أظلاف الحكم البشّاري – مأساة أم عبد الله .. نموذجاً
ممدوح أبودلهوم
أم عبد الله أولاً و للذي لم يُشاهد أو يسمع بمأساتها التي يُحار المرء في إعطائها وصفاً ، يمكن العثور عليه في قواميس هذا الكوكب عربيها و أجنبيها فلن يجد و سيبقى حائراَ لا يريم ، هي واحدة من الآلاف المؤلفة من حرائر الشام أصابتها ككثيرات و كثيرين ، قذيفة مدفعية أدخلتها المستشفى الميداني في منطقه دوما بريق دمشق كي تواجه مصيراً بين عيشٍ مفخخ و موتٍ مؤجل ..
وحين تابع شبيحة خرتيت دمشق/ جرذ الجولان قصفهم المشفى آنفاً، و هربت الكوادر الطبية و التمريضية جراء القصف و خوف الهلاك ، تُركت أم عبد الله تواجه الشلل موتاَ سريرياً على الأجهزة الطبية قبل عودة الأطباء ، و الذين أفتوا بفصلهم عن جسدها المسجى البرابيش و المجسات بوفاتها طبياً ، لكن حين حملها شقيقها إلى البيت كي تودع الأهل و منهم صغارها الأربعة قبل إتمام مراسيم الدفن ، أكتشف أنها و بأنّةٍ حرّى من بين شفتيها ما زالت على ذمة الحياة بانتظار قدرٍ ثانٍ على أيدي شبيحة نفّار الأسد !
في الأخبار يتداول مستخدمو وسائط التواصل الإجتماعي الفيسبوك و التويتر رسماً بلا تعليق ، لأسدٍ مسجى الجسد إلى جانب غزالة حامل راح يُحتضر قبل أن يهّم بالتهامها ،وذلك فور رؤيته لمشهد ضحيته وهي على وشك أن تضع حملها ، و لعل مرد عدم التعليق على هذا المشهد الإنسحيواني هو و بلا ادني شك أو تردد ، حيرة المعلقين و أنا منهم بين تشبيه هذا الأسد السامق العاطفة الباسل الموقف ، الذي فوّز و بقراءة عجلى مبدأ المسغبة / الجوع على بوهيمية البطنة / شراهة الوحشية ، و في قراءةٍ متأنيةٍ أعمق هو لا جدال أسدٌ حقيقي من سلالةٍ أسدية ضاربة الجذور شجاعةً و ترفعاً ، قال الشاعر العربي القديم في شمائل جدها الأول بمنحه 400 أسماً أو وصفاً في قصيدة واحدة !
فأين بالله عليكم ، قرائي الأكارم ، هذا الأسد النشمي (كما جندُ عبد الله من رماح الأردن النواهل و حرس الحدود الشمالية مثالهم الباسل ) من العربيد نفار ، إذ من الحرام و يداه ملطختان بدم أحرار و حرائر سوريا الجابري و هنانو و العظمة و صالح العلي و سلطان الأطرش أن يُنادي ببشار و بكنية الأسد ، ففي موروثنا الشريف نقول (بشر و لا تُنفر ) و لأن هولاكو سوريا يقوم بالجرم النقيض و من حيث هو في الواقع الصريح عربيدٌ في الشام و نعامة في الجولان ، فأنه لا يستحق تسميته ببشار بل بنفّار إذ ليس في وجهه ( وفي وجوه الكلاب طولُ ) أو في سيرته أو مسيرته ما يوحي بالبشر و يعِد بالبشرى !
عجيب أمر مدمر حضارة بلده و مجرم شعبه هذا العصابي الأحمق ، الذي لم يرعوِ أو يقف عند حد إذ هو الذي يصفه الأهل الطيبون مستهجنين و مستهزئين (يخرب فنار فناره الذي لا يرد و لا يصد) ، ألا يعتبر و يأخذ الدرس من النهايات المخزية لمبارك ومن عابدين و القذافي و تشاو تشيسكو و ميلوسوفيتش و غيرهم من ظلمة شعوبهم ؟ لماذا و قد فات الاوان لم يتوقف و لو للحظة أمام أول نقطة دم بريئة و يتنازل و يرحل كما فعل علي عبد الله صالح ؟ ما الذي ينتظره و قد قال له الشعب بالدم النازف لا بالكلام : إرحل قبل أن تمزقك الأيدي كالقذافي و تدوسك الأقدام ؟ !
ثم و الأهم ، و بكلمة .. خلوصا ، ما الذي ينتظره أصحاب الأمر الأممي و تحديدا مجلس الأمن في نيويورك ، أما الأكثر تحديدا فهو ما الذي يمنع البيت الأبيض من تكليف السيدة واشنطن دي سي ، في مهادنة السيدة موسكو و بأن تقارن الأخيرة هذه مصلحياُ بينها و بين العم سام ، و من جهة أخرى تلّوح بعصاها الاممية ، و قد جربتها بظلمٍ و عنفٍ ضاربين في عاصفة الصحراء أو حرب الخليج ، و تُري العين الحمراء لدهاقنة إيران الصفوية (لا) إيران الدولة الإسلامية أو الجارة الشرق أوسطية ، بأن تقرأ المستقبل قراءةً حضارية فتفكر في مصالحها العليا بوقف تجارتها الخبيثة مع النظام السوري و الأدق مع رئيسه السفاح ،إذ لن ينفعها جرذ الشام إذا خسرت جارتها العربيات بل و معظم دول العالم المعاصر ؟!!