زاد الاردن الاخباري -
في غياب أي برنامج سياسي أو حتى مهمة سياسية للحكومة الأردنية الجديدة ( إذا قبلنا زعم وجود هيئة مستقلة للإشراف على الإنتخابات ), بدأت الحكومة تتلهى بإصدار قرارات في شؤون جانبية . وخطأ تلك القرارات القاتل هو ما يجعلها تتصدر الأخبار , ويمتزج نقدها بالتندرعليها في مواقع التواصل الإجتماعي . فالسجل السياسي ( لا يرقى لبرنامج ) للرئيس ,لم يبق شيء من القليل المتجمع منه نتيجة تدني سوية مجلس النواب السابق الذي كان الرئيس الحالي عضوا فيه , أكثر منه نتيجة تقدم الرئيس بطرح برنامج أو مواقف كالتي تصنع ساسة بحجم رؤساء حكومات. فما اعترض عليه الرئيس الحالي كنائب ( وهو ما ثار الشعب عليه قبله فأوجب "حفظ خط الرجعة " لبعض النواب حين ثبت غرق سفينة المجلس ) تنازل عنه الرئيس لحظة تكليفه بالمنصب .. بل هو ماض كرئيس حكومة في تنفيذ كل ما عارضه كنائب بالمعنى الحرفي " للتنفيذ " الذي يلغي عن صاحبه صفة صاحب القرار.
إذا استثنينا إعلان الرئيس نية خفض قيمة العملة الوطنية , والذي يزيد على الشلل الطوعي لقبول مهمة انتحارية, فإن ما تلا من قرارات حكومية ( ربما لانكماشها بعد ذلك الإعلان المتهور ) جعل الحكومة تنبش في الهوامش ثم تضخمها لتبدو قرارات متميزة .. وهي ما يتوالى انفجارها في وجه الحكومة.
أول تلك القرارت التي استدعت أن يسبق التندر النقد الجاد, هو "إلغاء التوقيت الشتوي " , مع أن حقيقة الأمر أن التوقيت الطارىء هو التوقيت الصيفي الذي جرى العمل به منذ ما يقارب العقدين لغايات توفيرالطاقة صيفا , فيما التوقيت الشتوي هو جزء من " التاريخ " الإنساني الحديث ( بعد اختراع الساعة ) لا يجوز تغييره. وإذا كنا الآن نلمس الأثر المعنوي السيء لقرار الحكومة ذاك على ساعة ولادة ابناءنا مثلا ,والتي غيرتها الحكومة , فإن شأنا بأهمية فارق حكم قضائي بين ما يحكم به على "القاصر" مقابل الحكم على البالغ سن المسؤولية القانونية , قد تمر خطأ في أحكام قضائية لا تتنبه فيها الأطراف القانونية لتغير ساعة ارتكاب الجرم . فبلوغ سن الرشد يتم في الساعة الثانية عشرة ليلا لليوم السابق لتاريخ الولادة بعد ثمانية عشر عاما منها. وحتى ولاية مجلس النواب ( رغم أنه لا ولاية مطبقة عندنا ) المحددة في دستوريا بأربع سنوات شمسية ,فرق الساعة قد يعطي شرعية او يسقط شرعية قرار .. وهذه أمثلة يوجد كثير غيرها .
ولم يقف التلهي الحكومي غير المسؤول عند هذا . فففي أوج اعتراضات الشعب على توجه أطفالهم للمدارس شتاء قبل بزوغ الفجر , صرح وزيرالمالية أن الحكومة تدرس فرض تسيير المركبات وفقا لنظام رقم السيارة الفردي والزوجي . وفي ظل حال المواصلات العامة المتردي ( نتيجة الفساد تحديدا وبدلالة مآل مشروع الباص السريع في العاصمة ذاتها) فإن هذا سيعني ان يخرج الأطفال والنساء والرجال من بيوتهم , النائية تحديدا , قبل الفجر بأمد ويسير كل في طريق لأن المراقفة ستتطلب ساعة او اثنتين إضافية , ليصلوا لمراكز عملهم او مدارسهم ..او تشتري كل الأسر الفقيرة حقيقة ولكن المضطرة لاقتناء سيارة قديمة لهذه الأغراض الحيوية, سيارة اخرى .. او يتغيب أفرادها , يوما بعد يوم , عن اعمالهم ومدارسهم !!
هكذا خيار طبق لفترة وجيزة في ظرف استثنائي كحرب الخليج , ولكن حين يصدر الآن " كحل" لمشكلة الوقود , فالمراد به الضغط الإستثنائي على الشعب ليقبل الرفع الجائر لأسعار الوقود .. وكأن الشعب المسحوق بقيت بين جسده وأسفلت الشارع مساحة للضغط !
ولكن يسجل للحكومة الجديدة انها اتخذت قرارا واحدا صائبا , وهو إلغاء حزمة تعيينات تنفيعية كانت الحكومة السابقة قد أجرتها حين أحست بقرب ترحيلها .. ونحن كشعب سنقوم بالشيء ذاته : سنلغي كافة التعيينات التنفيعية التي جرت في العهد الجديد تحديدا وأوصلتنا لهذا الحال , وتحديدا سنلغي أي أثر من رواتب وامتيازات رؤساء الحكومات والوزراء ومن هم في سويتهم من حيث المزيا وخطورة القرار .. مضافا له خطوة لن تتخذها الحكومة حتما, ولكن الشعب يصر عليها , وهي محاسبة كل هؤلاء على ذممهم المالية المتضخمة , الفردي منهم والزوجي والمتعدد .. والوصف هنا دقيق لأن تلك المناصب باتت تورث لأكثر من فرد من ذات العائلة , وكل منهم تعفى سيارته الفارهة من الجمارك في تنفيع تاريخي غير قانوني وغير دستوري هدف لشراء ولاء المنتخبين ( حين كانت هنالك بقية تنتخب ) والمعينين على السواء .
وكالات