زاد الاردن الاخباري -
وجه النائب السابق الدكتور مصلح الطراونة ، رسالة إلى زوجته “أم محمد” ، ضمنها كثيرا من الأمل والألم ، بعد رحيل نجلهما محمد ، اثر حادث سير مؤلم وقع قبل نحو شهرين ونصف .
تاليا نص الرسالة :
إلى عالية أم محمد الغالية كما كان يناديك محمد رحمه الله … رفيقة العمر منذ البداية
إلى التي توشح قلبها بالحنين ، و عمرها بالرضا و السكينة ، إلى سيدة كانت حقل صبر منذ البداية و حتى النهاية ، منذ أن خطونا خطوات العمر الأولى نحو المهجر حتى تكلل عمرنا سوية بأجمل الذكريات،… لا تطاوعني أناملي أن أكتب لك بهذه الفترة بكل سهوبة ، ربما كنت سأكتب الكثير قبل شهور ، و لكن الآن الكتابة لك شيء معقد ، هي حرفيا سير على حافة سكين، أخاف أن تجرحك الكلمات أو أن تثير شجونك الحروف ، و لكن ربما في هذا الحروف شيء من تسرية القلب في هذه اللحظات موعد تخريج محمد رحمه الله وهو يحمل درجة البكالوريوس في الحقوق بتقدير ممتاز وموعد عقد قران شقيقته وتوأمه ناتالي
و كيف سأعد العدة اللازمة للكتابة لك و أنا حرفيا أقبع فوق جمر الفقد ، و أسكن في فراغ ، و هل في الكلمات ما يساعد على التجاوز ؟؟؟ و هل بالإمكان التجاوز من الأساس ؟؟ كثيرة هي الأسئلة و أنا اخط هذه الحروف لك ، كتبت للغائب و ما تعثرت أناملي، و لكني أبدو كطفل في مراحل كتابته الأولى و أنا أخطها لك … لأن أوجاعي لا تقارن بأوجاعك ولا يمكن أن تصف الحروف فراغا تركه محمد .
أم محمد … تجلدنا الذكريات كلما لاح طيفه أمامي ، و أعلم يقينا أنه لم يفارقك ، و لم تفارقك أيضا ذكريات صوته يبتهل إلى الله أن يحفظك يا غاليه ، و لا أنسى منه أبدا أي لحظة ذكرك فيها (بالغاليه )كان كل شيء له معك بمعنى الكلمة ، وأصبح الفقد هو كل شيء ، ما زلت لا أصدق كيف غاب ، وكيف تعثر العمر فجأة و أصبح شرب الماء فعلا يحتاج إلى مجهود كبير مني ومنك ..ما زلت أبحث عن وجهة في غرف البيت وفي كل زاوية فيه ..و في ممرات الحياة ، أمسك بالهاتف أنتظر اتصالا منه او رسالة واتس اب مرحبا يا ابوي ..،ممكن سؤال لو سمحت ..أنظر إلى المدخل … هل يدخل يا ترى و يكون كل ما مر شيئا أشبه بالحلم السيء ؟ و لكن مشيئة الله حدثت و قدره لا يرد جل في علاه ، و حكمته البالغة و رحمة اللامتناهية هي العزاء ..لم يصلني اتصال ولا رسالة واتس اب واخر ما كان بيني وبينه لقاء على طاولة المطبخ التي أعد عليها نفسه للامتحانات.
يا أم محمد … تعالي نلملم جراحتنا من أجل روحه ، ومن أجل إخوته و أخواته اللذين أحبهم، من أجل حلى و ناتالي اللواتي حلم بأن يزفهما، واختلف معهما أن من يزفهما أبي وأنا أقول له لا انت الأخ السند، تعالي نضمد مصاب الغياب بذكرياته الطاهرة وبذكره الطيب ، و نعيد ترتيب الحياة وكأنه ما زال موجودا بيننا ، في العمر يا رفيقة العمر ما يستحق الحياة لأجل كل من تبقى من رائحته وأحبهم، وفي القلب يبقى حبه و صوته وصورته ، فتعالي و انهضي لأجل روحه ، واخبريه أم حبيبتك ناتالي قد عقد قرانها ..و ابتهلي إلى الله أن يتغمده بواسع رحمته ، ربما لا تكتمل له صورة دونك، و لا تحلو ذكرى إن لم تكوني شريكة فيها و بين ثناياها ، تعالي نلوذ بكل جراحاتنا إلى الله بالدعاء له ، و ضمدي جراحك بطيب ذكره، و كوني على يقين تام بأننا يا غالية نهرب من قدر الله إلى قدر الله ، و ما لم يكن لنا لن يأتينا ، و ما هو لنا لن يخطئنا ، و أن مصابنا ابتلاء عظيم في القلب ما يحتمل الذكر و لكن في العمر ما لا ينتظر الصبر …. أسأل الله العظيم الجليل جلت قدرته ، أن يمسح على قلبك بالطمأنينة ، و أن يكللك بالصبر على المصاب ، و أن يجملك بالعزاء الحسن .