زاد الاردن الاخباري -
انتشرت في السنوات الأخيرة "موضة" إجراء اختبارات الحمض النووي ليعرف الشخص أصوله ومن أين أتى، وانتشرت على اليوتيوب مثلا مقاطع كثيرة لأشخاص أجروا هذا الاختبار، يشاركون المشاهدين نتيجته.
ويحصل من يجرون الاختبار على دوائر رسم بياني تبين المناطق التي يعود إليها أجدادهم وكيف تجمعت شفراتهم الوراثية حتى وصلت إلى شكل معين.
ومع كثرة من أجروا الاختبار وتزويد بنوك الحمض النووي بها، أصبح بالإمكان أيضا أن يصل الشخص إلى أقارب له لم يكن يعرفهم من قبل.
قد يبدو ذلك مثيرا للكثيرين، ولكنه في بعض الأحيان يجلب نتائج صادمة، ويكشف أسرارا مزعجة أو حزينة لا يريد أحد أن تنكشف.
الفتاة التي كشفت سر أمها
في الولايات المتحدة، سمعت أليشيا باختبارات الحمض النووي وكانت تحلم بإجراء الفحص لتكتشف المزيد من أقاربها، ولكن الفحص كان مكلفا بالنسبة لها فلم تفكر فيه جديا.
بعد أن تزوجت وكان عمرها 26 عاما، كانت ترغب في إكمال دراستها الجامعية التي ستكلفها الكثير.
حينها طرأت الفكرة في بال أليشيا، كانت تعلم أن جزءا من والدها يرجع للهنود الحمر؛ سكان أميركا الأصليين، وهناك منح جامعية وتسهيلات في الأقساط لهم، لذا كان من الوجيه أن تجري فحص الحمض النووي حتى تثبت نسبة السكان الأصليين في تاريخ عائلتها، لأن هذا الكشف يؤهلها لتوفير جزء كبير من مصاريفها الجامعية.
قامت أليشيا بالفعل بطلب عينة الاختبار لتجريه وترسله، وبعد فترة أتتها النتيجة. وحينما اطّلعت عليها أليشيا فوجئت بشدة، وتبين أن أصولها إيطالية بنسبة 50 في المئة، ولا يوجد أي ذكر لسكان أميركا الأصليين.
وحصلت الشابة على قاعدة البيانات باسم بنت إيطالية في مدينتها الأولى التي كانت تعيش فيها مع أبيها وأمها وهي صغيرة، وأن هذه الفتاة الإيطالية هي ابنة عمها.
بدأت الدنيا تدور في رأس أليشيا، اتصلت بأمها وسألتها: هل أنا ابنتكم؟ هل والدي هو والدي فعلا؟ الأم أكدت لها أنها ابنة بالفعل، وأنكرت أي شيء خلاف ذلك.
ولكن كلام الأم لم يقنع أليشيا، فذهبت إلى عمتها وسألتها عم إذا كانت أمها قد عرفت رجلا إيطاليا في شبابها.
وعندئذ، أجابت العمة بأن هناك شابا إيطاليا بالفعل ذهب مع أمها كرفيق في حفلة التخرج من الثانوية، وقالت اسمه لأليشيا، والصدمة هنا أن اسم عائلته كان هو نفس اسم عائلة البنت الإيطالية التي أوردتها قاعدة بيانات الحمض النووي كابنة عمها.
الأم أنكرت تماما كل ذلك، وأنكرت أن تكون قد أقامت علاقة مع ذلك الشاب الإيطالي في حفلة تخرجها، لكن الأب -أو الذي كان يعتقد أنه والدها- شدّه الموضوع وقام بإجراء فحص الحمض النووي لتؤكد النتيجة ما سبق، فالشخص الذي ربى أليشيا طوال الوقت وهو يعتقد أنه والدها ظهر أنه ليس والدها.
أب "غير متوقع"
من آخر القصص الغريبة في اختبارات الحمض النووي قصة تكشفت، مؤخرا، عن فتاة سويدية تبلغ من العمر 26 عاما وتدعى فيليسيا، استهواها موضوع اختبارات الحمض النووي فأجرت هي الاختبار لتدلها النتائج على أقارب كثيرين لها من طرف أمها، لكن لا شيء تقريبا من طرف أبيها.
حاولت دفع والدها لإجراء التحليل لكنه رفض، لتقنع عمها الذي أجرى التحليل، لتصل النتيجة بعد ذلك وتكتشف فيليسيا أنه ليس عمها ولا يمت لها بأي صلة بيولوجيا، حينها واجهت فيلسيا والديها بالأمر.
اعترف والداها أن الأب لا يمكنه الإنجاب، ولذلك استعانا حينها بمتبرع بحيوانات منوية عن طريق إحدى عيادات الخصوبة، ليتم تلقيح الأم وتحمل بفيليسيا.
كانت الصدمة شديدة عليها، ولكنها كانت مصممة على أن تعرف أباها، فتواصلت مع العيادة التي أعطتها اسم المتبرع، وتواصلت معه فيلسيا وقالت إنها ابنته.
فوجئ الرجل بالموضوع ولكنه سرّ بذلك كثيرا، خصوصا أنه دون عائلة، فتعرفا على بعضهما البعض، واتفقا أيضا أن يجري هو كذلك اختبار الحمض النووي ليتأكدا تماما.
ولكن النتيجة كانت مفاجئة، حيث ظهر أنه ليس والدها، وبمراجعة العيادة ظهر أنه قد يكون حصل خلط في العينات حينها، لأن المعايير التي كانت تعمل بها العيادة كانت بسيطة في أوائل التسعينيات.
شعرت فيلسيا باليأس حيث لا طريقة أخرى للوصول إلى أبيها، مضت عدة سنوات ومات ذلك الشخص الذي اعتقدت أنه أبوها، كما مات زوج أمها الذي رباها واعتقدت أنه أباها.
وفي أحد الأيام كانت تتصفح قاعدة بيانات شجرة العائلة التي توفرها الجهة التي تقوم بعمل تحاليل الحمض النووي، لتفاجأ بظهور امرأة قامت بعمل التحليل مؤخرا، وأنها تقربها من جهة أبيها.
بحثت فيليسيا عن هذه المرأة حتى وجدتها، كانت تعمل راهبة في نفس مدينتها، ذهبت إليها وقابلتها وحكت لها قصتها، ولم تصدق الراهبة ما تقول لأن التبرع بالحيوانات المنوية يبدو أمرا منبوذا في عائلتهم، ثم تذكرت الراهبة أمرا ما.
تذكرت أن أخاها وزوجته كانت لديهم مشاكل في الخصوبة وأنهما كانا يراجعان نفس العيادة، في نفس التاريخ الذي تم تلقيح أم فيلسيا بها.
تواصلت الراهبة مع أخيها، الذي استغرب الموضوع برمته، ولكن بعد البحث والتحقق ظهرت قصة أخرى مزعجة وحزينة لذلك الأخ وعائلته. لقد ذهب الأخ وزوجته للعيادة لمشاكل في الخصوبة، وأعطى هو حيواناته المنوية للمختبر ليتم حقن زوجته بها.
لكن يبدو أن المختبر خلط العينات، ليتم تلقيح زوجته بعينات رجل آخر متبرع، وذهبت حيواناته المنوية إلى أم فيليسيا. كانت صدمة للأخ وزوجته فهذا يعني أن ابنهما والذي هو في عمر فيلسيا ليس هو ابن ذلك الأخ بيولوجيا.
وصلت فيليسيا لأبيها أخيرا، ولكنها تركت في الطريق العديد من القصص المزعجة، وكشفت بعض الأسرار التي لم يكن يتمنى البعض لها أن تنكشف.
خيانة زوجية قبل أجيال!
لورا تعمل في مركز لتحليل الجينات، ولذلك كانت لديها الخبرة والعلم الكافي لتتبع أصول عائلتها، مما أدى بها إلى كشف مزعج للجميع، وهو أن أم جدتها كانت تخون زوجها مع رجل آخر، وأن ذلك الرجل الآخر هو والد جدتها البيولوجي.
الجدة ووالدتها كانتا قد توفيتا، لكن هذا الاكتشاف شكل صدمة للعائلة ككل، فلا أحد يرضى بأي اتهام في الشرف أو الأخلاق للأموات من الآباء والأجداد، ولذلك لا يزال جزءا من عائلة لورا يرفض هذه النتيجة تماما، ويقول إن التحليلات الطبية هي المخطئة.
"كاثرين" و"ليزا"
في عيد ميلادها السادس والخمسين، تلقت كاثرين هدية من أخيها الأكبر، فكانت عبارة عن أدوات تحليل الحمض النووي التي تم إحضارها أيضا للآخرين.
كاثرين كانت الأصغر سنا، وسط عائلة تعيش في أركانساس في الولايات المتحدة.
بعد إجرائهم للفحص جميعا كانت المفاجأة، فكلهم إخوة أشقاء إلا كاثرين التي أثبت التحليل أنها أخت غير شقيقة لهم، وأن أباهم ليس أبوها البيولوجي، ويبدو أن والدتهم كانت على علاقة غير شرعية برجل آخر في فترة من الفترات.
أما ليزا فلها قصة أخرى، حيث نشأت لدى أبوين أميركيين من البيض، ولكن بشرتها سمراء وشعرها مجعد، وحينما تمشي في الطريق يعتقد البعض أنها لاتينية أو مكسيكية، ويتحدثون معها بالإسبانية، قامت ليزا بإجراء الفحص لتظهر النتيجة أن أباها غالبا إفريقي أميركي.
صدمت ليزا بهذه المعلومة مع أنها تفسّر اختلاف بشرتها وشعرها عن عائلتها، ذهبت ليزا إلى أمها وواجهتها، ولكن الأم أنكرت أي شيء، وحينما ضغطت ليزا على أمها أكثر صرخت الأم قائلة: هل تريدين تدمير العائلة؟ لو عرف أبوك بما تقولين فسوف يقتلني!.
ولم تخبر ليزا الشخص الذي رباها والذي كانت تعتقد أنه الأب، بأي شيء لأنها تحبه ولا تريد تدمير حياته بهذا السر الخطير.
مراكز التحليل تحذر: النتيجة قد لا تعجبك
أغلب من يقومون بإجراء تحليل الحمض النووي يرونه أمرا إيجابيا لمعرفة أصول الأسرة والتواصل مع الأقارب البعيدين، وينتظرون النتيجة بكل سعادة.
لكن تكررت كثيرا أن تكون النتيجة صادمة ومزعجة، لذلك بدأت الشركات التي تقدم خدمة تحليل الحمض النووي بتقديم تحذير قبل الموافقة على إجراء الفحص، بأن النتيجة قد لا تكون حسب توقعات الشخص، وأنها أحيانا قد تكون صادمة، وتفتح صندوق أسرار لا يريد له أحد أن يُفتح، وقد يكون من الأفضل أن يبقى مغلقا.
لقد كشفت تحليلات الحمض النووي الكثير من القصص المخبأة والأسرار التي لا يريد أحد أن تتكشف، كالعلاقات غير الشرعية، والخيانات الزوجية، وحالات الاغتصاب، والخلط في عيادات أطفال الأنابيب وبنوك الحيوانات المنوية، وكان أصحابها وضحاياها يحافظون على سريتها ولا يتخيلون أن تظهر يوما ما للعلن.