زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - تفتح إتصالات ومشاورات في اللحظة الأخيرة الباب في الأردن لإحتمالية بروز 'مراجعة' بدأت تقترحها حتى نخبة من أوساط القرار والحكم لمسألة الإنتخابات التي تصر مؤسسة القرار المرجعية على إجرائها مطلع العام المقبل في ظل غياب ما يسميه كثيرون بالتوافق الوطني.
عمليا لا يمكن تحديد الآلية الممكنة لأي مراجعة ولا يمكن القول بصورة فاصلة بأن مؤسسة القرار المركزية توصلت لقناعة بضرورة حصول مراجعة بدلا من الذهاب إلى إنتخابات في ظل مقاطعة عامة يمكن أن تتأثر سلبا بالطقس البارد خلال إجرائها بنفس الدرجة التي تتأثر فيها بالأجندة الإقتصادية الضاغطة بقوة على الدولة.
بعض الأفكار بخصوص المراجعة إستمعت لها 'القدس العربي' سابقا في مأدبة سياسية للبرلماني الشهير خليل عطية تضمنت إقتراحات محددة من القياديين في الحركة الإسلامية علي أبو السكر وزكي بني إرشيد.
عطية تحدث لـ'القدس العربي' لاحقا عن سيناريوهات ممكنة إذا ما نضج القرار السياسي بخصوص مراجعة قانون الإنتخاب من بينها عودة البرلمان السابق وفقا لمكانيزم دستوري محتمل.
قبل ذلك ألمح أبو السكر إلى أن التيار الإسلامي يمكنه تفهم صدور قرار من المحكمة الدستورية يقضي بعدم دستورية قرار حل البرلمان الأخير.. بعد ذلك إقترح الشيخ إرشيد الإنتقال فورا لطاولة البحث عن الحد الأدنى من التوافق الوطني.
داخل مؤسسات القرار العميقة يتم التأكيد على الرسائل السابقة للإعلام والسياسيين والتي تقول: الإنتخابات المقبلة في موعدها المقرر وستجري بمن حضر.
لكن البعض يتحدث عن اليوم عن مؤشرات حيوية تبدي مرونة في إتجاه مراجعة الموقف.
عبارة 'من حضر' لا تعجب سفراء مهمين للدول الغربية ينظر لهم القرار السياسي بتقدير عندما يتعلق الأمر بإنتخابات عامة على قدر كبير من الأهمية المفصلية ستعيد إنتاج صورة النموذج الإصلاحي الأردني في العالم في وقت الربيع العربي الحرج.
بين هؤلاء السفراء بالتأكيد البريطاني والألماني والكندي وإلى حد ما سفيرة فرنسا وبدرجة أقل الولايات المتحدة ومؤشرات ما يقوله السفراء بدأت تظهر في بعض المقالات الأردنية التي تحذر من الإسترسال في لعبة الإنتخابات في توقيت إقتصادي ومالي حرج للغاية.
وموقف الغرب مهم في حسابات المؤسسة الأردنية بدليل إهتمام غرفة إدارة الإنتخابات التي يقودها الدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب بالمعايير الدولية وبدليل حديث سياسيين كبار بينهم الخطيب نفسه عن إنتخابات بنزاهة رفيعة المستوى قبلها المجتمع الدولي في تجارب مجاورة من بينها ليبيا. القيادي في جبهة العمل الإسلامي الشيخ إرحيل الغرايبة سأل أمام نخبة من المثقفين السياسيين في صالون الوزير الأسبق امين محمود السؤال التالي: هل من المعقول أن ينجح الأخوة في الشعب الليبي بعد إستبداد القذافي لأربعة عقود في إنتخابات منصفة ونحن لا ننجح؟
خيارات الغرايبة ورفاقه في مربع قرار الأخوان المسلمين واضحة اليوم ويعبر عنها الشيخ إرشيد وهو يقول: لسنا في ازمة ولسنا سببها وإجراء إنتخابات بدون توافق وطني وصفة إنتحار سياسي. رغم ذلك لا توجد مؤشرات قوية على تغيير في في 'اللهجة الرسمية' تجاه ملف الإنتخابات لكن مطبخ الأخوان المسلمين وصلته رسالة من مصدر مطلع تطرح السؤال التالي: إذا تم تغيير قانون الإنتخاب اليوم هل يشارك الأخوان المسلمون في الإنتخابات؟
للسؤال سبب على الأرجح فبعض الأوساط تتحدث مبكرا عن مفاجأة في السياق في غضون أسبوعين والإستفسار إنطلق من مناسبة خلف الكواليس إستمع فيها القصر الملكي لعشرة أراء تمثل نخبة من أهم أصحاب القرار في الدولة لم تظهر أي منها حماسا للإنتخابات الوشيكة.
بعد ذلك فيما يبدو تم 'تعطيل' نوايا بعض الشخصيات الكبيرة والمهمة للترشح للإنتخابات وإنتبه القوم في غرفة القرار لجدل 'الكونفدرالية' الضار الذي دفعه الأمير حسن بن طلال فجأة للواجهة عندما تحدث بحنين عن الضفة الغربية بإعتبارها جزءا من السيادة الأردنية.
جهات مهمة بالقرار لا تريد أن يترافق سؤال 'الضفة الغربية' اليوم على أي نحو مع سؤال الإنتخابات.. الطريقة الضامنة فعليا لذلك هي الأخوان المسلمون عبر إعادتهم لمسرح العمليات السياسية، الأمر الذي يفسر عمليا صدور ضوء أخضر على شكل همسة تسألهم للمرة الأخيرة: ما الذي تريدونه بصورة محددة حتى تعلنوا المشاركة في الإنتخابات؟
رد الشيخ إرشيد العلني وهو الرجل الثاني في التنظيم الأخواني على السؤال تكرر أكثرمن مرة فالحد الأدنى الذي يسمح بالعودة للمسرح هو إسقاط قانون الصوت الواحد والإنتقال لطاولة التوافق الوطني مع إمكانية تأجيل أو 'جدولة' بقية المطالب وتحديدا المتعلقة بالمزيد من تعديلات الدستور وإمكانية التفاهم على قصة 'الأغلبية' التي تقلق مؤسسة الدولة والنظام المرجعية.
عامل آخر يعتقد بعض خبراء القرار والسياسة أنه شكل عنصرا ضاغطاعلى غرفة عمليات الإنتخابات في ظل المقاطعة فعملية التسجيل إستخدمت فيها الدولة كل ثقلها حتى وصل العدد لنحو مليونين وربع مليون مسجل والحسبة الطبيعية أن يقترع نصفهم على الأكثر.
بعض المسؤولين يقدرون بأن اجهزة الدولة 'مرهقة' وطاقتها إستنفدت لإنجاح عملية التسجيل والخشية قائمة من سقوط 'المعايير الدولية' وبالتالي منظومة النزاهة إذا ما أدركت قوى الدولة ميدانيا في اللحظات الأخيرة بأن الحاجة ملحة لرفع نسبة المقترعين. هنا حصريا قد يقع ما يعتبره الشيخ إرشيد 'المحظور' في غرف عمليات الإقتراع وهو التلاعب أو العبث وبمعنى آخر إجتهادات التزوير البيروقراطية التي ثبت انها لا تلتزم بالقرار السياسي، الأمر الذي يعتبره مسؤولون بارزون سيناريو رعب كبير لا يتوقف عند سقوط الإنتخابات نفسها وقد ينتهي بتحول مئات المرشحين الخاسرين للإنتخابات من حلفاء الدولة للشارع.
لذلك كله يحاول بعض المجتهدين وفي اللحظات الأخيرة تنشيط خلايا تصور جديد يخضع حاليا للتقييم والتقدير مع لافتة تقول 'لا زالت الخطة كما هي' حتى اللحظة على الأقل.
القدس العربي