زاد الاردن الاخباري -
قد تحاجج المعارضة بأن المقدمات لا تقود إلى تلك النتائج المهمة التي تضمنتها ورقة نقاشية نادرة طرحها على الرأي العام العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عشية انتخابات مثيرة للجدل تستعد لها بلاده.
هذه الانتخابات بدأت فعلا مع حملة تحريض ملكية للجمهور لاستنطاق واستجواب ومناقشة المرشحين داعية وفي أكثر من موقع الناخبين للاقبال على الانتخابات في ظل تقارير دبلوماسية غربية واخرى أمنية داخلية تتوقع مواجهة مشكلة اسمها نسبة الاقتراع.
بالنسبة لمحللين لا زالت المبادرات الإيجابية والخلاقة والمنتجة تأتي، لكن في وقت متأخر، فبعض الاراء سارعت لاعتبار ورقة القصر الملكي النقاشية مهمة ومفصلية ومؤثرة لكن من حيث التوقيت والشكل قد لا تحقق أثرها المطلوب.
الأهم أن القيادة الأردنية تضع مقترحات محددة بين يدي المواطنين وهذه فكرة تؤشر ضمنيا الى ثقة كبيرة بالنفس والناس على الأرجح، خصوصا في زمن الربيع العربي.
الورقة النقاشية التي طرحا العاهل الأردني أمس الأول السبت تتضمن تفصيلات حول الحوار وقبول الرأي الاخر والتعددية والاستعداد لشراكة حقيقية مع الشعب في سلسلة ضمانات إضافية يقدمها رأس النظام حتى يضمن الجميع عبورا آمنا لانتخابات 2013.
مقترحات الملك الجريئة على شعبه تتضمن الحث على التوافق الوطني حتى على القضايا والملفات المحلية التي تشمل المناطق.
كذلك تتضمن دفع الناس لمساءلة ممثليهم في البرلمان بعد الانتخابات وتحريضهم على تنظيم أنفسهم وتثقيفهم في ضرورات الجلوس على مائدة الحوار وترك النزول للشارع كخيار أخير بعد الاصرار على الحوار الوطني والتوافق.
والرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين لا زال يصر على أن انتخابات 2013 وكما قال لـ'القدس العربي' ستعقد في غياب التوافق الوطني وفي ظل قانون انتخاب تسبب أصلا بالمقاطعة.
لكن بالمقابل يمكن قراءة نقاشات القصر الملكي على أساس أنها خطوة تمهد لخطة موازية لا تترك الإسلاميين والحراك في الشارع بعد اختيار البرلمان المقبل، حيث توجد دائما طاولة حوار وحيث يمكن دمج قوى المعارضة والاعتراض في مسارات أخرى خارج قبة البرلمان، من بينها مجلس الأعيان والحكومة البرلمانية وهو ما لمح له رئيس الوزراء عبد الله النسور عندما قابلته 'القدس العربي'.
اللافت أن الجهاز الإستشاري الذي أخفق مع الحلقات الوسيطة في تقديم المبادرة الملكية الطازجة والمؤثرة في توقيتها وشكلها المناسب لم يأخذ بالاعتبار التجول في أروقة المقرات الانتخابية الضخمة الفارهة التي أقامتها وسط الأحياء الشعبية نخبة من أثرياء المرشحين التي يتلاعب بها الهواء.
'القدس العربي' تجولت مساء السبت في منطقة حي نزال في الدائرة الثانية لعمان العاصمة وهي واحدة من الدوائر الكثيفة سكانيا ورصدت خمسة مقرات انتخابية كانت فارغة تماما حتى من المرشحين وأقربائهم.
ذلك مؤشر حسب المحلل السياسي حلمي الأسمر لا يمكن إسقاطه من الحساب حول فتور حماس الرأي العام للانتخابات الوشيكة، الأمر الذي يبرر سياسيا وعمليا أوراق القصر الملكي النقاشية التي تحاول لفت نظر الناخبين لعدم تفويت فرصة المشاركة في بناء تحالفات المستقبل.
وفي مجالس السياسيين تتعاظم السخرية من خطابات نارية ضد المال السياسي يلقيها بعض المتهمين أكثر من غيرهم بالترويج للمال السياسي على هامش الحملات الانتخابية.
وهي مفارقة مضحكة لا يمكن رصدها إلا في الحالة الأردنية كما يقول الناشط السياسي محمد خلف الحديد وهو يتحدث عن 'دعم رسمي' ملموس لبعض القوائم الانتخابية يخدش مبكرا منظومة النزاهة الانتخابية.
دوائر صنع القرار لا تريد قراءة الواقع كما هو، على حد تعبير القيادي في الحركة الإسلامية الشيخ علي أبو السكر.
وفي الأوساط المعنية بالمضي قدما في برنامج انتخابات 2013 وكذلك في أوساط حكومة الرئيس عبدلله النسور يستند كل العمل الى قاعدة بسيطة تقول 'الانتخابات وصلت لنقطة اللاعودة'.
المعنى واضح هنا وسمعته 'القدس العربي' مباشرة على لسان رئيس هيئة إدارة الانتخابات عبد الإله الخطيب وهو يتحدث عن الاستحقاق الدستوري.
لكن في مناطق أعمق من مساحات القرار يهمس في إذن كل المعترضين على إجراء الانتخابات في الوضع الحالي بالعبارة التالية: كلفة تأجيل الانتخابات على النظام والاستقرار العام أكبر من كلفة إجرائها.
لذلك تبدو ورقة النقاش الملكية النادرة خطوة استثنائية ومبتكرة لمساعدة الأجهزة والمؤسسات الرسمية والبيروقراطية على جذب أكبر قاعدة ممكنة من الجمهور لعملية الاقتراع لان الغرق في نسبة انخفاض متدنية جدا لا يمكن تبريرها سيعني ولادة سيناريوهات التدخل بالعبث والتزوير لإنقاذ الانتخابات كما يرى الشيخ إرشيد.
يعني ذلك عمليا أن مؤسسة القصر تتدخل لمساعدة مؤسسات ينبغي أن تكون مهمتها إقناع الشعب بالإقبال على الانتخابات وهي مسألة تلفت النظر لقصور واضح عند جميع المؤسسات المعنية بملف الانتخابات فلو كانت هذه المؤسسات تقوم بواجبها أصلا لما احتاج المواطن أصلا لحثه على الذهاب لصناديق الاقتراع.