أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71 عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان (خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟ البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام سلام يبنيه الاردن… واستسلام يرفضه التاريخ

سلام يبنيه الاردن… واستسلام يرفضه التاريخ

26-11-2025 09:43 AM

الاردن اليوم يقف في قلب عاصفة اقليمية لا تهدأ، ولكنه يقف بثبات دولة تعرف نفسها جيدا، وتعرف الفرق بين سلام يحفظ كرامتها ودورها، واستسلام ينتزع منها هويتها وحقها وصوتها. منذ تأسيسها والاردن يحمل راية موقف واضح: السلام خيار ارادة، اما الاستسلام فليس له مكان في قاموس هذا الوطن. وهذا المبدأ لم يأتِ صدفة، بل صاغته مدرسة هاشمية امتدت من الحسين الباني الى الملك عبد الله الثاني وولي عهده الامير الحسين، مدرسة ترى ان الامة لا تعيش بسلام هش، بل بسلام قوي يحمي الحقوق والارض والوجدان.

قال الملك عبد الله الثاني في احدى كلماته العالمية: ابي كان رجلا قاتل من اجل السلام حتى الرمق الاخير. لم تكن الجملة وصفا شاعرية لحياة ملك، بل خلاصة نهج رسم وجه الاردن الحديث. الحسين، رحمه الله، لم يمش في طريق سهل، ولم يختبر مرحلة هادئة، لكنه كان يعرف ان السلام الذي يخدم وطنه وامته هو سلام يصنعه الاقوياء، لا سلام تتنازل فيه الدول عن صوتها تحت ضغط القوة. ولذلك بقي الاردن، في كل مفصل سياسي حساس، رافعا رأسه، لا يساوم على كرامته ولا يبدل ثوابته.

الملك الحسين نفسه قال يوما عبارة خالدة: فلسطين قطعة من قلبي. لم يكن هذا موقفا عابرا، بل جزءا من هوية الدولة الاردنية، التي وجدت نفسها دائما في موقع الدفاع عن الحق الفلسطيني وحمايته. ومثلما كان الحسين يؤمن بأن القضية ليست ملفا سياسيا بل التزاما اخلاقيا وتاريخيا، بقي الملك عبد الله الثاني يحمل ذات الرسالة، مؤكدا في كل محفل ان السلام الحقيقي لا يقوم على الظلم، وان الاردن لن يقبل سلاما ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني او يعبث بهوية القدس وتاريخها.

واليوم، وفي ذروة ما تشهده المنطقة من ضغوط وصراعات ومشاريع تلتف على الحقوق، يكرر الملك عبد الله الثاني رسالة ثابتة: الاردن مع السلام العادل الشامل، وليس مع حلول شكلية تخدم القوي وتخنق الضعيف. الارادة السياسية الاردنية لم تتغير يوما، لان جذورها ضاربة في عمق مدرسة الحسين، الذي خاض اشد المراحل صعوبة دون ان يسمح للاستسلام ان يقترب من قاموسه.

ولي العهد الامير الحسين بن عبد الله الثاني، في كل ظهور له، يعيد تذكير جيله ان السلام ليس كلمة تلين، بل مسؤولية تستوجب صلابة. وعندما استحضر في احدى المناسبات رسالة الملك الحسين الى الملك عبد الله عند تسليم الراية، كان يشير الى اساس هذه المدرسة: ان حب الوطن انتماء لا يساوم، وان الولاء ليس شعارا بل فعل، وان مصلحة الوطن مقدمة على كل شيء. تلك الرسالة لم تكن مجرد كلمات اب لابنه، بل كانت دستور ثبات يورث من جيل الى آخر.

وحين تحدث ولي العهد عن القدس وقال: القدس ليست قضية نتحدث عنها، بل شرف ندافع عنه، كان يعيد رسم جوهر الفرق بين السلام والاستسلام. فالدفاع عن المدينة المقدسة وعن الوصاية الهاشمية عليها ليس موقفا سياسيا، بل امتداد لنهج اساسه العدل والكرامة والحق.

الاردن اليوم يحمل عبء المنطقة لكنه لا يتراجع. يواجه ضغوطات اقتصادية وسياسية، لكنه يرفض ان يساوم على ثوابته. ويقف وحيدا احيانا، لكنه لا ينحني. السلام الذي يريده الاردن ليس ورقة توقع على طاولة، ولا صورة تلتقط لمشهد بروتوكولي، بل سلام يعيد الحق الى اهله، ويحمي الارض، ويضمن الامن والاستقرار للشعوب، وليس سلاما يفرض بالقوة او يغطي الظلم.

في كل محطة اقليمية، يظهر الفرق واضحا: الاستسلام هو ان تقبل بما يفرض عليك، اما السلام فهو ان تذهب برأس مرفوعة الى طاولة التفاوض دون ان تتخلى عن مبادئك. الاستسلام هو ان تساير العالم في سياسات لا تشبهك، اما السلام فهو ان تفرض احترام موقفك على العالم. الاستسلام يسلب الوطن هيبته، اما السلام فيبني له مكانة لا تهتز.

الاردن كان وسيبقى نقطة اتزان في منطقة مضطربة، وقوة عقلانية تقف على حدود النار دون ان تحترق. دوره لم يكن يوما دور المتفرج، بل دور من يمنع الانهيار، ومن يدفع باتجاه الحلول العادلة، ومن يحمي الناس من فوضى تتسع. وهذا الدور ليس ناتجا عن ضعف، بل عن ثقة. عن معرفة. عن ارث ملكي صنعه الحسين ويمتد اليوم في الملك عبد الله وولي عهده.

وحين نقول ان الاردن يرفض الاستسلام، فليس المقصود فقط الاستسلام السياسي، بل الاستسلام في الهوية، في الرسالة، في الدور. فالاردن دولة صغيرة في المساحة لكنها كبيرة في الموقف، ودورها يفوق حجمها الجغرافي لانها دولة ذات موقف لا يتغير. وهذا ما يجعل العالم يصغي لها حتى وان اختلف معها.

السلام بالنسبة للاردن هو ان يعيش الناس بكرامة. هو ان لا يرفع الاردني رأسه الا وهو واثق انه على الجانب الصحيح من التاريخ. هو ان تبقى فلسطين في القلب لا في الهامش، وان تبقى القدس مسؤولية لا شعارا. اما الاستسلام فهو ان نتخلى عن هذا كله مقابل لحظة هدوء زائف لا تدوم.

وهكذا يبقى الفرق بين السلام والاستسلام واضحا في تاريخ الاردن: السلام قرار دولة قوية، اما الاستسلام فهو قدر الدول التي فقدت نفسها. والاردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، لم يفقد نفسه يوما. بل اختار دائما طريقا واحدا: سلاما لا يشبه احدا، وكرامة لا تنحني، وموقفا لا يذوب مهما تغيرت موازين القوى.

هذا هو الاردن. دولة صنعت سلاما بكرامة، ورفضت استسلاما بثبات، وحملت عبء امة دون ان تسمح لظهرها ان ينحني. هنا تكمن الحكاية، وهنا يكمن الفارق.








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع