أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
ابو عبيدة: قيادةُ العدو تزجّ بجنودها بأزقة غزة ليعودوا بنُعوشٍ قبل المناظرة .. ترامب يطالب بـ"تحليل مخدرات" لبايدن. هيئة الاعتماد تقر تسكين تخصصات جامعية في الإطار الوطني للمؤهلات النعيمات والعرب يدخلان عالم الغناء مع عمر العبداللات. غزة .. ماذا يريد الأمريكيون باليوم التالي للحرب؟ مسيرة لحزب الله تستهدف جنودا إسرائيليين الحكومة: الإجازات بدون راتب لم تلغَ ولكن ستنظم الصفدي يلتقي لازاريني في عمّان الأحد. مستشفى كمال عدوان: جرحى استشهدوا لعدم توفر الإمكانيات الدعوة لاطلاق برامج لتنشيط الحركة السياحية وزير الإدارة المحلية يرعى ورش عمل الطاقة المستدامة والعمل المناخي للبلديات الأحد. 66 مخالفة تتعلق بالسقوف السعرية في نحو أسبوعين. الخصاونة: أتمتة 49 بالمئة من الخدمات الحكومية. اعتقال مسؤول التفخيخ في داعش. الشرباتي يحرز برونزية آسيا للتايكواندو ولي العهد يحضر الجلسة الافتتاحية للقاء التفاعلي لبرنامج تحديث القطاع العام الحكومة تلغي مبدأ الإجازة بدون راتب لموظفي القطاع العام الأمم المتحدة ترفع الصوت: “لم يبق شيء لتوزيعه في غزة” القسام: أطلقنا صاروخا على طائرة أباتشي بمخيم جباليا نشامى فريق الأمن العام للجوجيستو يحصدون الذهب في جولة قطر الدولية
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام )معارضة بناءة) .. نكتة السياسة الأردنية

)معارضة بناءة) .. نكتة السياسة الأردنية

10-11-2012 06:35 PM

عبدالرحمن الدويري

لا يكَلُّ السياسيون في بلادنا العربية - ومنها الأردن - مِن ترديدِ عباراتٍ يَتكئون عليها في تبريرِ مَواقفهم، وَيَتَّخذونها عناوينَ للانفتاح على الفضاءات العامة، وأدلّةً على الشفافية والمصداقية، والتّرحيبِ بالآخر، وتَقَبُلِ المخالف في الموقف والرأي، وهم في الحقيقة، وعلى أرض الواقع بعيدون كلَّ البعد عما يَدّعونه، ومناقضون لأنفسهم فيما يُعلنونه.

عبارة : "نحن نُرحّب بالمعارضة البنّاءة، التي تَمتلك الرؤيا والبرامج"  - مثلا - عبارةٌ مثيرةٌ للضحك في لغة السياسة الأردنية، بل أصبحت في الفترة الأخيرة مثيرةً للشفقة، لأنها تعني في نفس قائلها طلب الإذعان للأمر، وقبول الأمر الواقع بكل اختلالاته ومساوئه وعيوبه.

هي في جوهرها أمرٌ للمخالفين في الرّؤى والتطلعات لإلغاء قناعتهم، والتنازل عن حقوقهم، والتراجع عن إيمانهم بما آمنوا به، والخضوع لإرادة المشروع المنافس الذي انفرد في المعلب السياسي، وفرض أجنداته بصورة غير شرعية، وغير دستورية أحقابا من الزمن، وجرّ على الوطن كلّ هذا الكم مِن البلايا والمعضلات.

هي في حقيقتها شكلٌ مِن الرشوة، وآليّة لشراء ذمم المستجيبين لها،  للسكوت عن الجريمة، وتبرير  وقوعها واستمرارها، بل والمشاركة الفعلية فيها، والتلوث بأقذارها.

وهي بعد ذلك شكلٌ من أشكال التهديد للمعارضين، لأنهم إن لم يفعلوا ذلك سيتحولون في لغة النظام المسيطر وأدواته، إلى معارضة غير بناءة، أيْ: معارضة هدّامة غوغائية فوضوية  تهدد الاستقرار، وتقلق الشارع وتُهيّجه، ولا بد للسلطة من مهاجمتها واستئصال شأفتها، والأخذ على أيدي الذين يتعاطونها باعتبارهم خارجين على القانون، وفاقدين للأهلية.

مثل هذا المصطلح - المعارضة البناءة - لا تجدُ له مثيلا في دول العالم العريقة في مدنّتها، لأنها نظم تحترم نفسها، وتقدّر شعوبها، وتثق بسيرتها، وتطمئن لبياض صفحتها، ونظافة يدها في الأزمنة التي سيطرت فيها على المقاليد.

أما النظم التي يمكن تلخيصها بالعبارة القائلة: "كاد المريب أن يقول خذوني"، فإنك لا تجد عندها غير هذه  اللغة، فهي بضاعتها المُزجاة، وزادُها في صباحها ومساه، تَبيتُ عليها وتَصحوا، وتَهذرُ بها، وتلغوا طوال الوقت.

فاز أوباما على خصمه في الانتخابات في ولاية ثانية لإدارة الدولة الأمريكية، وأثناء حملته ناقض برامج خصومه في الحزب الجمهوري، ونقدها ودحضها، لكنه لم ينزع عن معارضيه ثوب الولاء، ولم يشكك في انتمائهم للوطن الأمريكي، ولم يحرض عليهم جموع الأمريكيين، باعتباره يمثل الشرعية السابقة، والأمل المعقود للاستقرار والاستمرار في قيادة المسيرة، ولم يُجنّد أصحاب السوابق، ولا قليلي العلم والثقافة، للنيل من المنافسين في البرامج.

لم يجمعْ ما يُزعم أنهم مشايخُ ومَختراتٌ ووجهاءُ لتثبيت شرعيته، وتأكيد شعبيته، وأنه ما زال محلّ إجماع الأمريكيين، بينما معارضوه لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا تأييد لهم في الشارع، وهم أصحاب أجندات خاصة ومنافع شخصية، أما هو وزمرته فبريئون من هذا، فهو ومن معه من الزّهاد مُتجردون من منافعهم ومصالحهم الخاصة، متفانون في خدمة الشعب والوطن، ولا غاية لهم إلا رضا الرب، ومباركة يسوع لخطاهم وجهودهم!!!

شيء من هذا لم يحدث، وإنما انتهت الجولة فهنّأ كلُّ واحدٍ صاحبَه، وتصافحَ الفريقان وانحنيا معا، ليحملا أمريكا بولاياتها وشعوبها وأعراقها وأجناسها ومذاهبها وأديانها وأيديولوجياتها - إلى مرحلة جديدة من البناء الإبداع والإنجاز، وتقوية الروابط، ولحقبة جديدة للسيادة على الدنيا، والقيادة للعالم.

ولا يغيب هنا أن فريق السلطة الذي تَلتفُّ حوله المولاة، والحائز على الثقة ليس مُتَّهما في سياسته، ولا في نزاهته، ولم يُغرق أمريكا في المديونية، ولم يبع مؤسساتها السيادية، ولم يُورِّث مَواقعه الإدارية، ولم تتضخّم الأرصدة الذاتية لطواقمه القيادية.

وبالمحصلة، فإن هذه اللغة أصبحت خارج العصر، والمصلحة كامنة في أن تنتهي وتُشطب من قاموس التخاطب في ربيع العرب، وعصرهم المبارك الجديد، لأنها تمثل شكلا من أشكال التزوير والمخادعة التي تَذهب بالهيبة وتُلغي المصداقية، وتَنزَع الشرعية عن أصحابها.

آن الأوان لنقتفي أثر الدول المدنية المحترمة، ونأخذ بتجربتها، ونوفّر الوقت بِتَبنّي أدواتها ووسائلها بعد تَكييفها، وأخذ النافع منها، فلسنا أقلّ من غيرنا، ونحن جديرون بهذا التحوُّل، وبهذا السعي لإحداث النقلة اللازمة، لتصحيح جرائمنا بحق أوطاننا وشعوبنا، أما المماطلة والإصرار على خطوات متدرجة في التحول فما هي إلا خدعة سمجة لتكريس الواقع الفاسد والسير بخطىً حثيثة إلى فوضى غير خلاّقة وغير مأمونة العواقب.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع