أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71 عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان (خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟ البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
الصفحة الرئيسية من هنا و هناك لماذا تراجع نفوذ الحضارة المصرية القديمة أمام...

لماذا تراجع نفوذ الحضارة المصرية القديمة أمام حضارات أخرى

لماذا تراجع نفوذ الحضارة المصرية القديمة أمام حضارات أخرى

18-10-2025 11:31 AM

زاد الاردن الاخباري -

شهدت الحضارة المصرية القديمة واحدة من أطول مراحل الازدهار في التاريخ الإنساني، إذ امتدت قوتها ونفوذها لآلاف السنين بفضل اعتمادها على نظام سلطة مركزية متماسك، وجيش قوي، وإنجازات معمارية وفنية ودينية لا تُنَافس، فضلاً عن اقتصاد زراعي مستقر ارتبط بفيضان النيل، بيد أن هذا الاستقرار لم يكن دائماً، فبمرور الوقت بدأت عوامل الضعف تتسلل إلى البنية السياسية والاجتماعية، مما أدى إلى "إضعاف نفوذها التاريخي" أمام إمبراطوريات ناشئة، وإن استمر تأثيرها الحضاري ظاهراً بوضوح في تكوين تلك الإمبراطوريات في الشرق القديم.

فمع تعرض مصر لفترات متتالية من غزو أجنبي، زادت التحديات التي قوضت ركائز قوتها، بعد أن فرضت القوى الخارجية أنماطاً سياسية واقتصادية جديدة، وقيّدت استقلالية المصريين في إدارة شؤونهم، فضلاً عن التغيرات الثقافية والدينية التي أدت إلى تراجع الموروث المصري التقليدي أمام مؤثرات أجنبية متلاحقة، وهكذا، فإن أفول نجم الحضارة المصرية القديمة لم يكن نتاج عامل واحد، بل تضافرت عناصر داخلية من ضعف وانقسام، وخارجية من غزو وسيطرة، جعلت تلك الحضارة تدخل تدريجياً في طور الانحسار.

ويرى مؤرخون أن سر تفوّق مصر الحضاري واستقرارها وقوتها عبر التاريخ يكمن في معادلة دقيقة جمعت بين تماسكها الداخلي ووجود سلطة مركزية قوية يدعمها جيش قوي قادر على حماية البلاد. فهذه العناصر الثلاثة، الوحدة الداخلية، والقيادة المركزية، والقوة العسكرية، كانت دائماً ركائز الحفاظ على توازن مصر وتأمين موقعها الجغرافي الحساس، الذي جعلها في قلب الأطماع والتحولات الإقليمية، ومن ثمّ، فإن كل خلل أصاب إحدى هذه الركائز انعكس بالضرورة على استقرارها وهدد مكانتها.

ونستعرض هنا بعض الأسباب التي أسهمت في تراجع نفوذ الحضارة المصرية قديماً بعد مجد دام آلاف السنين، وآراء بعض أبرز علماء تاريخ مصر القديم وحضارات الشرق الأدنى في هذا الموضوع في مسعى لحل هذا اللغز التاريخي الذي مازال يحير البعض، فضلاً عن محاولة الإجابة عن سؤال هل كان تراجع النفوذ التاريخي للحضارة المصرية أمراً حتمياً لا مفر منه في ظل صعود إمبراطوريات وحضارات أخرى في آسيا وأوروبا، أم كان بإمكانها الاستمرار ومقاومة عوامل التغيير وتحدي ميزان القوى الجديد في هذا الشرق القديم؟
"أفول نجم سطع في الشرق؟"
على الرغم من أن تراجع نفوذ الحضارة المصرية القديمة لم يكن نتيجة انهيار مفاجئ أو عامل منفرد، بل كان حصيلة تراكمية لعوامل داخلية، أبرزها التنافس على الحكم وتناحر رجال الدين مع السلطة، وعوامل خارجية تمثّلت في غزو وهيمنة ثقافية أجنبية، إلا أن إرثها العلمي والفني والديني ظل شاهداً على قوتها رغم كل هذه التحديات، بل ظل مؤثراً على نحو ملحوظ في الحضارات الأخرى "الوليدة" التي احتلت مركزها الريادي في ذلك الوقت.
ولا يزال علماء تاريخ مصر القديم يبحثون عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تصدّع نفوذ الحضارة المصرية القديمة، التي لم يبق منها سوى تراثها المادي المنظور، فهناك ثلاث آراء: أولها يرى بعض العلماء أن ذلك يرجع إلى العامل الجغرافي وامتداد البلاد طولاً مما أثر على مر العصور على تماسكها إدارياً وسياسياً.

والرأي الثاني يرى أصحابه أن هذا التراجع الحضاري ناتج عن التطور التاريخي للقوى التي كانت تطمع في الاستيلاء على مصر والتي كانت تناهضها، وظهور ضعف سياسي أمام تلك القوى في بعض فترات تاريخها الطويل، وعلى الرغم من نجاح بعض هذه القوى في دخول مصر إلا أنها لم تؤثر في مظاهر حضارتها وسرعان ما تخلصت مصر من نظم حكم قوية مثل الهكسوس والآشوريين والفرس، وحتى عندما دخلها الإغريق ثم الرومان، ظلت الحضارة المصرية صميمة في تراثها وفي مظاهرها.
أما الرأي الثالث فيقول أصحابه أن عوامل التراجع الحضارية ترجع إلى أسباب اقتصادية، نظراً لأن الاضطرابات الاقتصادية وضعف الإنتاج لهما تأثيرهما على المدى البعيد على تماسك البنيان الاجتماعي ويؤدي بالتالي إلى الانهيار.

ويرى العالمان الفرنسيان ماري-أنغ بونهيم ولوقا بفيرش، في دراستهما "عالم المصريين"، أنه اعتباراً من الألفية الأولى ق.م، وقد سبقها إقصاء آخر ملوك الرعامسة، عام 1070 ق.م تقريباً، كان استقلال مصر السياسي قد انقضى "فباتت القوى الأجنبية صاحبة القرار في مصيرها وتناوبت سيطرتها مع انتفاضات وطنية نزعت إلى الاستقلال".

وبحسب رأي العالمان الفرنسيان، يمكن تحديد بدايات مراحل انحسار نفوذ الحضارة المصرية القديمة من مدينة تانيس، في عهد الملك سمندس، مؤسس الأسرة الحاكمة الحادية والعشرين (التي تسمى أحياناً بعصر الكهنة والملوك)، والذي حكم لمدة 26 عاماً، وهي مرحلة يعتبرها المؤرخون بداية ما يعرف اصطلاحاً بـ "عصر الانتقال الثالث"، الذي تميز بضعف السلطة المركزية وتوزيع السلطة والنفوذ، حيث كانت السلطة الفعلية مقسّمة بين القصر الملكي في تانيس شمالاً وكهنة المعابد في طيبة جنوباً.

ويضيفان أنه في مطلع الألفية الأولى ق.م "اضطرت أسرات تانيس (الحاكمة) أن تتصالح مع كبير كهنة آمون في الكرنك، الذي كان يفرض سلطته على مصر العليا، كأمر واقع، وهو الوضع الذي سيستمر إلى أن تربع على عرش البلاد زعيم عشيرة ليبية، هو شاشانق الأول (حوالي 945-924 ق.م)، ليؤسس الأسرة الثانية والعشرين المعروفة اصطلاحاً (بالليبية)".

كما يمكن رصد بداية التغيير في تخلي ملوك تانيس عن اختيار وادي الملوك في طيبة مكاناً لدفن موتاهم، وأقاموا جبانة ملكية في تانيس تعبيراً عن إرادة سياسية جديدة ترمي إلى التأكيد على دور المدينة كعاصمة جديدة للبلاد وتحويلها إلى طيبة جديدة، وهو ما اكتشفه الأثري الفرنسي، بيير مونتيه، خلال حفائره التي امتد عمله فيها من عام 1939 إلى عام 1951 داخل حرم معبد تانيس الكبير، المكرّس لعبادة الإله آمون، حيث اكتشف دفنات ملوك الأسرتين الحادية والعشرين والثانية والعشرين، وما تحويه من مجموعة فريدة من المتاع الجنائزي الفريد.
بيد أن العالم الفرنسي، جان فيركوتير، في دراسته "مصر القديمة"، يرى أن بداية انزلاق الحضارة المصرية الفعلي والملموس بدأ مع تولي آخر ملوك الأسرة الثانية والعشرين "شاشانق الثالث" و"بامي" وشاشانق الرابع"، بعد أن انتشرت الفوضى ونزعت مصر إلى مزيد من التقسيم، لاسيما في الدلتا.

ويقول: "ازدادت مصر انقساماً على انقسام، فإلى جانب انشطارها إلى شمال وجنوب، تجزأت إلى شرق وغرب في الدلتا، ويا ليتها كانت نهاية التقسيم، فإلى جانب الأسرة الحاكمة، ظهر ما يبدو العديد من زعماء الأسرات المحلية في الشمال، إلى أن قامت الأسرة الرابعة والعشرون".

ويضيف فيركوتير: "على الرغم من أن جميع هؤلاء الملوك لم يناصبوا بعضهم العداء، فقد كانت تجزئة السلطة محفوفة بالمخاطر على مصر التي صارت عاجزة عن حشد جيش قوي، وفي ذات الوقت لم تستطع تأمين الأشغال اللازمة للاقتصاد العام الذي لا غنى عنه من أجل ازدهار البلاد".

كما بلغ الوضع قدراً كبيراً من التعقيد والتشويش، في حوالي عام 730 ق.م، ففي الدلتا كان يتقاسم السلطة فراعنة الأسرتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين، من جانب وزعماء الأسرات الذين اغتصبوا السلطة المحلية وأغلبهم من العسكريين الليبيين، أما في الوجه القبلي فقد أمسك كبار كهنة المعابد بزمام السلطة في طيبة مع نزعة استقلال تجاه الحكومة المركزية تشهدها البلاد لأول مرة.

ومع غروب القرن الثامن ق.م، استطاع ملوك قادمون من الجندل الرابع جنوباً السيطرة على حكم مصر لفترة نصف قرن حتى عام 663 ق.م، وكانت البداية بحملات عسكرية قادها الملك بي عنخي، وعندما خلفه أخوه شاباكا، ودمّر ما تبقى من السلطة المصرية الوطنية في الدلتا، توّج نفسه ملكاً على البلاد في عام 713 ق.م، واعتبره المؤرخون مؤسس الأسرة الخامسة والعشرين المعروفة اصطلاحاً بـ "الإثيوبية" ليصبح على رأس مملكة مصرية-كوشية تمتد من الجندل الرابع للنيل جنوباً حتى سواحل البحر المتوسط شمالاً.
وعلى الرغم من ذلك ظل تأثير مظاهر الحضارة المصرية ظاهراً بقوة، فحسبما يشير العالمان الفرنسيان، ماري-أنغ بونهيم ولوقا بفيرش، ظل "لاهوت منف الذي دوّن في عهد شاباكا هو النسخة الأصلية التي تعود إلى الأسرة السادسة، ومتون الأهرام التي قام بصياغتها ملوك الأسرتين الخامسة والسادسة، لتصاحبهم في العالم الآخر، أعيد نقشها في مقابر العبادات الإلهيات في مدينة هابو".

ويضفيان: "أما عن قائمة ألقابهم (الملكية)، فإذا استثنينا الاسم الشخصي الكوشي، فقد صيغت عناصرها الأخرى صياغة مصرية، سواء كانت أصيلة أو منقولة من القائمة التقليدية".

ويلفت العالمان الفرنسيان إلى أنه "أسوة بما يحدث في كل تغيير، نلاحظ في بداية الأمر، مرحلة تسعى إلى العودة إلى الماضي، تعقبها مرحلة تبحث عن حلول جديدة".

لكن عندما نجح الآشوريون في السيطرة على زمام الأمور في مصر عام 664 ق.م، (بعد ثلاث محاولات فاشلة) ودفعوا الملوك الكوشيين إلى الجنوب مرة أخرى، تحالف أمراء مدينة سايس، في دلتا مصر، الذين سبقوا وقاوموا الغزو الإثيوبي، مع الوافدين الجدد، وفيما بعد استغل الملك المصري بسماتيك الأول الصعوبات التي تعرض لها الأشوريون في الشرق، ليفرض سلطته على مجمل أرض مصر واكتساب أكبر قدر من الحكم الذاتي، كما ظل خلفاؤه يستفيدون من المواجهات التي احتدمت بين الآشوريين وأبناء بابل، ليحتفظوا بما استعادوه من استقلال، بالاعتماد تحديداً على جنود أجانب من "المرتزقة الإغريق".

ويقول فيركوتير عن هذه المرحلة: "علينا أن نؤكد بوضوح على حقيقة أن مصر بعد أن حُرمت من مواردها الأفريقية، باتت منذ ذلك العصر لا تدين بقوتها إلى جيشها الخاص، بل إلى استخدام المرتزقة الأجانب، فهؤلاء فقط كان في مقدورهم حماية مصر من امبراطوريات آسيا القوية".

ويضيف: "الأجانب من المرتزقة الإغريق هم الذين وفروا لبسماتيك الأول القوى للسيطرة على رعيته ذاتهم، كما أنه دان للإغريق بإعادة قوة مصر العسكرية إلى سابق عهدها في مواجهة الآسيويين، وأصبحوا يشكّلون قوام جيشه، وأعيد تنظيم الأسطول المصري على نسق مثيله الإغريقي، وتأثر اقتصاد البلاد الداخلي ذاته بعد إقامة المستعمرات الإغريقية، ومن ثم لم تستطع مصر أن تكيّف نفسها مع ظروف الحياة الجديدة للعالم القديم، إلا بعد أن تنكرت لتقاليدها الخاصة".

ويلفت العالمان الفرنسيان إلى أنه "في أبو سمبل، تشير مدونة يونانية تعود إلى عام 591 ق.م، إلى مجموعة مجندين أجانب، أُطلق عليهم اسم (أولئك الذين يتحدثون لغة أخرى) وكانوا يخدمون في جيش الملك بسماتيك الثاني".

نجح ملوك الأسرة السادسة والعشرين، التي وضعت هزيمة معركة بلوزيوم (الفرما حالياً) على يد قمبيز ملك الفرس، نهاية لهم، بدون شك في إعادة تشكيل مصر موحدة قوية، فبفضل ما أجروه من تنقلات بين أصحاب السلطات في البلاد، استطاعوا إحكام قبضتهم على عموم البلاد، وعلى الفور استطاعت مصر أن تستغل ازدهارها الذي استعادته من جديد لتعيش نهضة فنية حقيقية، كانت حقاً بمثابة "تغريدة البجع" لمصر العجوز، بحسب تعبير جان فيركوتير.








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع