آن الأوان, بل والحاجة ملحة جدا لتفعيل دور المرشد النفسي في الجامعات والكليات الجامعية المتوسطة, والتي تفتقر لهذه المهنة العظيمة, التي بإمكانها أن تكون سببا في الحد من العنف الجامعي الذي اتسمت به هذه المرحلة, إضافة للمشاكل النفسية الكثيرة التي يتعرض لها الطلبة وتؤثر بدرجة كبيرة في سلوكهم وتحصيلهم الدراسي, ويحتاجون فيها للنصح والإرشاد..؟
وفي زمن زادت فيه الضغوط النفسية, وساءت الأوضاع الاقتصادية, وقست القلوب, وانشغل الناس بأمور الدنيا, وابتعدوا عن تعاليم دينهم السمحة؛ من معاملة حسنة, وتكافل, وتسامح, ومساعدة الآخرين.. فما عاد الفرد يجد من يسمع له ليبث شكواه, فكثرت المشاكل, وبدأ الانحراف, وازدادت المشاجرات, والتي إن بحثت عن أسبابها وجدتها في معظمها تافهة لا تستحق أن يخدش, أو يفصل طالب لأجلها.؟ والأسباب في أكثرها ناتجة عن الضغوط النفسية التي يعاني منها الأهل قبل أبنائهم, والسلوك غير السوي للطالب والذي يمكن تعديله, وأسباب أخرى ومهمة سأتحدث عنها في مقال لاحق..؟
نعم, إن وجود مكاتب الإرشاد النفسي في المؤسسات التعليمية أمر في غاية الأهمية, وأقول ذلك عن خبرة ودراية, فالطالب يبحث أحيانا عن شخص يثق به ليوجهه وينصحه بصدق, بل يحتاج فقط أن يتحدث معه حتى لو لم يحل مشاكله, فما عاد أحد في هذا الزمان يسمع من أحد, وهذا يقود الطالب بحد ذاته إلى المزيد من الأفكار السلبية التي تفاقم مشاكله وتزيد الأمر سوءا؛ فيرى نفسه وحيدا في ظل مجتمع قاسٍ, فتدفعه أفكاره السلبية نحو العنف ليحمي نفسه. فكلمة واحدة طيبة قد تمنع مصيبة كبيرة..؟ وتوجيه هنا ورفع معنويات هناك قد تغير من مصير الطالب..؟ ولي في هذا قصص واقعية عايشتها مع الكثير من الطلبة الذين لا يحتاجون سوى إلى الكلمة الطيبة, والإنصات لهم, والتوجيه ما أمكن..وأتذكر قصص واقعية غيرت مصائر طلبة للأفضل بفضل الله أولا, ثم التوجيه والإرشاد الذي لا يحتاج إلى أي كلفة مادية, بقدر ما يحتاج إلى المشاعر الإيجابية التي تنعكس على من يحتاجها وما أكثرهم. ومن هنا فلا أدري ما هي الأسباب التي تمنع من وجود مكاتب الإرشاد النفسي في مؤسسات التعليم العالي في الأردن بالرغم من الدور الايجابي الكبير الذي تقوم به على أرض الواقع في الكثير من الدول وقد أثبتت فاعليتها ...
وليس غريبا ما سمعناه مؤخرا عن نتائج إحصائية لدراسة أردنية قامت بها إحدى المؤسسات المعنية وتبين فيها أن عدد الأردنيين الذين يعانون من مشاكل نفسية قد بلغ المليون ..؟ وهي نسبة عالية جدا مقارنة مع عدد سكان الأردن, وتحتاج منا إلى دراسة وتأمل.
وأخيرا أقول: في جعبتي الكثير من الأسباب التي تدفع الطلبة دفعا للمشاجرات الفردية, والتي سرعان ما تتحول إلى مشاجرات جماعية, يذهب ضحيتها من لا يستحق, في حين أن الجاني الحقيقي والذي يجب أن يحاسب يبقى مغردا بعيدا بعيدا ....؟!