أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
قيادة القوة البحرية والزوارق الملكية تستقبل وفدا عسكريا سعودياً اليرموك: جلسة حوارية حول "خطاب الكراهية والحوار الديني" محامون هولنديون يطلبون من الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو اتهمته بالاغتصاب بعد 5 اشهر من العلاقة والقضاء الأردني يقول كلمته. مغني أمريكي يطرح أغنية داعمة لغزة بمساعدة من الفنانة فيروز هيئة الإعلام توضح حول اغلاق قناة اليرموك من العين السابق أبو تايه للوزير الفرايه روسيا: العملية الإسرائيلية في رفح ستؤدي إلى كارثة إنسانية الأردن و السعودية يؤكدان على ضرورة منع أي هجوم عسكري على مدينة رفح أنباء عن مقتل رجل أعمال إسرائيلي بمصر دوري أبطال أوروبا .. 135 مليون يورو مكافأة بلوغ النهائي السعودية: 10,000 ريال غرامة مخالفة أنظمة وتعليمات الحج البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا بأن عملية رفح ستكون محدودة بوتين توقف أثناء مراسم تنصيبه ليُصافح ضيفا بين الحضور .. من هو؟ حماس: موافقتنا على مقترح الوسطاء جاءت بعد شهور من المفاوضات تحذير أردني مصري من خطورة توسعة إسرائيل لعملياتها العسكرية في رفح الاحوال تكشف عن شروط تغيير الدائرة الانتخابية الاحتلال يقصف مقر بلدية رفح الحكومة: نظام جديد لإدارة الموارد البشرية خلال أسابيع بالاسماء .. مدعوون للمقابلة الشخصية في وزارة التربية والتعليم
الصفحة الرئيسية فعاليات و احداث رؤية تحليلية للأزمة السورية (ج3)

رؤية تحليلية للأزمة السورية (ج3)

25-12-2012 02:10 PM

زاد الاردن الاخباري -

الدكتور محمد السنجلاوي

أما فيما يتعلق بالصين، فقد دخلت الأزمة من أوسع أبوابها، وسط حيرة خيمت على كثير من المراقبين السياسيين في العالم، وقد ولجت تلك الحيرة إلى الأذهان؛ بسبب التعنت الصيني والإصرار على استخدام حق النقض – بالإتفاق مع روسيا – في مجلس الأمن (ثلاث مرات)؛ لعرقلة أي قرار لا يساند الحل السياسي والسلمي في سورية.

فالمراقبون قد يتفهمون – إلى حد كبير – الموقف الروسي من الأزمة ومبررات ذلك الموقف، ولكن إذا تعلق الأمر في موقف "التنين الصيني" فإن ذلك يتطلب صعوبة في فك طلاسم ذلك الموقف. فالصين ما زالت تشكل لغزاً في أغلب تحركاتها على الساحة الدولية، ويزداد الأمر تعقيداً فيما يتعلق بتحركاتها بشأن الأزمة السورية، الأمر الذي يدفعنا إلى قراءة المصالح الصينية في سورية.

إن العلاقة بين البلدين، حسب ما ورد على لسان نائبة الرئيس السوري للشؤون الثقافية (نجاح العطار) في آخر زيارة لها للصين عام 2011م، هي علاقة تاريخية وحضارية ترسخت بينهما منذ أيام طريق الحرير. وإذا انتقلنا إلى لغة الأرقام سنجد بأن حجم التبادل التجاري بينهما، بلغ في عام 2010م (2,2 مليار دولار) ويعد هذا الرقم ضئيلاً إذا ما قورن بتبادلات تجارية أخرى، تقيمها الصين مع بعض الدول في الشرق الأوسط. وبالتالي فإن حجم تلك التبادلات مع سورية، لا يساوي الشيء الكثير بالنسبة للصين في الميزان التجاري والإقتصادي.

ولكن المتابع لتحركات هذا العملاق الآسيوي "سلحفاتي الخطى" سيجد بأنه يمتلك وثبة النمر على طريق التقدم والنهوض، حيث تُعد الصين من أسرع دول العالم نمواً، شأنها شأن بقية دول البريكس (Brics) التي تنتمي إليها، ومن يمتلك مثل تلك الوثبة، يكون حريصاً على مراقبة جميع التحركات، بخاصة تحركات الدول الكبرى التي تسعى جاهدة، أن يظل العملاق نائماً في قُمقُمه، ولأن الصين تدرك عدائية تلك الدول – بخاصة الولايات المتحدة الأمريكية – لتحركاتها النهضوية، فقد كانت من المتحمسين لتأسيس "منظمة شنغهاي" مع حليفها الروسي؛ لحرمان حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية من أن يربضوا على تخوم الصين، أو في آسيا الوسطى.

ولأن الصين تريد أن تحد من وطأة التهديد الأمريكي لها، فقد وجدت في الأزمة السورية ورقة رابحة للتفاوض أو المساومة، بخاصة أنها على دراية تامة بالجهود الأمريكية، الرامية إلى التموضع العسكري عن طريق إقامة قاعدة بحرية، في كل من أستراليا والفلبين؛ لتقليم أظافر الهيمنة الصينية على تلك المنطقة.
فالصين – كما روسيا – يعنيها كثيراً أن تكون ذائعة الصيت في المحافل الدولية، وأن تكون صاحبة وزن في تلك المحافل؛ لإجبار الغرب على الجلوس معها على طاولة تقاسم الحصص، وإشراكها في إدارة الأزمات الدولية.

ولأن الأزمة السورية – من وجهة نظرنا – هي أزمة تصفية حسابات، وأزمة تحقيق مصالح على الساحة الدولية، فقد أرادت الصين بالفيتو الذي استخدمته في تلك الأزمة، أن ترد الصفعة التي وجهها لها الرئيس الأمريكي "أوباما" عندما استقبل – رغم معارضة الصين الشديدة - "الدلاي لاما" الزعيم الروحي للتبتيين، صاحب النزعة الإنفصالية، كما أنها أرادت أيضاً من خلال الفيتو، أن تثأر من المناكفة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية لها في "مسألة تايوان" التي تعدها الصين تدخلاً في شؤونها الداخلية، من أجل إعاقة إعادة توحيد الصين.

وعلى الصعيد الداخلي، لا يعقل أن تقوم الصين، بالتصفيق للشعب السوري المنادي بالتحرر بينما في الوقت ذاته، تقوم بقمع شعب "الأويغور المسلم" سكان أكبر الأقاليم الصينية مساحة (إقليم سينكيانج) بسبب مطالبتهم بالإستقلال، والتحرر من الهيمنة الصينية.

إذن الصين باستخدامها الفيتو، تكون قد قامت بحرمان بعض أقاليم الداخل من التقاط إشارات التحرر والإستقلال، إذ أنها ستعد مناصرتها للشعب السوري المنتفض، نوعاً من أنواع تغذية النزعة الإنفصالية لتلك الأقاليم، وهذا ما ترفضه بشتى الوسائل والطرق.

ترتيباً على ما سبق فإن الفيتو (الروسي – الصيني) يعرب عن التوأمة في مخاوف البلدين من الخارج والداخل معاً، فروسيا أيضاً لديها مخاوف حقيقية من انتقال عدوى اقتتال الداخل السوري – إذا انفلتت الأمور من عقالها – إلى مناطق آسيا الوسطى ومناطق القوقاز الشمالية، وصولاً إلى أرجاء الجنوب الروسي، بخاصة إذا سيطرت القوى الراديكالية الإسلامية على دفة الحكم في سورية التي حتماً – من وجهة نظرهم – ستعيد شبح الإستقلال لمنطقة الشيشان الإسلامية، ذات النزعة الإنفصالية التي ستؤجج معها بقية المناطق في القوقاز الشمالية.

إنطلاقاً من كل ما سبق فإننا نؤكد أن المصلحة هي التي تجمع وهي التي تفرق، وهي المظلة التي ينضوي تحتها جميع الأطراف (واشنطن، وموسكو، وطهران، وأنقرة...). وبما أن أبرز أقطاب المنافسة في الأزمة السورية هما "واشنطن، وموسكو" فإن المصلحة تقتضي ضرورة حدوث تقاربات بينهما. وإن التقاربات بينهما تنقسم إلى نوعين: الأول يتمثل في لقاءات واتصالات سرية غير معلنة، والثاني يتمثل في لقاءات واتصالات علانية.

تتأتى خطورة النوع الأول، في كونه يعرّي الأزمة السورية بشكل فاضح، تتطاير في ظله أثواب الإنسانية، وأثواب الأخلاق، وأثواب الشرعية الدولية، وهذا النوع نستطيع تسميته "لقاء بلا دموع" بمعنى أن (تقاسم الحصص) يكون بلغة رياضية بحتة، "الكَمّ" فيها سيد الطاولة.

بينما تتأتى خطورة النوع الثاني في كونه "يؤنسن" الأزمة السورية، بلغة أخلاقية، تفوح منها رائحة الإختلاف أحياناً، ورائحة الإتفاق أحياناً أخرى، والإتفاق نابع بالطبع من حرص أصحابه على حرمة "الدم السوري"، وإنقاذ المنطقة من براثن الفوضى والإرهاب، بينما الإختلاف يحدث فقط على "مذبح الكيف". واللغة السائدة بهذا النوع، هي لغة عاطفية معلّبة، تُلقَم بها أبواق الإعلام العالمي للإستهلاك الدولي المجاني، وهذا النوع نستطيع تسميته "لقاء الدموع".

ترتيباً على ذلك، فإن الخصومة بين "واشنطن، وموسكو" هي خصومة "كَمّ"، وبالتالي يراهن كل طرف على تسخين الأزمة، بمقدار ما ستحقق له هذه السخونة من مكاسب، فورقة المعارضات – باستثناء بعضها – بيد واشنطن، بينما ورقة النظام السوري، فإنها بيد موسكو، وهذه المسلّمة جعلت كل طرف، يناور بمهارة في استخدام ورقته، ولكن الذكاء حتماً يكمن في حسن توظيفها، والضغط بها في الوقت المناسب.

وإن هذا الأمر يتطلب من القطبين (الروسي – الأمريكي) دراسة الميدان السوري بطريقة إستقرائية تامة؛ لأن الفن في استخدام الأوراق يرتبط بتجليات الميدان المنفعل دولياً، وإقليماً، ومحلياً، وبالتالي من مصلحة "الفاعِلَين القطبين"، رفع سقف التناحر بين المعارضات والنظام، إلى مدايات لا ترتمي في أحضان المجهول.

إذن "بورصة القطبين" السياسية والدبلوماسية، مرتبطة بالميدان السوري، ولأن الميدان لم ولن يتخذ طابعاً استاتيكياً – فهو بين كرّ وفرّ – يظل سيناريو الخسارة والربح، حاضراً في حسابات أصحاب البورصتين، وهذا بالطبع يملي عليهما ضرورة التقارب، وفي الوقت نفسه توسيع دائرة الإستقطاب؛ لتحسين شروط التفاوض.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع