أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71 عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان (خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟ البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
ثقافة الاعتذار… قوة لا ضعف
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام ثقافة الاعتذار… قوة لا ضعف

ثقافة الاعتذار… قوة لا ضعف

05-10-2025 06:37 AM

بقلم الإعلامي الدكتور محمد العشي - في زحمة الحياة وسرعة الأيام، يخطئ الإنسان ويصيب، يتقدّم ويتراجع، يقول ما لا يقصد، أو يتصرّف بدافع انفعال عابر. هذه طبيعة بشرية لا يمكن لأحد أن ينكرها. لكن الفارق الحقيقي بين إنسان وآخر لا يُقاس بغياب الخطأ، بل بقدرته على مواجهة ذاته، والاعتراف به، والتعبير عنه بشجاعة من خلال كلمة صغيرة تحمل أثرًا عظيمًا: "آسف".

الاعتذار ليس مجرّد لفظ عابر، بل هو موقف أخلاقي يعكس عمق التربية، ورقيّ النفس، ووعي الإنسان بأنّ الكرامة الإنسانية لا تعلوها كرامة. هو إشارة واضحة بأنّ العلاقة أغلى من الجدال، وأنّ قيمة الآخر محفوظة، مهما كان حجم الخلاف أو قسوة اللحظة.

ولأنّنا في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا وتزدحم فيه العلاقات الافتراضية أكثر من الحقيقية، أصبح الاعتذار حاجة مضاعفة. رسالة صغيرة عبر الهاتف، أو كلمة مكتوبة على عجل، قد تُنقذ صداقة سنوات أو تُعيد دفء أسرة كان الخلاف يهددها بالفتور. غير أنّ الأجمل من الاعتذار هو صدقه؛ فالناس يقرأون القلوب أكثر مما يقرأون الحروف.

إنّ ثقافة الاعتذار تعكس وعي المجتمعات. حينما يعتذر الأب لابنه عند الخطأ، يزرع في قلبه قيمة الاحترام. وحينما تعتذر الزوجة لزوجها أو العكس، يتجدد الحب وتترسخ الشراكة. وعندما يعتذر المسؤول لموظفيه أو المواطن لوطنه، يتجسّد معنى العدالة الإنسانية في أسمى صورها.

البعض يرى أنّ الاعتذار ضعف أو انتقاص من المكانة، لكن الحقيقة أنّه قمّة القوة. من يعتذر لا يخسر شيئًا، بل يكسب احترام نفسه أولاً، وثقة من حوله ثانيًا. هو فعل يعيد بناء الجسور بعد أن كادت أن تهدم، ويفتح نوافذ النور حيث أوشكت العتمة أن تسود.

وفي زمن كثرت فيه الضغوط والمشاحنات، نحن أحوج ما نكون إلى إعادة الاعتبار لثقافة الاعتذار. أن نُدرّسها لأبنائنا، ونمارسها في بيوتنا، ونكرّسها في مؤسساتنا. فهي ليست مجرد كلمة، بل فن من فنون الإنسانية، يربط بين الناس بخيوط من الودّ الصادق، ويُعيد ترتيب العلاقات على أساس من الاحترام المتبادل.

الاعتذار لا يقتصر على العلاقات الشخصية فقط، بل يمتد إلى حياتنا اليومية مع المجتمع. حينما نخطئ في الطريق، أو نُسيء من غير قصد إلى موظف أو عامل، كلمة بسيطة قد تُغيّر يومه بأكمله. فكم من ابتسامة أعادتها كلمة "عذرًا"، وكم من قلب انشرح باعتذار صادق.

قد يظن البعض أنّ الاعتذار يُقلّل من الهيبة، لكن الواقع أنّ أجمل القلوب هي تلك التي تعرف أنّ الخطأ لا ينتقص من قيمتها، بل يزيدها إنسانية حينما تُقرّ به. في النهاية، نحن بشر، نُخطئ ونصيب، لكن أجمل ما فينا أن نملك شجاعة القول: "لقد كنت مخطئًا، وأعتذر".

إنّ بناء مجتمع متماسك يبدأ من أبسط التفاصيل: كلمة طيبة، نظرة احترام، واعتذار عند الخطأ. هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تُرسّخ دعائم الكرامة الإنسانية، وتبني جدارًا من المحبة يصمد أمام عواصف الحياة.

فالاعتذار ليس هزيمة، بل هو انتصار على كبرياء زائف، وبوابة إلى قلوب صافية، ومفتاح لبناء علاقات تدوم.








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع