زاد الاردن الاخباري -
لا أعلم من الذي قام بتسريب تصريحات أن "القصر" يدفع بإتجاه عودة الدكتور عبدالله النسور رئيسا للحكومة القادمة، وشخصيا، أشك أن هذه التصريحات صحيحة، ولو صحت، فمعنى ذلك أن هناك من يعمل بالخفاء لهذه الغاية، وهو الذي سيخالف قطعا رؤية الملك وخارطة الطريق التي شرحها بالتفصيل حول آلية ترشيح رئيس الحكومة من خلال المشاورات المباشرة مع الكتل النيابية .
كذلك، لا أعتقد أن السيد فايز الطراونة نفسه، سيتدخل بشكل شخصي، في محتوى المشاورات التي يُفترض أن تبدأ اليوم الأحد، بل يتعين عليه أن يجمع الآراء وقد يناقشها ثم يضعها بين يدي جلالة الملك كما هي، دون تدخل شخصي منه، فالمسألة حساسة، والنظام الآن يسير بخطوات مدروسة ومحسوبة، ولا يريد الدخول في معارك جانبية، مع المعارضة والحراك، ستُفضي جميعا إلى نفس النتيجة، سواء حدثت أم لم تحدث.
ببساطة، القصر ليس مضطرا لتسويق "النسور"، فإذا كان دولة النسور هو الذي يدفع بهذا الإتجاه، بشكل أو بآخر، فعليه أن يجلس مع الكتل النيابية، ويقدم لهم برنامجه بشكل واضح، ومقنع وعملي، ويقنعهم جميعا، أو الأغلبية على الأقل، بوجهة نظره وآلياته وخطواته، وأن يقدم لهم الضمانات الكافية، وليس وعود خدمات، والتي تؤكد لهم أنه قادر على تنفيذ برنامجه خلال السنوات الأربع القادمة، وهذا ينسلخ أيضا على غير "النسور"، وعلى أي مرشح يعتقد أنه قادر على تقديم برنامج حكومي فاعل ومحكم ومؤثر، يغطي الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وأن يقدم هذه الضمانات، المقبولة والمنطقية، للكتل البرلمانية.
الأسبوع الماضي، اقترحت أن يتم التفكير في الإستفتاء الشعبي على المرشحين لمنصب رئيس الحكومة من قبل الكتل البرلمانية، وواجهت سؤالين: هل الإستفتاء دستوري؟ وما فائدة استفتاء إذا كانت الكتل البرلمانية، المنتخبة من الشعب، هي التي ترشح ؟
بالنسبة لفائدة استفتاء في ظل ترشيح كتل برلمانية منتخبة فالخطوتان مختلفتان، الكتل البرلمانية تضع البرنامج وترشح اسم رئيس، حسب توجه الكتلة ورؤيتها وفكرها ومنظورها، وينتج لدينا في النهاية 5 أو 6 وجهات نظر مختلفة، ولكن الإستفتاء يأتي لتأييدها من ناحية وللمزيد من المشاركة الشعبية من ناحية أخرى، وكذلك لتقليص وجهات النظر إلى واحدة أو اثنتين على أغلب تقدير.
أما بالنسبة لدستورية الإستفتاء الشعبي، فلا أظن أنه يحتاج إلى نص دستوري، أو تشريع، بل إلى قرار من جلالة الملك، فالإستفتاء هو محاولة لإستمزاج الشارع في خمسة أسماء مرشحة مثلا، كل منهم لديه برنامج واضح وصريح، فيطلّع الناس عليه، ويقدمون رأيهم، كنوع من المشاركة الشعبية، وقد يؤدي الإستفتاء إلى مرشحين اثنين فقط، لديهم أعلى نسبة تصويت، وأقوى البرامج التنفيذية، مما يقلص الإحتمالات، ويخفف من عبىء الترشيحات والتوصيات، ويقرب وجهات النظر، ويحصر الإهتمام في الأفضل فالأفضل، وهذه ستعني تطبيق فكرة "الملكية الحرة" التي اقترحتها سابقا كنظام حكم يقوم على حكومة أغلبية برلمانية يصادق عليها ويقيلها الملك والتي تقع في منطقة المنتصف تماما بين الملكية الدستورية والملكية المطلقة.