أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
لجنة محافظة جرش تبحث تطوير الخدمات ودعم إدماج ذوي الإعاقة الحركية بدء تنفيذ مشروع متنزه عجلون الوطني لتعزيز السياحة والتنمية المستدامة وسيم بديع الأسد إلى قاضي الإحالة تمهيداً لمحاكمته .. ماذا نعرف عنه؟ عطاء لتغيير خط مياه البادية الشمالية الشرقية لتحسين الإمدادات «شخص واحد مسؤول عن الإهانة» .. مدرب مصر ينفجر غضباً بعد وداع كأس العرب استشهاد فلسطيني وإصابة طفل برصاص الاحتلال الإسرائيلي في غزة مصر .. الإعدام لموظف اعتدى جنسيا على أطفال داخل مدرسة محافظ معان يتفقد توافر السلع الأساسية استعدادًا للظروف الجوية الشتوية وفد البنك الدولي يزور مشاريع برنامج "أرضي" الزراعي في جرش القاضي مهنئاً النشامى: "رفعتم رؤوسنا" اليونيسف: آلاف الأطفال والنساء في غزة يتلقون العلاج من سوء التغذية بعد وقف إطلاق النار لوموند: أوروبا تواجه تحديات في جعل صوتها مسموعاً للصين كيف تواجه الأسر العربية إفراط أطفالها في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟ وفاة 13 جراء حريق في مبنى من 7 طوابق في إندونيسيا أصوات انفجارات في منطقة المزة بدمشق والشرطة تتحقق من طبيعتها علماء: 2025 سيكون ثاني أو ثالث الأعوام الأعلى حرارة على الإطلاق توقعات بارتفاع أسعار الألماس العالمية الأردن .. قروض بطاقات الائتمان ترتفع 10% منذ مطلع العام 4 ملايين دولار تكلفة مشروع تغيير خط المياه الناقل بين البشرية والصفاوي الجغبير: القطاع الصناعي يبارك للقيادة والشعب تأهل منتخب النشامى الى الدور الثاني لكأس العرب
الصفحة الرئيسية آدم و حواء حين تهتزّ المسلّمات… تبقى حقوق الإنسان آخر خطوط...

حين تهتزّ المسلّمات… تبقى حقوق الإنسان آخر خطوط الدفاع

حين تهتزّ المسلّمات… تبقى حقوق الإنسان آخر خطوط الدفاع

09-12-2025 08:18 PM

زاد الاردن الاخباري -


في عالم يزداد اضطرابًا، وتتشابك فيه الأزمات والحروب والأزمات الاقتصادية والنفسية، يعود يوم حقوق الإنسان ليطرح سؤالًا بسيطًا وعميقًا في آن واحد: ماذا يبقى لنا حين تهتز كل المسلّمات من حولنا؟
الإجابة، مهما اختلفت القراءات، تظل تدور حول فكرة واحدة: كرامة الإنسان وحقوقه هي آخر خط دفاع عن إنسانيتنا، وهي الخيار الرابح حين تخسر كل الرهانات الأخرى.

ونحن نحيي ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لا نتعامل مع نص تاريخي يعود إلى عام 1948 بقدر ما نتأمل في واقعنا اليوم: في خوف الناس من المستقبل، في شعورهم بالعزلة والاستياء، في بحثهم عن ما يعيد المعنى إلى فكرة العدالة والإنصاف. ما يدعو للتأمل أن كثيرين ما زالوا ينظرون إلى حقوق الإنسان وكأنها أفكار مثالية أو شعارات للنخبة، بينما هي – في حقيقتها – تفاصيل حية في حياتنا اليومية: في الماء النظيف الذي يجب أن يصل إلى كل بيت، وفي اللقمة التي تُوضع على مائدة الأسرة بكرامة، وفي المدرسة التي تستقبل أطفالنا دون تمييز، وفي القدرة على قول رأينا دون خوف.

إحياء هذا اليوم هو محاولة لإعادة هذه الحقوق من رفوف النصوص إلى نبض الحياة. أن نُذَكِّر أنفسنا بأن حقوق الإنسان ليست فقط لحظة مواجهة مع التعذيب أو الاعتقال أو القمع، بل هي أيضًا الحق في الأمل، في الفرص المتكافئة، في العمل اللائق، في الرعاية الصحية، في أن يشعر الفرد بأنه ليس رقمًا زائدًا في معادلة سياسية أو اقتصادية باردة.

حقوق الإنسان ليست مجرد درع يحمي من الانتهاكات، بل هي أيضًا طاقة إيجابية تضيف إلى الحياة معنى وطمأنينة. حين يشعر الإنسان أن القانون يحميه لا يطارده، وأن المؤسسات وُجدت لخدمته لا لإقصائه، وأن صوته – مهما بدا صغيرًا – له وزن، يصبح أكثر قدرة على العطاء، وأكثر استعدادًا للمشاركة في الشأن العام، وأقل قابلية للانجراف نحو التطرف أو العنف أو اليأس. في لحظات الشك وعدم اليقين، تتحول هذه الحقوق إلى ما يشبه "جذورًا" تمنعنا من السقوط الكامل، وتُذكّرنا بأن العدالة ليست حلمًا مستحيلاً، بل مسؤولية مشتركة.

ومن هنا تأتي أهمية ربط هذه الذكرى بالجهد الواقعي المبذول على الأرض. ففي الأردن، لا يُمكن قراءة يوم حقوق الإنسان بمعزل عن المسار الذي اختارته الدولة في السنوات الأخيرة، من تحديث سياسي واقتصادي وإداري، ومحاولات لتعزيز سيادة القانون وتوسيع المشاركة العامة، والتفاعل المستمر مع منظومة حقوق الإنسان الدولية من خلال الاستعراض الدوري الشامل وتوصيات الآليات الأممية. هذا المسار، على ما يواجهه من تحديات وتعقيدات، يعكس إدراكًا بأن الاستقرار الحقيقي لا يقوم إلا على قاعدة حقوق مصانة ومؤسسات أكثر شفافية واستجابة.

لكن البعد الأهم – والأكثر إنسانية – في هذا السياق يظهر حين نخرج من حدودنا الجغرافية وننظر إلى الموقف الأردني من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الإقليم، وعلى رأسها ما يتعرض له أهلنا في غزة. ففي الوقت الذي تُنتهك فيه أبسط حقوق الإنسان هناك: الحق في الحياة، في الأمان، في الماء والغذاء والدواء، كان صوت الأردن الرسمي حاضرًا في المحافل الدولية، مندّدًا باستهداف المدنيين والعقاب الجماعي، ومصِّرًا على التذكير بقواعد القانون الدولي الإنساني وضرورة احترامها. لم يكن ذلك مجرد موقف سياسي عابر، بل امتدادًا طبيعيًا لرؤية تعتبر أن الدفاع عن حقوق الإنسان لا يتجزأ، وأن الكرامة لا يمكن أن تُقسم وفق الحدود أو الجنسيات.

إلى جانب الخطاب، جاءت الممارسات العملية لتمنح هذا الموقف وزنه الأخلاقي: إرسال المساعدات، التركيز على إيصال الماء والغذاء والدواء، دعم القطاع الصحي والإغاثي، والعمل مع شركاء إقليميين ودوليين لتخفيف وطأة الحصار والمعاناة. في هذه الجهود، يلتقي البعد الوطني بالبعد الإنساني، ويتجسد المعنى الحقيقي لحقوق الإنسان: أن تتحول من نصوص جميلة إلى فعل تضامن ملموس مع شعب يُحرم من الحد الأدنى من مقومات الحياة.

إن الربط بين إحياء ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبين هذا الحضور الأردني – رسميًا وشعبيًا – ليس نوعًا من التزيين او المجاملة، بل دعوة للنظر إلى حقوق الإنسان كمسار متكامل: يبدأ من إصلاح الداخل وتقوية منظومة الحقوق والحريات في المجال الوطني، ويمتد إلى اتخاذ مواقف أخلاقية واضحة من قضايا المنطقة والعالم. فالإنسان الذي نطالب باحترام كرامته في عمّان أو إربد أو الكرك، هو ذاته الذي يستحق الحياة في غزة أو القدس أو أي بقعة أخرى يتهدده فيها القمع والحرمان.

في النهاية، يبقى جوهر الرسالة بسيطًا رغم كل التعقيد: حقوق الإنسان ليست رفاهية زمن الهدوء، بل حاجة ملحّة في زمن الأزمات. هي ليست خطابًا للنخب، بل لغة حياة للناس العاديين. تبدأ من طريقة احترامنا لبعضنا البعض، من رفضنا للظلم حين نراه، من استعدادنا للاستماع للأصوات المهمّشة، ومن إصرارنا على أن لا يكون الخوف هو اللغة الوحيدة في الفضاء العام.

حين نقرأ أو نسمع عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ربما يكون من المفيد أن نسأل أنفسنا سؤالًا واحدًا: ما المسافة بين هذه المبادئ وبين ما نعيشه نحن ومن حولنا؟ وكلما نجحنا في تقليص هذه المسافة، ولو بخطوة صغيرة، نكون قد أسهمنا في أن تبقى حقوق الإنسان، فعلًا لا قولًا، الخيار الرابح للبشرية… ولنا نحن قبل غيرنا.














تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع