زاد الاردن الاخباري -
بقلم: أحمد بني عطا
زخَّات مطر يسبقها برق ورعد , تسقط على الأرض المُمحله , فتنبت الأرض من بقلها وقثاءها وفومها وعدسها .., زخَّات مطر تعيد الروح إلى الأرض بعد أن أجدبت وفقدت بريقها , وتفتحت بعد طول ذبول , لنسمع الأصوات مكبرة مهللة , ثم تتردد أصداء لفظ مطر مطر وكأن السياب قالها من جديد , بعد أن استخدم دلالتها في الماضي ليصف موت الناس في العراق مع كثرة المطر , أي أن كثرة خير العراق سبب لأهلها الموت , لكثرة الطامعين بها وبكنوزها , وكأن الناس لليوم الحاضر يرددون ما قاله السياب لكن بلكنة أُخرى أو ربما بمضمون أخر , إنه استبشار النفوس بأول قطرة مطر تنزل من السماء وتستقر في الأرض , لتمشي وتثبت لتنبت وتنعش أمل الناس .
زخات مطر ..لنردد بعدها مطر مطر , لا نخشى بعده من مؤامرة صهيونية أو غارة أمريكية مُفبركة مع زمرة الفاسدين الذين تكاثروا في وطننا العربي الكبير في العصر الحديث , لن نخشى أحداً مهما كان متحصناً بكل الدهاء والمكر , حتى وإن تخصص بالمؤامرة علينا , وعلى نقطة المطر التي تسقط علينا من السماء لتنعش أملنا بزمن قادم أخضر .
تخلصنا من عقدة الرهبة والخوف , وكسرنا كل القواعد المصطنعة الزائفة , ولن يستطيع أحد أن يخدعنا ويجرنا لكي نكون جزء من مخطط تأمري علينا قبل أن يكون على أي شيء أخر .
زخات مطر تنظف الشوارع من الأوساخ القذرة التي علقت بها , من تراكمات وأوهام السنين السابقه , تجلوها وتعقمها ..ويرفع في سوريا شعار سلمي (حرية حرية ) , يقابلها الأسد برصاص وقنابل وقذائف , أطفال تتقطع , تموت وتذبح طفولتهم , طمعا في كرسي فقد شرعيته مع أول طلقة اخترقت جبين أول شهيد , وما زال العالم ينظر متقنا لعبة الصمت , وما زال المراقبون العرب يتأرجحون بين الواقع وما تمليه عليهم الضغوطات والشراكات الواهنة مع نظام عفن متعفن , لكن سيسقط الأسد مع زمرته ولو بعد حين .
زخات مطر يعقبها أرض الأحلام , وألف ألف تحية لكل حراك سلمي هدفه مصلحة بلدنا وازدهاره وحريته , نرفع لهم الأكف بالدعاء , نساندهم ونقف معهم صفاً واحداً على طريق الإصلاح , وإلى كل من حاول بنفسه المريضة , بمصالحها ومفاسدها , حاول أن يحول السلم إلى عنف وضرب وتخريب , سيقف في يوم من الأيام على مفترق طرق لا يرجع منه إلى الخير أبداً , وإن ادعى الوطنية والولاء نفاقاً وكذباً وزوراً , معتقداً أنه بذلك يصل إلى أطماعه , له ولكل الذين هم على شاكلته ممن يجرون الناس إلى ما لا تحمد عقباه , أقول لهم أدركوا أنفسكم , وتعلموا من مدرسة الشعوب العربية المسلمة , تعلموا منها , أدرسوها جيداً , قبل أن تدخلوا أنفسكم في ظلام لا ترشدون بعده أبداً , وسيستمر الطامح لكرامته وحريته مسالماً رغماً عن كل ما تصنعون ....