آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين
فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71
عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان
(خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل
تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟
البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين
الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس
يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته
الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية
زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع
النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال
قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية
نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت
هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد
الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية
أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات
من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة
ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما
الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ﴾
[ يس: 77]
هكذا يصوّر القرآن الكريم بداية الإنسان في أضعف صوره، من نطفة في "قرار مكين” كما سماه الله، أي في الرحم، حيث الحفظ والإعداد. وقبل هذه المرحلة، تخبرنا آيات أخرى عن أبينا آدم عليه السلام:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ﴾
[ المؤمنون: 12]
فيجمع الخلق بين الماء والتراب… بين السائل والمادة… بين الحياة والكتلة.
إنها المعجزة الكبرى: أن يُخلق الإنسان من طين، أي من مادة الأرض التي نطأها بأقدامنا، ونبني منها بيوتنا، ونزرع فيها قوتنا، ونُوارى فيها بعد الرحيل. ولو تأملنا هذا التركيب لوجدنا فيه من الدروس ما يزهر في عقولنا ويثمر في سلوكنا.
الطين لا يكون طينًا إلا إذا امتزج بالماء. فالماء هو سرّ الحياة، والطين هو رمز التكوين، وما بينهما تسير الحياة الإنسانية. فكما أن الزرع لا ينبت إلا من طين سُقي بماء، فإن الأخلاق لا تنمو إلا في قلب رُوي بالإيمان والعلم. وكما تحتاج البذور إلى بيئة صالحة لتنبت، يحتاج الإنسان إلى بيئة تربوية حاضنة ومُغذية.
فمن الجانب الاجتماعي، نرى أن الإنسان الطيني لا يستطيع أن يتكبر على غيره؛ لأن أصله من تراب. وكل من على الأرض، مهما بلغ من جاهٍ أو مال أو علم، سيعود إلى التكوين ذاته: طين يذوب في طين. وهنا تتجلّى دعوة الدين إلى التواضع، والتكافل، وعدم نسيان الأصل الواحد.
ومن الجانب التربوي؛ نحن مدعوون لأن نُعيد للناشئة هذه الحقائق في مناهجنا وحواراتنا: أن قيمة الإنسان ليست في غلافه المادي، بل في ما يحمله من فكر وسلوك، وأن التربية الحقيقية تُماثل الزراعة في جوهرها: تحتاج لتهيئة التربة، وريّ الفكر، وانتظار النمو بصبر وعناية. والمربي هو الفلّاح، والمعلم هو الساقي، والطالب هو البذرة القابلة للنماء.
أما من الجانب الفلسفي؛ فإن اجتماع الماء والطين يُمثل التوازن بين الثابت والمتغيّر، بين المادة والروح، بين الجسد والعقل. وبهذا التوازن، يُصبح الإنسان مؤهلاً لحمل الأمانة، والتفكر في ملكوت الله، والسعي في إعمار الأرض.
وفي ظل ما نراه اليوم من تغيّر المناخ، وتناقص المياه، وجفاف الأراضي، تصبح الزراعة ليس فقط قطاعًا اقتصاديًا، بل مرآة لقيمنا وأولوياتنا. فكما نحافظ على الأرض ونرويها، يجب أن نحافظ على عقولنا ونغذيها. الزراعة ليست مهنة، بل رؤية: أن نزرع الخير في الأرض كما نزرعه في الناس، وأن نسقي العقول كما نسقي الحقول.
إن أعظم ما نعلّمه لأبنائنا، أن الله خلقهم من طين، وسوّاهم بيده، ونفخ فيهم من روحه… وأنهم كما يزرعون في الأرض يحصدون في حياتهم. فإذا أردنا بناء أجيال تعرف أصلها، وتحترم بيئتها، وتؤمن بقيمة العمل، فلتكن مناهجنا وأحاديثنا اليوميّة مُنصبّة على هذا التكامل: بين الإيمان والمعرفة، وبين الطبيعة والإنسان، وبين الأصل والمصير.
فلنتذكّر دومًا أننا من ماءٍ وطين… فهل نغرس في نفوس أبنائنا ما يجعلهم يثمرون خيرًا كما تُثمر الأرض حبًّا؟
هذا ما نأمله ونتطلع إليه بثقة ورجاء.