زاد الاردن الاخباري -
الكاتب :- حذيفة رضوان المومني
إصبعه المقطوع أنقض حياته
نعيش في هذه الحياة الدنيا , يوما بيوم , وساعة بساعة , ولحظة بلحظة . كثيرة هي الاحداث التي تمر علينا منها ما يسعدنا ومنها ما يبكينا--ولكن لماذا يدوم الحزن والفرح لحظة------؟
لماذا لا تمر علينا مناسبة سعيدة ونعيشها بكل مشاعرنا, إلا ويكون هناك ما ينغص علينا جمال هذه المناسبة-----!
لتتبدل سعادتنا بحزن ينسينا حتى طعم الفرح.
بمن تكمن المشكلة يا ترى ----؟ هل المشكلة بالفرح وانه يدوم للحظات فقط ---وان الحزن عميق ودائم -----!
أم اننا نحن من اعطى للحزن الطريق ----! لماذا نفكر دائما بما يحزننا ونترك ما يفرحنا ----؟ لماذا نرسم مستقبلا أسودا ونستبعد ان يكون مستقبلنا ناصعا ----؟
لماذا نخاف من المجهول دائما ونتوقع سلبيتة ونبنيه على افكار هدامة تزرع الانكسار والفشل والاحباط قبل حدوث اي شيء-----؟
كثيرة هي المواقف الحزينة التي مرت بحياتنا , ماذا فعلنا وقتها--؟ لقد تقوقعنا على انفسنا -ابتعدنا عن كل من حولنا -اعلنا نهاية حياتنا وكأننا اموات-رسمنا لأنفسنا طريق النهاية وكأننا لن نستطيع تعويض ما فاتبكينا وبكينا حتى مل البكاء منا --تمر الايام والسنين ونبقى نعيش دراما كلاسيكيه حزينة نحن من كتب نص الحكاية ونحن من قام بتمثيلها ونحن من أخرجها , نبحث عن السبب ونبدأ بالبحث عن متهم ----نلوم كل من حولنا -الاهل , الاصدقاء --لا----إنه الزمن هو من نرمي عليه اللوم ومن نلقي علية الاتهامات ---ولكن تأتينا لحظة قد نبكي على اليوم الذي بكينا به--
نحن لا نعلم الغيب ولا ندري ما سيكون غدا , ولكن لنحسن الظن بالله فهو وحدة العالم بخفايا الامور وسيعطيك ربك ما هو خير لك .
قال الله تعالى :- (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سورة هود (123)
وقال الله تعالى :-
(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
صدق الله عظيم
ولنأخذ العبرة من قصة الملك والوزير----------
يحكى انه كان يوجد ملك معروف بتشاؤمه و كان له وزير عكسه تماما,و كان يستشيره في كل شيء وكان الملك يقربه منه ويصطحبه معه في كل مكان .... وكان كلما أصاب الملك ما يكدره قال له الوزير: " لعله خيراً " فيهدأ الملك.
في أحد المرات خرج الملك إلى الصيد ورافقه الوزير وفي هذه الرحلة أصيب الملك في يده و اضطر إلى قطع أصبعه -----وهو متذمر جداً قال له الوزير لعله خير--------ا؟ فغضب الملك غضبا شديدا وأمر بحبسه وفي طريقه إلى السجن قال: لعله خيراً -متفائل-
ومرت الأيام والشهور, خرج الملك كعادته لممارسة هوايته المفضلة -الصيد- وأثناء مطاردته لفريسته ابتعد كثيرا عن حرسه المرافقين له,و دخل إلى قبيلة في الأدغال, وكانوا يمارسون طقوسهم والتي تتمثل في تقديم قربان إلى الآلهة: أي شخص غريب يدخل قبيلتهم, وقد كان الملك--------فربطوه و بينما هم يستعدون لقتله رأوا أصبعه المقطوع فأمرهم زعيمهم أن يطلقوا سراحه لأن القربان يجب أن يكون شخصا كاملا وفاخراً.
وحين عودته أمر بإطلاق سراح وزيره, وروى له قصته وبين له كيف أن إصبعه المقطوع هو الذي نجاه من الموت وأنه عنده حق في كلامه-----ولكنه سأله قائلا: لقد سمعتك تقول وأنت ذاهب إلى السجن لعله خير---؟ وهل في السجن خير-----؟ فرد الوزير: يا أيها الملك لو لم أدخل السجن لكنت معك في رحلة الصيد و أنا ليس في جسمي عيب, لتركك أهل القبيلة و لقدموني أنا بدلا منك إلى آلهتهم قربانا..-----.؟ فكان في صنع الله كل الخير فعليك بالتفاؤل والرضا بما كتب الله .
وتأمل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم
فى احيان كثيرة يظل المرء منا يجرى ويلهث ويبحث عما ينقصه..ويظل يكابد ويصارع حتى يصل اليه.وينسى ان يعيش بما لديه..ويشغل نفسه بالبحث خارج نطاق حدوده..ويجهل ما لديه من مقومات وامكانات قد لا يمتلكها غيره..
ولنتذكر سويا أن كل شيء بقضاء وقدر ,وأن الجزع لا يرد القضاء وأن ما أنت فيه أخف مما هو أكبر منه, وأن ما بقي لك أكثر مما أخذ منك , وأن لكل قدر حكمة لو علمتها لرأيت المصيبة هي عين النعمة , وأن كل مصيبة للمؤمن لا تخلو من ثواب ومغفرة أو تمحيص أو رفعة شأن أو دفع بلاء وما عند الله خير وأبقى
والسعيد حقا هو من يحاول ان يدرك ان التغيير الى الافضل هو الحل الامثل..فالحياة من حولنا فيها الكثير والكثير ليمدنا بالراحه والسعادة لو اردنا نحن ذلك......
ولو تمسكنا بجمال اللحظه التى نعيشها فسنشعر بها....
الكاتب حذيفة رضوان المومني