زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - مهد مطبخ حكومة الرئيس عبدلله النسور الأردنية جيدا لإجراءات 'تقشفية' صعبة جدا إقتصاديا في توقيت حساس يترقبها الرأي العام في الوقت الذي تنشغل فيه مجسات الدولة الأردنية لقياس صدى مسيرة أعلنت قوى المعارضة تنظيمها اليوم الجمعة.
التمهيد شمل إجراءات علنية عمليا فقد جهز وزير المالية سليمان الحافظ الشارع نفسيا لتقبل موجة إرتفاع جديدة بالأسعار بعدما تبين له أن أموال المساعدات خصوصا الغربية والأمريكية ممرها الوحيد اليوم هو صندوق النقد الدولي.
الوزير الحافظ لم يبلغ بعد الرأي العام الداخلي بما تقرر على مستوى صندوق النقد الدولي عندما قالت له إدارته بأن الأردن لن يحصل بعد الان على دولار واحد قبل الإلتزام بإصلاحات الصندوق.
كلمة الإصلاحات هنا لا تعني إلا شيئا واحدا وهو رفع الدعم كليا عن الأسعار والسلع والخدمات لتغطية عجز الميزانية.
لكن الوزير الحافظ لا يقول ذلك للناس ويكتفي بتجميل المسألة فيما يحاول وراء الكواليس الضغط بشدة على خمسة وزراء يطالبون بآليات عبقرية لتعويض العجز بعيدا عن قوت الناس.
بالنسبة لرئيس الحكومة النسور يبدو متهيئا تماما للقرارات الصعبة إقتصاديا بعدما أنتج عدو مناورات 'سياسية' تهدف لتخفيف الإحتقانات وردود الفعل المحتملة. هنا حصريا يمكن تتبع حركة النسور فالرجل وعد الصحافة الإلكترونية بإلتزام 'حسن النية' بتطبيق قانون المطبوعات المعدل الجديد الذي يقيد حريات النشر .
هذه الوصفة المبتكرة في التطبيق تعني بعدما همست الحكومة بإذن بعض المعنيين 'تجميد' صلاحيات حجب المواقع الإلكترونية التي لا ترخص ولا تسجل والإمتناع حكوميا هذه المرة عن إصدار تعليمات ناظمة تصدر بالعادة حتى تطبق القوانين.
لاحقا قطف النسور ثمار الإفراج عن معتقلي الحراك وإستقبلهم في مكتبه بعد خروجهم مباشرة من السجن فيما أفرجت حكومته عن ثلاثة سلفيين وتستعد للإفراج عن ستة أخرين في نطاق مسلسل الهدايا الشعبية التي تقدمها حكومته في أكثر من إتجاه.
الهدية الأبرز على شكل رشوة سياسية من نكهة خاصة تمثلت في خطوة توحي بعد سبع سنوات عجاف بأن حكومة النسور مستعدة لإعادة جمعية المركز الإسلامي التي تعتبر أم الجمعيات التابعة للأخوان المسلمين لبيتها الأخواني.
هنا حصريا ورغم مضي سنوات طويلة على سيطرة الحكومة على الجمعية الضخمة فوجىء الجميع بقرار حكومي بتعيين قيادي في الجماعة الأخوانية هو جميل الدهيسات على رأس هيئة تدير الجمعية الضخمة.
ذلك لا يعني إلا خطوة في موضوع مهم وحساس بإتجاه الأخوان المسلمين قبل تسليمهم جمعيتهم التي خطفتها حكومة معروف البخيت قبل أكثر من ست سنوات بصورة نهائية.
وهي خطوة أجبرت الرجل الثاني في تنظيم الأخوان المسلمين الشيخ زكي بني إرشيد على إمتداحها وإعتبارها إيجابية ومفاجئة مع التذكير بأن الأجندة السياسية بما فيها مقاطعة الإنتخابات لا علاقة لها بقصة الجمعية المشار إليها.
قبل ذلك طرحت على الرأي العام مقترحات 'تقشفية' تظهر أن الحكومة راغبة فعلا في حل مشكلة الميزانية بعيدا عن المساس بالفقراء حيث تم الإعلان عن دراسة زيادة أسعار الديزل على الأثرياء فقط مع تقنين إستخدام السيارات عبر آلية الفردي والزوجي التي تعني بأن أرقام اللوحات الفردية لا تستطيع التحرك بالشارع بالتوازي مع سيارات بأرقام لوحات زوجية بهدف تخفيف الزحام وتوفير الطاقة.
كل هذه الخطوات السياسية بإمتياز تقوم بها وزارة النسور في وقت ضيق للغاية تمهيدا على الأرجح لتخفيف وطأة إرتفاع متوقع وعاصف للأسعار خلال أيام قليلة لكن رد الأخوان المسلمين حتى اللحظة هو الإصرار على تنظيم مسيرة اليوم الجمعة التي ستجيب طبيعتها التنظيمية على العديد من الأسئلة العالقة حول إستراتيجية المعارضة والحراك قبل الإستحقاق الإنتخابي.
القدس العربي