من سوريا الجرح .. أبي الحبيب عد رجاء"

زاد الاردن الاخباري -

من سوريا الجرح: أبــــــــي الحبيب.. عد رجاء"
أيمن بني خلف عمان-الأردن

أبي الحبيب: أمس حدث شيء عجيب في بيتنا, شيء عجزت عن فهمه ولهذا فلا أحد يمكن أن يشرحه لي إلاك.. ولهذا أكتب لك رسالتي هذه عسى أن تحملها الرياح والملائكة إليك وتعود مسرعة بك أو على الأقل برد منك!!
أبــــــــــي: بعيد عصر البارحة كنا جالسين في منزلنا العتيق.. أمي وأخي وأنا ننتظر عودتك لتشاركنا لقيمات المأدبة اليومية المعتادة, وفجأة سمعنا طرقا" قويا" على البوابة الحديدية الهرمة لمنزلنا، يفتح الباب ويدخل رجال عابسون يحملون على أكتافهم جثة ملفوفة ببطانية سوداء؛ لم يتبق من سوادها المخضب بالدماء سوي النزر اليسير.. يمددون الجسد الميت على الأرض وتلمحه عيناي.. يا الله ما أشبهه بك يا أبي.. حتى ثيابه أكاد أراها نفس الثياب التي شاهدتك تخرج بها صباحا"، لكنك يا أبي أجمل بكثير، وأنا أحفظ ملامحك محفورة في قلبي.. إنه ليس أنت؛ ورغم عدم وضوح ملامحه فأنا متأكدة أنه ليس أنت.. فلماذا يبكون.. أمي وأخي والجميع؟!
أنا لم أبك, بقيت أنظر في وجوههم وأقول لهم أنهم مخطئون.. لا يمكن أن تكونوا على صواب.. ثم جاء الجميع الأقارب والجيران.. الكل يبكي وأنا أضحك وأضحك.. ماذا بكم؟! ما الذي دهاكم واعتراكم؟! فهذا ليس أبي؛ ولا يمكن أن يكون أبي!! لكنهم بدلا" من أن يكفوا عن البكاء.. أصبحوا تباعا" يضمونني إلى صدورهم.. يتلون المعوذات ويبكون!!
أبــــــــي.. أريد أن أسألك سؤالا" وعندما تعود تجيبني عليه: هل يتغير شكل الإنسان هكذا حين يموت ويبدو مشوها" قبل أن يحمله الله إلى السماء ليدخل الجنة؟ بالتأكيد لا.. لا يمكن أن يحدث هذا! لكن حتى معلمتي حين رأت رسالتي صدفة قبل أن أنزعها من دفتري ضمتني إلى صدرها وأغرقتني بالدموع.. يا الله حتى أنت.. لماذا أنت أيضا" تبكين؟!
أبـــــــي.. أريد أن أصارحك بأمر.. أنا أكاد أموت خوفا" من أن يكون ذاك الجسد المشوه الصامت الغارق بدمائه هو أنت؛ لكنك طوال حياتك لم تؤذ أحدا" أو تتشاجر مع أحد.. فمن ممكن أن يؤذيك ويقتلك ويشوه وجهك هكذا؟! لا يمكن أن أصدق أنه أنت.. والله لست أنت.
أبـــــــــي: إن كان تأخرك في العودة غضبا" من (عفرتتنا) وحركتنا المزعجة فنقسم لك بالله أننا (أنا وأخي) سنصبح عاقلين وهادئين حتى لن تسمع لنا صوتا" ولن تحتاج لتأنيبنا ولو بنظرة.. ونعدك بحيواتنا وبأغلى ما نملك (أنت) أننا لن نصدر صوتا" في موعد نومك بعد الغداء.. بل نعدك أننا سننام معك ونصحو معك.. أبــــي: أنا أنتظرك.. كلنا ننتظرك فأرجوك أرجوك أن تعود.. لا يهم إن تأخرت قليلا" لكن في النهاية يجب أن تعود؛ إن لم يكن من أجلي فمن أجل أمي وأخي.. فهم يفتقدونك كثيرا" ومشتاقون لحضنك أكثر, وهل تعلم أبي أيضا".. لماذا يجب أن تعود.. حتى لا يظن الجميع أنني كاذبة.. فلا تتأخر أبي لأني مشتاقة لك كثيرا" وأحبك أكثر.. أبي الحبيب.. مع السلامة.
"ابنتـــــــــــك المحبة"

أيمن بني خلف.. عمان- الأردن