أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
طقس لطيف نهاراً وبارد ليلاً مع احتمالية لأمطار متفرقة في المناطق الغربية آثار سلبية محتملة على سوق العمل بعد وقف إعفاءات السوريين فريق مكافحة الإرهاب المائي يحصد لقب “المحارب المائي” في ختام منافسات الكتيبة الخاصة/71 عشيرة أبو سنيمة تنشر صور أبنائها الذين قتلوا أبو شباب - بيان (خضرجي) يقتل أجيره في الأزرق .. جريمة مروعة وقعت صباح اليوم - تفاصيل تعديل المرحلة الثانية من خطة ترمب .. هل ينقذ وقف النار بغزة؟ البكار : 6 آلاف عاملة هربت من منازل الأردنيين الأردن .. القضاة: 284 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني حتى الخميس يديعوت: مقتل ياسر أبو شباب بضرب مبرح من عناصر داخل عصابته الاستراتيجيات الأردني يصدر تقريراً عن فرص الاستثمار في الاقتصادات الآسيوية زعيم الطائفة الدرزية في (إسرائيل) ينتقد حماية ترمب للشرع النشامى يترقبون قرعة كأس العالم 2026 في أول مشاركة تاريخية للمونديال قصف إسرائيلي على ريفي درعا والقنيطرة في سورية نقيب المقاولين: طرح الثقة بمجلس النقابة "غير قانوني" في اجتماع السبت هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد الرئيس اللبناني: هدف المحادثات مع إسرائيل تجنب شبح حرب ثانية أسعار الغاز الطبيعي تصل إلى أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات من السجن إلى الملعب .. لاعب برازيلي يخوض النهائي بسوار المراقبة ميدالية برونزية لمنتخب التايكواندو في بطولة العالم تحت 21 عاما الأرصاد العالمية: 2024 العام الأكثر حرارة في الوطن العربي
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام مهنة التطبيل للحكومة لا تنتهي

مهنة التطبيل للحكومة لا تنتهي

13-06-2025 01:44 PM

في الزمن السوري، كما في أغلب تجارب الشعوب المقهورة، لا يُهزم النظام وحده، بل يُهزم معه جزءٌ من الوعي، ويُختبر صدق الخطابات، وتنكشف المواقف. لكن شيئًا واحدًا ظلّ صامدًا، عصيًا على الانقراض: مهنة التطبيل.

لقد عايشنا في بدايات الثورة السورية مطبّلين تقليديين للنظام، أمثال خالد عبود وشريف شحادة، من أولئك الذين لا تهتز شفاههم وهم يقولون إن الشمس تشرق من مكتب الأمن، وإن الوطن يُختصر في صورة الرئيس. لم يكن هؤلاء يمثلون مفاجأة، فهم أبناء المدرسة البعثية بامتياز، وقد تدرّبوا على التصفيق كما يتدرّب الجندي على إطلاق النار.

لكن المفارقة الكبرى لم تأتِ من هؤلاء، بل من الذين ظنّهم الناس ثوارًا، فإذا بهم ينقلبون بزاوية حادة، أو كما نقول بالعامية السورية "كَعْكَعوا" أو "كَوَعوا"، حين بدأت ملامح الانتصار تلوح، فراحوا يتقلبون في مواقفهم كما تتقلب الحرباء في الضوء.

قسم منهم، في خضم الثورة، كان شغله الشاغل مهاجمة جبهة النصرة وقائدها أبو محمد الجولاني، بل ذهب بعضهم للقول إن الجولاني وجماعته أخطر من النظام، وإن هزيمتهم شرط لانتصار الثورة! في تلك اللحظة، بدا هؤلاء وكأنهم يخوضون معركتين: واحدة ضد الأسد، والأخرى – الأشد حدة – ضد من يقاتل الأسد.

ثم... لمّا ضعُف النظام، وانقلبت الطاولة، إذا بهم يخرجون علينا بخطاب مدهش: "كنا نحب الجولاني سرًّا"، لكن لم نجرؤ على البوح، بسبب "الظروف الإقليمية"، و"البيئة غير المرحبة"، و"المجتمع الدولي"! فجأة صار الجولاني رجل المرحلة، القائد الحكيم، صانع التوازن، وراحوا يبررون انقلابهم بعبارات خجولة لا تخلو من التذاكي، حتى يخال المرء أنه أمام مسرحية متقنة الإخراج، تنتهي دومًا بتصفيق الطبالين.

بالمقابل، ظهر مطبلو النظام بنسخة محدثة: أولئك الذين كانوا يظهرون بمظهر المعارض "الوطني الشريف"، ثم حين ضاقت حلقات الثورة، وانكشفت نهايات البعض، قالوا: "كنا نكره النظام في السر، لكننا لم نستطع البوح!". خذ مثلًا دريد لحام، الذي ارتدى في التسعينات قناع الناقد الساخر، ثم ما لبث أن انقلب على خطه القديم ليعلن أن “الوطن هو حيث يكون القائد”! وكأن القهر كان وهْمًا، والسجون كانت غرفَ استجمام.

وجاءت القشة التي فضحت الجميع، حين خرج علينا حسن صوفان، عضو لجنة "السلم الأهلي"، وهو يسخر علنًا من المطالبين بمحاسبة المجرمين، وعلى رأسهم فادي صقر، المعروف بجرائمه في أحياء دمشق. لم يقل: لنعفُ عن البعض ونحاسب البقية، بل قال بكل وضوح: دعونا نحتفل بالجزارين على أنهم حمائم سلام.

وما إن انتهى المؤتمر حتى "كَوَع" من تبقى من المترددين، وراحوا يُنظّرون في فوائد العفو، وضرورات الاندماج، وأهمية بقاء القتلة بيننا من أجل السلم الأهلي! وكأن الاستقرار لا يتحقق إلا بإطلاق سراح القَتَلة، وكأن العدالة عبءٌ ثقيل لا تستقيم الدول بوجوده.

لكن الحقيقة التي يهرب منها الجميع أن العدالة هي الشرط الأساسي للسلم الأهلي الحقيقي، وليست عائقًا له. بل إن تجارب الشعوب أثبتت ذلك.

رواندا
بعد المجازر المروعة عام 1994، أنشأت محاكم شعبية لمحاكمة الجناة، وواجهت الحقيقة بكل قسوتها. اليوم، رواندا من أكثر دول إفريقيا استقرارًا وازدهارًا، لأنها لم تتواطأ مع المجرمين.

البوسنة
رغم التعقيدات العرقية والسياسية، جرت محاكمة مجرمي الحرب في لاهاي، ما ساهم في تهدئة النفوس وإرساء مصالحة حقيقية، لا سطحية.

ألمانيا بعد النازية
حُوكم مجرمو الحرب في محاكمات نورمبرغ، فلم يُترك هتلر وأشباهه يتحولون إلى "رموز وطنية"، بل تم تعرية جريمتهم، ورفع الضحايا.

جنوب إفريقيا
واجهت نظام الفصل العنصري بمحكمة "الحقيقة والمصالحة"، وفتحت الباب أمام الجلادين للاعتراف الكامل مقابل العفو، لكنه لم يكن عفوًا مجانياً، بل مشروطًا بكشف الحقيقة الكاملة، فكانت النتيجة سلامًا مبنيًا على الصراحة لا على الإنكار.

في المقابل، انظر إلى لبنان، حيث قررت الطبقة السياسية نسيان الحرب الأهلية، ومنحت زعماء الميليشيات مناصب وزارية، فتحول البلد إلى كيان هشّ لا يُحكم إلا بالخراب.

أما سوريا، فإن الحديث عن "السلم الأهلي" في ظل تبييض صفحة الشبيحة ومجرمي الحرب هو وصفة لإعادة الانفجار، لا لمنع الحرب. لا يمكن لأي وطن أن يُبنى فوق جماجم الأبرياء دون عدالة. لا يمكن للضحايا أن يعودوا مواطنين دون اعتراف بحقهم.

في الختام
إلى كل من “كوع” في منتصف الطريق، وتحوّل من معارض إلى مؤيد، أو من ثائر إلى واعظ في فضائل "الاعتدال" الزائف نقول:

العدالة ليست خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية. ومحاسبة المجرمين ليست نزوة، بل حقٌّ لا يسقط بالتقادم. وإن كانت الدولة لا تريد تحقيقه، فالشعب باقٍ لينتزع ذلك الحق.

الضحايا لا يُنسَون، ولا يُشترى صمتهم بالشعارات.
والأوطان لا تُبنى بتكرار الخطأ، بل بتصحيحه.
أما التطبيل... فسيبقى موجودًا، لكنه لن يغيّر من الحقيقة شيئًا.

---------

عبدالناصر عليوي العبيدي








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع