زاد الاردن الاخباري -
سيغادرنا بعد بضعة ايام دولة الدكتور عبدالله النسور، ولاشك أنه سيعود إلى منصب في مجلس الأعيان أو موقع استشاري، وسندعو له بالتوفيق، ولكن الحقيقة أن كشف حساب النسور في الشارع الأردني ليس طيبا، فمنذ أن تولى منصبه وحتى هذه اللحظة، التي أكتب فيها ما أكتب، لم يقم بشيء واحد يرضى عنه الناس، بالطبع هو يقول أن بعض القرارات الجريئة كرفع الدعم عن المواد الأساسية والمشتقات البترولية هي بطولة، لم يستطع خوضها أي رئيس وزراء سابق، حسب ما يصور له مستشاروه وجماعته، ولكن هذا الكلام لم يقنع أي من خبراء الإقتصاد ولا المحللين، وحتى أقل الناس معرفة بالخيارات الكثيرة "الصعبة" والتي كانت وما زالت متاحة أمام هذه حكومته وغيرها.
النسور فشل في ايجاد حلول بديلة لرفع الأسعار، وفشل في وضع نظام يستثني الفقراء من الكارثة ويُلزم الأغنياء بالتعويض، وفشل في ايصال فكرته للناس اعلاميا مما تسبب بـ هبة تشرين، في توقيت أكثر من سيء، وكذلك فشل في الحوار مع الحراك الشعبي ومع بعض الأطياف السياسية، للوصول إلى التهدئة، وفشل، كما يرى الناس، في ابسط شؤونهم وهو التوقيت الشتوي الذي اطلقوا عليه التوقيت النسوري، فصار طلابنا يذهبون إلى المدارس فجرا، أما العمال المكافحين، الذين كانوا يذهبون للعمل عند شروق الشمس فقد صاروا يذهبون ليلا .
النسور، المعارض السابق، فشل أيضا في التمهيد الجيد للإنتخابات، ولم يحاول محاولة واحدة حقيقية، كصاحب ولاية، للوصول إلى نقطة نظام، مع الذين اعلنوا مقاطعتهم بشكل مبكر، ولم يصل مع أحد إلى منتصف الطريق، وقرر، وهو المعارض لقانون الإنتخاب، كنائب سابق، أنه لا تغيير على "قانون قوائم المقعد الواحد" وراح يتغزل به بسبب وبدون سبب.
النسور المثابر، كان يجلس على كرسي الدوار الرابع، الفخم والمريح أثناء كانت عمان تغرق بماء المطر، لا أقول أنه غرقت بسببه، ولكني تعجبت أنه لم يقدم تصريحا واحدا حول أن البنية التحتية لعمان، ولباقي المحافظات قد بناها الفاسدون، وأنه حان وقت حسابهم جميعا، بل اهتم بمن يجب أن يداوم ومن يجب أن يعطل، ولم نر أي من وزراءه يذهب إلى الناس ويتحدث معهم ويواسيهم، كلهم جلسوا في بيوتهم بجانب "التدفئة" التي يدفع الفقراء ثمن وقودها.
كل ذلك طبيعي، فقد جاء دولة الدكتور عبدالله النسور وحكومته لإجراء الإنتخابات، وليته لم يأت، وليت الإنتخابات لم تتم، فلأول مرة، تجري لدينا إنتخابات برلمانية وتنتج كل هذه الكم من الفوضى، الفوضى ليست من المقاطعين بالطبع، بل من طريقة إدارة الإنتخابات، والتي لو قام "قائد في الكشافة" بإدارتها فلن تنتج مثل هذه الفوضى من إطلاق عيارات نارية وقتال في الشوارع وحرق مؤسسات حكومية وفشل وتأخير في إعلان النتائج تسبب بمزيد من الفوضى، وفوق كل ذلك تعديل النتائج بعد إعلانها، ما هذا يا دولة النسور؟ هل يبدو أزير قلمي مؤلما أم أن ضجيج الواقع أكثر إيلاماً؟
- حاضر.. سأسكت ولكني في حلقي سؤال لابد لي من طرحه :
أما آن لنا أن نحصل على رئيس وزراء، صاحب ولاية، يزيل عنا أوجاعنا ويخرجنا من ورطتنا ويشفي صدورنا ؟