الجنسية الأكثر شراء للعقار في الأردن
التنمية تعلن حل 66 جمعية (أسماء)
مخصصات النواب الشهرية لخزينة الاحزاب .. ما مدى مشروعية المطالبة؟
اللوزي : فيروس الإنفلونزا يتحور كل 6 أشهر
الحكومة تحسم الجدل: أراضي مشروع مدينة عمرة مملوكة بالكامل للدولة وتحذير من مروّجي الشائعات
أهالي المريغة يمسكون بضبع بعد تحذيرات بلدية حرصًا على سلامة الأهالي
الدفاع السورية: صدور أمر بإيقاف استهداف مصادر نيران قسد بعد تحييدها
رئيس أركان جيش الاحتلال يعلن انتهاء التحقيقات في إخفاقات "7 أكتوبر"
تصريح لوزير مياه أسبق يثير جلبة تحت قبة البرلمان
الإفراج عن الطبيبة رحمة العدوان في بريطانيا
الشمندر .. خيارك الآمن لتوريد الخدود والشفتين
سائحة تنجو بأعجوبة في مصر
أحكام بالسجن لأعضاء عصابة إجرامية في السلفادور
الجامعة الأردنية الرابعة عربيا والأولى محليا في تصنيف الجامعات العربية 2025
الأميرة دينا مرعد تزور مستشفى الجامعة وتطّلع على أوضاع أطفال غزة
بدء الاجتماع الأول للجنة الفنية للشباب والسلم والأمن
نقابة الخدمات العامة تثمن جهود الحكومة في ضبط العمالة المنزلية المخالفة
احتفال باليوم العالمي للدفاع المدني في الطفيلة
الفيصلي يفوز على شباب الأردن ويتأهل لنصف نهائي كأس الاردن
إن الحديث عن إلغاء أو تقييد حبس المدين في القضايا المدنية ليس مجرد نقاش قانوني أو جدل فقهي، بل هو تحول جوهري في فلسفة التشريع المدني، يعكس مدى تطور المجتمعات ورقي نظرتها إلى الحقوق والواجبات، وخاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة .
لقد ظل حبس المدين لسنوات طويلة يُعامل كأداة ضغط على المدين لتحصيل الحقوق، لكن التجربة أثبتت أنه ليس وسيلة ناجعة ولا عادلة، لا من الناحية القانونية، ولا الاقتصادية، ولا حتى من ناحية المنطق والواقع .
دعوني أشرح لماذا :
أولا: الفصل بين العجز وسوء النية
من أهم إيجابيات هذا التوجه التشريعي أنه يُميز بوضوح بين المدين المعسر حسن النية، الذي يمر بظروف خارجة عن إرادته، وبين المدين المماطل أو المتحايل، الذي يملك القدرة لكنه يتهرب من السداد .
في الحالة الأولى، الحبس لا يعيد الحقوق، بل يُجهز على ما تبقى من قدرة المدين على الإنتاج والعمل والسداد وفي الحالة الثانية، هناك بدائل مدنية فعالة، مثل الحجز على الأموال، منع السفر، تتبع الأصول، بل وإعلان الإعسار وفق القانون .
ثانيا: المواءمة مع الاتفاقيات الدولية
هذا التوجه يتماشى تمامًا مع المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي صادقت عليها أغلب الدول، وتنص بوضوح على :
"لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي ."
وهذا مبدأ إنساني لا يتعارض مع حقوق الدائن، بل يُنظم العلاقة المالية على نحو أكثر توازناً وعدالة .
ثالثا: تعزيز بيئة الاستثمار والإنتاج
عندما تُجرِّم المديونية المدنية وتُقابلها بعقوبة سالبة للحرية، فإنك تغلق باب المغامرة الاقتصادية، وتخيف رواد الأعمال، وتُعاقب على الفشل التجاري .
أما حين تضع إطاراً قانونياً يضمن الحقوق ويُراعي التعثر الواقعي، فأنت تخلق بيئة تُشجع على العمل، وتُحافظ على الكرامة، وتُعيد دمج المتعثر في الدورة الاقتصادية .
رابعا: البدائل الإجرائية متوفرة وأكثر فاعلية
المدين لا يفقد صفته كطرف ملتزم بالسداد
ما زال من حق الدائن اللجوء إلى:
الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة
منع المدين من السفر
طلب إعلان الإعسار ومتابعة تسوية الدين ضمن إطار قانوني
أو حتى التوصل إلى تسويات رضائية أكثر فعالية من الحبس
خامسا: تخفيف العبء عن النظام القضائي ومراكز الإصلاح
حبس المدين يملأ مراكز الإصلاح بأشخاص لم يرتكبوا جرائم، بل كانوا ضحايا ظروف اقتصادية أو تجارية صعبة .
والأهم، أنه يُكلف الدولة مبالغ طائلة لإعالة هؤلاء، دون أن يحقق أي عائد للدائن . بالعكس، يحوّل العلاقة التعاقدية إلى علاقة جزائية، ويزيد من الاحتقان الاجتماعي .
ختاما ..
إن العدالة ليست فقط في نص القانون، بل في الغاية من التشريع، وفي قدرته على خلق توازن بين الحقوق والمصالح .
وإلغاء الحبس المدني لا يعني انتصار المدين على الدائن، بل يعني انتصار القانون على الانتقام، وانتصار
الإنسانية على الجمود، وانتصار الحل على الأزمة .
#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي