أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71 عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان (خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟ البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
ساونا العرب....

ساونا العرب ..

08-09-2025 10:38 AM

قبل أيام، كنت في أحد فنادق عمّان الفارهة، كل شيء كان يوحي بالترف: برك سباحة دافئة، ساونا تنفث بخارًا، جاكوزي يلتهم الجسد بالتدليك. عالمٌ مغلق يطلب منك أن تنسى كل شيء خلف الأبواب.. لكن يبدو أن فلسطين لا تُنسى حتى لو حاولوا إذابتها في حرارة البخار.

بين حلقات الجالسين، بدأت الحكاية. حديثٌ متقطع، ثم حوارٌ صاخب يعلو فوق صوت الفقاعات، جلست معهم على استحياء كدخيل يبحث عن الراحة والاستجمام المزيف، لحظات حتى بادلني أحدهم بالسؤال الأخ أردني ولا سائح، عرف كل منهم عن نفسه بعضهم من عرب 48، وبعضهم زوّار قادمون من أوروبا بوجوه عربية، ولسان ثقيل ولكن رغم ذلك لهم قلوب معلقة بالوطن الأم فلسطين...
ولأنني جديد عليهم ولكي أكون ضيفًا مرحبًا به يشاركهم الحديث ركزت على معاملة اليهود لعرب الداخل بعد السابع من أكتوبر في أول حديثي...

الوجوه كانت تحكي قبل الألسنة. قال أحدهم:
"كنا نظن أننا اندمجنا في المجتمع اليهودي.. حتى اكتشفنا أن اندماجنا كان وهماً. يوم السابع من أكتوبر أعادنا غرباء في وطنٍ مسروق"
آخر قاطع بضحكة مرة:
"الديمقراطية عندهم.. تنتهي عند أول اسم عربي"

طبعا الحديث كان طويل والخلاف دخل على الخط فيما بينهم فلكل واحد منهم رأي في كل ما حدث منذ السابع من أكتوبر والى الان، حكوا عن الملاحقة، عن الطرد من الوظائف، عن الصمت الذي فُرض عليهم بالقوة، من كان يرفع علمًا صغيرًا صار متّهَمًا، ومن يغني باللهجة الفلسطينية صار مشروع إرهابي في نظر الجيران اليهود...

كان المشهد كاريكاتوريًا حدّ السخرية: أجساد عارية تتصبب عرقًا في جاكوزي فاخر، تتحدث عن شعب يُشوى تحت القصف! صمتت قليلًا، وسألت نفسي: كم من العرب يهربون من صقيع الحقيقة إلى دفء الساونا؟ كم منّا يغسل عاره بالبخار بدل أن يغسل جرحه بالكرامة؟؟؟

غزة يا سادة، لا تحترق وحدها.. نحن نحترق في صمت، لكن برائحة عطور خادعة .. وأن جاز لنا الحديث عن الخذلان فمعظم الأنظمة والشعوب العربية، قد وضعت المنشفة على وجهها كي لا ترى، وأغلقت مسامها كي لا تشم رائحة الدم... كعرب هرولوا للتطبيع دون مقابل، ثم جلسوا في المؤتمرات يتحدثون عن "السلام الشامل" بينما يتبخر السلام مع بخار الساونا الذي نعيشه اليوم في فنادق الخمس نجوم..

في النهاية وقبل ان أخرج من المشهد ، أدركت أن البخار يزول في دقائق، لكن عار الصمت يبقى عالقًا في ثيابنا مهما غسّلناه بالعطور.. أدركت حينها أن ما يجري في غزة ليس حدودًا مغلقة ولا مجرد حرب على شريط ضيّق من الأرض؛ هو زلزال امتدّ إلى العمق، إلى الوعي، إلى العلاقات بين البشر. الاحتلال الذي يتغنّى بالديمقراطية ألقى القناع وانكشف أمام عدسات الكاميرات في كل العالم؛ كشف وجهه الحقيقي أمام كل من حمل هوية عربية ولو كان يسكن في قلب تل أبيب...

في تلك الجلسة المليئة بالبخار، تلاشت رفاهية المكان، واختفى صدى الضحكات، لم يبقَ إلا حديث عن ظلمٍ واحد بوجوه متعددة.. عن غزّة التي تذبح، وعن عرب الداخل الذين يُعاقبون حتى على صمتهم عن الضفةالغربية التي أصبحت ما بين نارين وأصبح الاحتلال يعربد في شوارعها ليل نهار

خرجت من الساونا وأنا أفكر: نحن شعوب تعيش في غرفتين؛ واحدة من زجاج وأخرى من دم، وكل ما يفصل بينهما باب أو خبر عاجل

م مدحت الخطيب
كاتب ونقابي أردني








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع