أحاجي وحجب أم اسستشراف لانفجار متوقع لحراك الشارع الاردني

خلطة بدارين حول مرسيدس معارضين سوريا والميج ودبابات المجنون القذافي ورفع الاسعار المزمع لحكومة النسور

زاد الاردن الاخباري -

لو كنت مسئولا في غرفة الكونترول في محطة فضائية 'الجزيرة' لحجبت حرصا على الشعب السوري وسعيا وراء تكرس قناعة الشارع العربي بضرورة إسقاط نظام دمشق الهمجي تلك اللقطات التي تظهر لحظات الإستقبال التي حظي بها أركان المعارضة السورية قبيل مؤتمرهم الأخير.
الأخوة مجموعة النضال ضد بشار والشبيحة حضروا لقاعة الإجتماعات أمام كاميرا الجزيرة متأنقين للغاية ويركبون سيارات مرسيدس من الطراز الذي تطلق عليها أسماء وأرقام وأحرف لا يستطيع الفقراء أمثالي تتبعها وحتى قراءتها.
لم يقف الأمرعند هذا الحد بل تعداه كما رأينا على كادر الكاميرا نحو وجود مرافق إلى جانب السائق يقفز فجأة برشاقة ليفتح باب السيارة أمام القطب المعارض الحاضر للتو للتحدث باسم فقراء سوريا ومهمشيها..كيف سيفتح صاحبنا دمشق ويحررها إذا كان عاجزا عن فتح باب سيارة التشريفات القطرية؟.
طبعا من حق الأخوة في قطر تكريم ضيوفهم فهذه معاييرهم في الإستضافة لكن من حق الشعب السوري ومن حقنا بعده مشاهدة معارضة لا تلتفت إطلاقا لمثل هذه المظاهر الديكورية حتى نطمئن إلى أن المسألة لا علاقة لها بالسلطة بل بالتحرر ولا علاقة لها بإحلال ديكتاتور مكان آخر بقدر ما لها علاقة بالتغيير والإصلاح.
أزعم وأجري على ألله أن التغيير الحقيقي في سوريا يبدأ من رؤية معارضين شرفاء يحضرون لمثل هذه الإجتماعات مشيا على الأقدام أوعلى الأقل بسيارات معقولة لا تتميز بالفخامة فمؤخرا جمع صديقنا المبدع عماد الدبك أغطية نوم من بيوتنا الفقيرة لكي يرسلها إلى شعبنا في محافظة درعا عشية البرد والشتاء.
الشعب السوري العظيم الثائر لا يقدم كل هذه التضحيات ضاربا مثالا عجيبا في التضحية والفداء لكي يلتقط أقطاب معارضته صورا تذكارية في فنادق وصالات فخمة مع سيارات رفاهية ثمن الواحدة منها في الواقع يحرر قرية بأكملها من براثن شبيحة الأسد.
قد تدفع بي مثل هذه الملاحظة المتلفزة في أدبيات بعض أوساط المعارضة السورية إلى قائمة الخونة وأعداء الشعب السوري لكن لا يهم فأنا مواطن عربي أقولها ببساطة وبصراحة: لم يعجبني المشهد فإذا كان بعض هؤلاء يصر على مظاهر الفخامة وهو يعارض في المنفى فيما شعبه يقاتل وجائع ما الذي يمكن توقعه منه إذا حكم وتحكم في حلب ودمشق ؟.

ميج وأحشاء القرى

بدرجة أعلى من الشعور السلبي أركز كثيرا في المشهد الذي تبثه محطة 'العربية' على مدار الساعة بين أخبارها حيث تظهر طائرة ميج 29 وهي تقصف فعلا أحشاء القرى والأحياء والأبنية وهي نفسها الطائرات التي لم نشاهدها ولو مرة واحدة تغير في إتجاه إسرائيل أو حتى تقترب من الجولان.
إنها مفارقة متلفزة ايضا تقشعر لها الأبدان حيث شاهدت فيلما وثائقيا مطولا على بي بي سي يظهر حجم الحشود والدبابات التي جهزها الراحل القذافي للإنقضاض على بنغازي قبل أيام فقط من القبض عليه في بالوعة المياه ..يومها شعرت بأن القذافي مجنون رسمي أو {خالص} وفقا للتعبير الأردني الشعبي فلا يوجد زعيم يحشد لشعبه بهذه الطريقة إلا ويسقط بطريقة مريعة وهذا ما حصل مع الزعيم الأممي الراحل .
لكن الدكتور بشار الأسد في الواقع يغيظني أكثر فهو يقصف الشعب برا وبحرا وجوا بحجة مقاومة الإرهاب والحجة التي تقدمها الدنيا البائسة كل ليلة لنا هي وجود مجموعات من الإرهابيين إحتلوا إحدى البنايات وإستوجب قصفهم وعلى حد علمي طائرات الميج تقصف رتلا من الدبابات أو مساحة من الأرض وليس بشرا في عمارة مهما كان عددهم.
ألا يوجد كوماندوس في جيش النظام السوري لعميات نوعية لإستئصال الإرهاب خصوصا إذا تحصن بين المدنيين؟..أين ذهبت قوات النخبة ومكافحة الإرهاب من جماعة {خبطة قدمكم عالأرض هدارة} حتى يصبح بديلها طائرات مقاتلة تقصف أبنية وقرى فيها بشر.
والغريب أن هؤلاء البشر يتحدث عنهم رئيسهم الشاب متفاخرا على فضائية روسيا اليوم باعتبارهم شعبه.. إنها مجددا معادلة القذافي وإبنه سيف الإسلام كما رأيتها في فضائية الجماهيرية المقبورة :إما أحكمكم بالرصاص والجزمة أو تموتوا جميعا فلا تصلحون للحياة بدوني ...برأيكم بين الحفرة والبالوعة والقضبان والإقامة في السعودية حريقا أو حليقا أين سنلتقط المشهد الختامي لبشار الأسد؟.

رفع الأسعار

أخبار دولة رئيس الوزراء الأردني عبدلله النسور أمس وأمس الأول والذي قبله تصدرت النشرات الرئيسية لتلفزيون الحكومة فقد مهد الرجل بذكاء لرفع الأسعار الوشيك عبر سلسلة من اللقاءات والإجتماعات والتصريحات التي يقول فيها ضمنيا : أيها الشعب الكريم..شكرا لصمودك وصبرك لكني سأرفع الأسعار بكل الأحوال.
منتصف الأسبوع قالها الرجل بطريقة كوميدية : توكلت على ألله وسأتحمل المسئولية وسأرفع الأسعار.
نهاية الأسبوع وعد الأردنيين بالقبض على {كل الفاسدين} حتى لو تطلب الأمر التضحية بمنصبه متوعدا بأن لا يفلت من العقاب ولو فاسد واحد ..صديقنا الرئيس لن يضطر للتضحية بشيء فحكومته أصلا لتسيير الأعمال وسترحل دستوريا بعد الإنتخابات مباشرة والفترة الباقية لا تكفي حتى للتحقيق مع أي فاسد من وزن الحيتان حتى يتعهد بفقدان منصبه مقابل اي معركة ضد الفساد.
الإنطباع الشعبي أن رؤساء الوزارات في بلادي يفقدون منصبهم عندما يحاربون الفساد ولا نعتقد أن صديقنا الرئيس يمتلك الوقت الكافي للإطاحة بأي فاسد عمليا لكنها بكل الأحوال محاولة تلفزيونية جديدة تضاف إلى متحف بيانات وظيفتها الدائمة كانت تضليل الرأي العام ...لو كنت في إدارة التلفزيون لخدمت الحكومة والنظام وحجبت مثل هذه التعليقات التي تضر ولا تنفع.
بقي ان نقول أن الزملاء في مكاتب الفضائيات العربية المتعددة في العاصمة عمان يجهزون العدة لمتابعة موجة جديدة متدفقة ونشطة من حراك الشارع الأردني فقد تم استيراد وشراء المزيد من الكاميرات وتعيين كوادر متعددة والجزيرة أكثر من يهتم بوضع خارطة لتوزيع المراسلين ..حتى سي إن إن سمعت انها قد تخصص فريقا للمتابعة في الأردن ..هذه معلومات أقدمها متبرعا للحكومة لكي تسأل نفسها : ما الذي يعنيه ذلك؟.

' مدير مكتب 'القدس العربي' في عمان