرهابية ، ولذلك كان الأردن ولا يزال ممسكاً بالحل السياسي للصراع بين النظام والمعارضة سواء السياسية منها المدنية والوطنية أو المعارضة المسلحة ، التي عجزت بعد سنتين على إسقاط النظام وإنهائه ، مثلما أخفق النظام أيضاً على إنهاء المعارضة وإجتثاثها .
مصلحتنا في وحدة سوريا وقوتها حصيلة خبرة وتجربة ، وحصيلة متابعة وتدقيق لما جرى في ليبيا ومن قبلها ما جرى للعراق ، ولما يجري حالياً في سوريا ، حيث لا أمل يرتجى من التدخلات الأجنبية ، ولذلك يرفض الأردن الضغوط المكشوفة عليه ، كي لا يتورط في المستنقع السوري ، وما زال صامداً ممسكاً بالأتزان والتوازن ، ولهذا على بعض أحزاب المعارضة مساعدة الحكومة على مواصلة هذا الموقف ، لا أن تكون أداة بيد الأميركيين للتغيير الموقف الأردني الصائب .