آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين
فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71
عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان
(خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل
تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟
البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين
الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس
يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته
الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية
زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع
النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال
قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية
نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت
هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية
أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات
من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة
ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما
الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
مقدمة
قطاع الكهرباء من أهم القطاعات الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين واقتصاد الدول. في الأردن، شركة الكهرباء الأردنية (JEPCO) حازت على امتياز احتكار توزيع الكهرباء في مناطق واسعة، وعقد هذا الامتياز كان قد جُدد في عام 2014 لمدة 20 عامًا. هذه الخطوة لم تكن مجرد تجديد عقد عادي، بل تحولت إلى قضية جدلية أثارت نقاشًا واسعًا حول مدى التزام الحكومة بمبادئ الشفافية، المنافسة، والحوكمة الرشيدة.
ماهية عقد الامتياز ومدة الاحتكار
عقد الامتياز هو اتفاق بين الحكومة وشركة خاصة يمنح الأخيرة حقًا حصريًا للقيام بنشاط معين – في هذه الحالة، توزيع الكهرباء في مناطق محددة – لمدة زمنية معينة، هي 20 عامًا في حالة التجديد عام 2014. هذه المدة الطويلة تزيد من قوة الاحتكار وتحد من فرص المنافسة.
أسباب التجديد: بين الواقع والمبررات الرسمية
الحكومة وأصحاب القرار برروا التجديد بالمحافظة على استقرار الخدمة وتطويرها، والاستفادة من الخطط الاستثمارية التي قدمتها الشركة. ولكن من الناحية الواقعية، هناك أسباب أخرى قد لا تُعلن بشكل رسمي، منها:
التبعية السياسية والاقتصادية: الشركات الكبرى التي تملك الامتيازات غالبًا ما ترتبط بعلاقات سياسية أو اقتصادية تجعل من الصعب إزاحتها أو إعادة هيكلة عقودها.
الهيمنة على سوق الكهرباء: احتكار التوزيع يعني تحكمًا مطلقًا في السوق، الأمر الذي قد يخدم مصالح الشركة على حساب المستهلك.
الخشية من تعطيل المشاريع: فتح عطاء جديد قد يؤدي إلى توقف مؤقت للخدمات أو تغييرات إدارية معقدة.
الإشكاليات القانونية والتنظيمية: أين الخلل؟
1. مبدأ الشفافية والمنافسة
وفقًا لقانون المناقصات والمزايدات الأردني رقم (31) لسنة 2014 وتعديلاته، من المفترض أن تخضع العقود الحكومية الكبرى والمهمة إلى إجراءات تنافسية شفافة، عبر دعوة عامة لمناقصات تتيح لجميع الجهات الراغبة تقديم عروضها. هذه الإجراءات تهدف إلى:
تحقيق أفضل الأسعار والخدمات للمصلحة العامة.
الحد من المحاباة والفساد الإداري.
توفير فرص متكافئة لجميع الشركات.
لكن في حالة تجديد عقد شركة الكهرباء الأردنية، لم يتم طرح مناقصة عامة، بل تم التمديد المباشر، مما يضعف مبدأ المنافسة ويثير التساؤل عن مدى مطابقة القرار للقانون.
2. الالتزام بالدستور الأردني ومبادئ الحوكمة
الدستور الأردني، خاصة في مواده المتعلقة بالشفافية والعدالة، يوجب على الجهات الحكومية إدارة الموارد العامة بما يخدم مصلحة المواطنين ويعزز العدالة. التجديد دون شفافية ومنافسة قد يشكل إخلالًا بهذه المبادئ الدستورية.
3. دور الجهات الرقابية
وفق القانون رقم (24) لسنة 2004 الخاص بديوان المحاسبة، فإن على ديوان المحاسبة والهيئات الرقابية متابعة تنفيذ العقود الحكومية، والتأكد من قانونية الإجراءات. التجديد غير المعلن يحد من قدرة هذه الجهات على القيام بواجبها الرقابي.
4. آثار التجديد المباشر على الالتزامات التعاقدية
التجديد المباشر لعقد امتياز قد يُخالف قواعد العدالة التعاقدية إذا لم تُضمن شروط جديدة واضحة تلزم الشركة بتحسين الأداء، الجودة، أو تقليل الأسعار. خلاف ذلك، يصبح العقد أداة لتعزيز احتكار طويل الأمد دون مصلحة حقيقية للمستهلك.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
تأثير على أسعار الكهرباء: غياب المنافسة يمكّن الشركة من فرض أسعار قد لا تعكس تكاليف فعلية أو كفاءة تشغيلية، مما يثقل كاهل المواطن الأردني.
ضعف الجودة وتردي الخدمة: الاحتكار يؤدي إلى غياب الحافز لتحسين الأداء أو الابتكار في تقديم الخدمات.
تأثير سلبي على الاستثمار: المستثمرون المحتملون قد يهربون من سوق محتكر، مما يحد من فرص نمو القطاع وخلق فرص عمل.
زيادة الاعتماد على الاستيراد: ضعف الأداء قد يزيد اعتماد الأردن على استيراد الكهرباء أو الوقود مما يفاقم الأعباء الاقتصادية.
النقد السياسي والاجتماعي
هذا التجديد يعكس أزمة في حوكمة قطاع الكهرباء في الأردن:
إدارة القطاع بعقلية "صفقات خلف الكواليس": بدلاً من إدارة شفافة ومسؤولة، يبدو أن القرارات تُتخذ في أروقة ضيقة، بعيدًا عن الرقابة العامة.
غياب المساءلة: الحكومة تتحمل مسؤولية كبيرة عن السماح بهذا التجديد، مما يضع علامات استفهام عن مدى رغبتها في إصلاح القطاع.
تجاهل صوت المواطن: المواطن يتحمل عبء الأسعار والتدهور في الخدمة، لكنه يُحرم من فرصة التأثير في قرارات تخص حياته اليومية.
توصيات وإصلاحات ضرورية
1. إعادة هيكلة القطاع: فتح الباب أمام المنافسة بتقسيم مناطق التوزيع، أو السماح لشركات أخرى بالدخول إلى السوق.
2. تشريع قوانين صارمة: تطوير قانون المناقصات بحيث يمنع التجديدات السرية لعقود الامتياز.
3. تعزيز الشفافية: نشر جميع العقود والتجديدات في المواقع الرسمية مع إمكانية الاطلاع العام.
4. تفعيل الرقابة البرلمانية والقضائية: منح مجلس النواب والهيئات الرقابية صلاحيات فاعلة لمراجعة مثل هذه العقود.
5. تثقيف المستهلك: رفع وعي المواطنين بحقوقهم وكيفية المطالبة بجودة الخدمة والأسعار العادلة.
6. تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة: لتقليل الاعتماد على احتكار شركة الكهرباء التقليدية وتشجيع بدائل مستدامة.
خاتمة
تجديد عقد احتكار شركة الكهرباء الأردنية دون آليات تنافسية وشفافية لا يصب في مصلحة المواطنين ولا في مصلحة تطوير القطاع. قطاع الكهرباء هو شريان الحياة لأي دولة، ويديرونه بمنطق قديم قد يقود إلى مزيد من الأزمات. على الحكومة الأردنية أن تعيد النظر في سياساتها، وتفتح المجال لمنافسة حقيقية، تضمن حقوق المستهلك، وتحفز الاقتصاد الوطني على النمو المستدام.
الوقت ليس للجمود أو للصمت، بل للجرأة في الإصلاح والشفافية التي تليق بمصلحة الأردن وشعبه.