زاد الاردن الاخباري -
د. صلاح العبادي - الربيع العربي الذي عصف بعدد من الدول العربية هو نتيجة حتمية للظلم والطغيان الذي ساد خلال عقود طويلة، وما الربيع العربي الا ثورة على هذه الحالة، التي طغت خلال سنوات مضت.
في داخل جماعة الاخوان المسلمين في الاردن مورس خلال سنوات طويلة حالة من التفرد بالرأي، وسادت الخلافات بين كوادر من الجماعة، وبرز مصطلح الصقور في اشارة الى المتشددين من الجماعة، وكذلك مصطلح الحمائم في اشارة الى غير المتشددين الذين يسعون الى الوسطية والاعتدال في الراي والسلوك.
الخلافات بين الصقور والحمائم تعمقت واتسعت هوتها، بعد ان عانى الحمائم من عدم قبول رأيهم، وهو ما دفع الكثير منهم للبحث عن اتجاه آخر للعمل العام بعيدا عن الخلافات التي اتسعت هوتها دون التوصل الى سُبل للخروج منها.
جماعة الاخوان المسلمين في الاردن ليست كنظيراتها في دول المنطقة، فهي كانت محظورة في جمهورية مصر العربية، كما عانت الجماعة من اضطهاد في دول أخرى، وفي الاردن رغم أنها كتنظيم غير مرخص بشكل قانوني الا انها منحت الحق في ممارست عملها دون معيقات.
الا أن الافق السياسي داخل الجماعة وصل الى طريق مسدود بعد أن اغلقت قنوات الحوار بين قيادات اخوانية، وهو ما دفع بقيادات من الاخوان الى التفكير بالتغيير للخروج من الازمة الداخلية التي تلف بالجماعة.
المبادرة الاردنية للبناء التي عرفت بـ»زمزم» جاءت وليدة سياسات من التفرد بالراي داخل الجماعة، وثمرة خلافات طويلة دارت في اروقة الجماعة، وهو ما دفع بقيادات المبادرة للتفكير بإيجاد اطار مؤسسي لممارسة العمل الذي ينصب في الصالح العام بعيداً عن الخلافات التي طغت على مشهدها العام.
كما أن النتائج النهائية لانتخابات الهيئات الادارية للشعب الاخوانية التي اظهرت فوزاً ساحقاً لتيار الحمائم ضد تيار الصقور التي جرت وسط تنافس محموم بين التيارين .
الخصمين في جماعة الاخوان المسلمين؛ جاءت لتؤكد أن التغيير داخل الجماعة امر لا بد منه، وأن على الجماعة أن تعي أهمية التجديد في رؤيتها وسياساتها، بل والتغيير في قياداتها التي غدت تعبر عن رؤية غير شمولية لأعضاء الجماعة، الذين لا يتفقون معهم في الرأي.
فوز 121 عضواً من تيار الحمائم في الشعب الاخوانية مقابل فوز 47 عضواً من تيار الصقور ادى الى الاطاحة بسيطرة الصقور على الشعب الاخوانية التي تعد معقلاً للصقور، وهو الامر الذي شأنه أن يعيد النظر في المشهد السياسي للجماعة خلال الفترة المقبلة.
وما يأخذ على الجماعة على مرّ العقد الأخير، بأنها ركّزت على جوانب محددة وصمت بالتنظير على حساب أجندتها الأخلاقية والدينية إلى حدّ كبير، وهي إستراتيجية تتعرّض للنقد في وقت تعاني فيه حمائم من الجماعة قمعاً متزايداًمن قيادات صقورية.
مع تراجع دور وقبول صقور جماعة الإخوان لدى المجتمع الاردني، يبدو أن الفرصة العابرة التي بدت سانحةً حالياً لبناء نظام اخواني أكثر تعدّديةً وقبولاً لدى الآخر، ومنافسة سياسية مفتوحة بين الرؤى المتنافسة ، وكذلك التركيزعلى أجندة دينية، وتربوية، واجتماعية.
المتابع للمشهد العام للجماعة يدرك أن الحمائم داخل الجماعة هم من سيسيطرون على قمرة قيادة الجماعة خلال مرحلة مقبلة، من خلال اطر قانونية ومؤسسية تفضي الى تأطير عمل الجماعة، واعادة مسارها الى الطريق الصحيح خدمة للوطن والمواطن.
الراي