زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - يفتح رئيس وزراء الأردن الدكتورعبد الله النسور الباب مجددا أمام سيناريوهات المنطقة العازلة جنوب سورية، وهو يتحدث عن احتمالية إعلان شمال المملكة منطقة منكوبة واللجوء لمجلس الأمن الدولي.
هذا الإعلان من النسور مالي واقتصادي محض والهدف منه دفع المجتمع الدولي لتخصيص المزيد من الأموال لخدمة استضافة اللاجئين السوريين، الذين أصبحوا القضية الأكثر إثارة للجدل والخلاف داخل الأردن.
واتخذ النسور هذا الموقف بعد دراسة قانونية دولية اعتمدت في مكتب رئيس الوزراء الأردني وتقول بأن تدفق اللاجئين السوريين يحدث تغيرات هائلة في بنية الجغرافيا والديمغرافيا في القرى والمدن الأردنية شمال البلاد، فيما يساعد إعلان المنطقة 'منكوبة' بمعنى أنها غير قادرة على استيعاب المزيد من اللاجئين في دفع الدول الكبرى لتخصيص المزيد من الأموال.
عمليا ثمة قراءة سياسية في الاتجاه المغاير، فعمان لا زالت على تلامس حيوي مع سيناريو المنطقة العازلة، وأي قرار لمجلس الأمن الدولي يوافق على اعتبار شمال الأردن منطقة منكوبة يوفر، بموجب القانون الدولي، الأرضية 'لشرعنة' أي توغل أمني أو عسكري أردني في الأرض السورية تحت لافتة إنسانية.
الأهم أن موافقة مؤسسات الشرعية الدولية على تصنيف شمال الأردن منطقة منكوبة بتجمع وتحشد اللاجئين يعزز القناعة أكثر بأن الأردن يملك حقوقا في المساحة الجغرافية المعنية بحوض محافظة درعا لحماية حدوده ومواطنيه وحماية اللاجئين، خصوصا مع عدم وجود جيش نظامي سوري في المنطقة الحدودية.
لذلك يلمح النسور إلى أن اللجوء لمجلس الأمن الدولي بين الخيارات التي تدرس لتحصيل مساعدات دولية لمنطقة الحدود التي تعج باللاجئين.
أحد خبراء المياه أبلغ 'القدس العربي' أن منطقة مخيم الزعتري المقام داخل الأراضي الأردنية تستخدم أكثر من ثلاثة آلاف متر مربع من المياه، يتحول أكثر من ثلثيها إلى مياه عادمة تعود لباطن الأرض، حيث يوجد حوض مائي يغذي ثلاث محافظات شمال المملكة.
الوضع المائي هنا حصريا يبدو خطيرا بسبب عدم وجود بنية تحتية لتصريف المياه مما يضاعف من كلفة تنقية المياه للمواطنين الأردنيين خلافا لكلفة الطاقة وإطعام وإسكان نحو 200 الف لاجئ سوري في محيط الزعتري، اضافة لربع مليون لاجئ ينتشرون بكثافة في كل القرى والمدن المحيطة بدرعا.
في الواقع يتحدث ناشطون سياسيون، من بينهم المحامي موسى العبدللات عن ترتيبات أردنية ودولية وإقليمية دائمة على الحدود مع سورية، تهدف قبل كل شيء لمنع تمكين جبهة النصرة الجهادية.
لكن ميدانيا استمعت 'القدس العربي' هاتفيا لمصدر سوري في محافظة درعا يساند الجيش السوري الحر ويقول بأنه يسيطر تماما على محافظة درعا والنقطة الوحيدة التي لم يسيطر عليها بعد هي نقطة حدود نصيب مع الأردن.
السبب حسب المصدر أن الأردن حتى اللحظة يرفض سقوط نقطة الحدود السورية بأيدي قوات المعارضة ويوفر الحماية لمجموعات العسكر في الجيش السوري النظامي المتبقي في المنطقة الحدودية.
مؤخرا أغلق الأردنيون حدودهم عدة مرات في إطار التفاعل مع عدة هجمات نظمها الجيش الحر للسيطرة على المركز الحدودي.
ورغم أن القوات الأردنية تحاول عدم التدخل إلا أن الإدارة السياسية الأردنية للمنطقة وعبر لجان التنسيق مع الجيش الحر ترفض التسليم بسقوط المركز الحدودي بيد الجيش الحر مع أن الطريق بين عمان ودمشق تدين لسيطرة الجيش الحر وفقا للمصدر السوري نفسه.
ذلك يعني عمليا أن الجانب الأردني لا يريد المجازفة ولا يمانع بأن يبقى جنود بشار الأسد في الطرف الآخر من المركز الحدودي العملاق بين الجانبين.
ولذلك سبب حسب الناشط السياسي محمد الحديد فعمان سياسيا تريد الإبقاء على قدر ولو محدود من 'حسن النوايا' مع النظام السوري ولا تريد تسليمه ذرائع تدفعه لمغامرات أو حماقات أمنية في عمان عبر ما يقول المسؤولون انه خلايا نائمة لمخابرات بشار الأسد، وهي خلايا لا زال أكثر من مسؤول أردني يؤيد المخاوف والشكوك بخصوصها.
من هنا تتحدث عمان بخجل عن سيناريو المنطقة العازلة وتسعى للتعامل معه بغطاء روسي وحتى بموافقة نظام بشار الأسد نفسه على أن يحظى أيضا بغطاء دولي، الأمر الذي يفسر تلويح النسور بالإعلان عن الشمال منطقة منكوبة كمسوغ قانوني يسمح بالانتقال للبحث في الخطوة اللاحقة وهي حصريا اختبار سيناريو المنطقة العازلة.
القدس العربي